بدأ ثمانية مرشحين لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة الثلاثاء، المثول أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلسات غير مسبوقة، لإيجاد خلف لبان كي مون في يناير 2017. وأول من مثل أمام الجمعية العامة وزير خارجية الجبل الأسود إيجور لوكسيتش، أصغر المرشحين (39 عاما)، وقدم نفسه على أنه يمثل "بلدا صغيرا تاريخه صاخب". وبدا عليه التوتر فيما تحدث بالإنجليزية والفرنسية عن التحديات الحالية :(الإرهاب واللاجئون ونزع الأسلحة وحقوق الإنسان...) قبل أن يشكر الدبلوماسيين الموجودين في كل لغات العمل المعتمدة في الأممالمتحدة. وتصر فرنسا على أن يكون أمين عام الأممالمتحدة ناطقا بلغتها، أيا كان إتقانه لها. في وقت سابق ذكر رئيس الجمعية الدنماركي موجينز ليكيتوفت، إنه أول إجراء من هذا النوع في تاريخ الأممالمتحدة. وعدد ميزات المرشح المثالي لهذا المنصب "استقلالية، وشخصية قوية، وسلطة معنوية، ومهارات سياسية ودبلوماسية". كما حدد أولوياته كمكافحة التقلبات المناخية، والترويج للسلام بما في ذلك "من خلال الضغط على الدول الكبرى" أو حتى "إصلاح" الأممالمتحدة. وينهي بان كي مون ولايته أواخر العام الحالي بعد ولايتين من خمس سنوات. ويوجد حاليا أربعة مرشحين رجال، وأربع نساء لهذا المنصب، لكن أيا من المرشحين لا يحظى بإجماع. ومن بين المرشحين الأوفر حظا مديرة اليونيسكو البلغارية إيرينا بوكوفا، ورئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة هيلين كلارك التي تتولى رئاسة برنامج الاممالمتحدة للتنمية، والمفوض الأعلى السابق للاجئين البرتغالي انطونيو جوتيريس. كما ترشح رئيس سلوفينيا السابق دانيلو تورك، وأربعة وزراء خارجية لدول البلقان سابقين أو حاليين هم فيسنا بوسيتش (كرواتيا)، ونتاليا جيرمان (مولدافيا)، وسرجان كريم (مقدونيا)، ولوكسيتش (الجبل الأسود). وتتواصل هذه الجلسات لمدة ثلاثة أيام، وسيتاح لكل مرشح الإجابة عن أسئلة الدبلوماسيين أولا ثم المجتمع المدني في جلسة من ساعتين عبر اتصال بالفيديو. وطرح المجتمع المدني حوالى ألف سؤال من 70 بلدا تم اختصارها إلى حوالى 30. ومنذ 70 عاما يتم انتخاب الأمين العام في مشاورات مغلقة، تجريها الدول ال15 الأعضاء في مجلس الأمن، ولا سيما الدول الخمس الدائمة العضوية (الولاياتالمتحدة، الصين، روسيا، فرنسا، بريطانيا). هذه المرة فرضت الجمعية آلية أكثر شفافية، تشبه اختيار موظف إداري رفيع، وتشمل تقديم رسالة ترشيح وسيرة ذاتية وتصريح بالمعتقدات، وأخيرا مقابلة مع دبلوماسيي الدول ال193 الأعضاء. لكن كلمة الفصل تعود إلى ممثلي الدول الخمس الكبار ، الذين يجتمعون اعتبارا من يوليو لإجراء سلسلة اقتراعات بالبطاقة السرية، قبل رفع اسم إلى الجمعية لتصادق عليه في سبتمبر. لكن ليكيتوفت اعتبر أن جلسات الاستماع كفيلة "بتغيير المعطيات" عبر التأثير على تصويت المجلس. وأوضح السفير البريطاني في الأممالمتحدة ماثيو رايكروفت، أن المسألة تتعلق بإجراء فرز أول وإبعاد "المرشحين الذين لا يتمتعون برؤية مقنعة أو لا يعبرون بفعالية ولا تبدو لديهم مقومات قيادية". وقال دبلوماسي آخر في المجلس "قد نشهد مفاجآت" على غرار بروز مرشح لم تبد حظوظه جيدة في البداية أو العكس. تقليديا يفترض أن يتحدر الأمين العام المقبل من أوروبا الشرقية، المنطقة الجغرافية الوحيدة التي لم تمثل في هذا المنصب قبلا، ما يفسر كثرة المرشحين منها. لكن ذلك ليس إلزاميا، ولو أن روسيا تصر عليه. كما تلمع فكرة ضرورة تولي امرأة هذا المنصب الذي تولاه حتى الآن ثمانية رجال. في النهاية تبقى النتيجة مرهونة بالمساومات بين الدول الخمس الكبرى، ويفترض بروز مرشحين آخرين في الفترة المقبلة، حيث طرح اسم المفوضة الأوروبية كريستالينا جورجيفا البلغارية الجنسية، ووزيرة الخارجية الارجنتينية سوزانا مالكورا المديرة السابقة لمكتب بان كي مون. غير أن بعض الدبلوماسيين الذين لم يتحمسوا إزاء أي من المرشحين الحاليين بدأوا يبحثون عن شخصية طاغية "على مقاس ميركل" في إشارة الى المستشارة الألمانية.