إنها أمريكا التي تتشدق دائمًا بالحريات وحقوق الإنسان، في الوقت الذي تمارس فيه العنصرية والتمييز ضد الزنوج، وتندد بالإرهاب بالتزامن مع تمويلها جهات مشبوهة بدعوى دعم المجتمع المدني، فالخارجية الأمريكية تعرب عن شعورها بالقلق من فتح مصر تحقيقًا بشأن تلقي عدد من المنظمات تمويلًا أجنبيًا، حيث أصدر جون كيرى وزير الخارجية الأمريكية بيانًا أبدى فيه شعوره بقلق عميق من التدهور في وضع حقوق الإنسان في مصر، بعد قرار إعادة فتح التحقيق حول نشاط المنظمات غير الحكومية المصرية، وحث كيري الحكومة المصرية على العمل مع الجماعات المدنية لتخفيف القيود عن حرية إنشاء الجمعيات، والسماح لمنظمات حقوق الإنسان غير الحكومية للعمل بحرية. وجاء هذا التصريح بعد أن فتح المستشار هشام عبدالمجيد، تحقيقات موسعة في قضية "التمويل الأجنبي لكيانات المجتمع المدني"، والتي بدأت منذ ما يقرب من خمس سنوات، بعد ورود معلومات جديدة بشأن عدد من المنظمات الحقوقية، وبعض المراكز الأهلية والإخوانية، وأشخاص متورطين في تلقي تمويل من الخارج، وقد شكل قاضي التحقيق لجنة من الخبراء المتخصصين، في الأعمال المحاسبية والفنية؛ لفحص الكيانات موضوع القضية، وكلفها بالتوجه إلى المراكز الحقوقية المتورطة في القضية، والكشف عنما إذا كانت فيها مخالفات مالية. وكانت محكمة الجنايات قد أصدرت حكمًا في يونيو 2013 بإدانة 43 من العاملين بالمنظمات الدولية من جنسيات مختلفة بأحكام حبس تتراوح بين سنة وخمس سنوات، وتم تهريب الأجانب المتهمين بالقضية إلى الخارج في طائرة خاصة، مما أثار حفيظة الرأي العام، أما المعلومات الجديدة فتفيد بأن بعض الجمعيات الدينية تتلقى منذ عام 2011 أموالًا من بعض الدول العربية، وتنفقها في غير النشاط المخصص لها، كما أن عددًا منها بلا تراخيص. إن التدخل الأمريكي في شئون مصر، أمر غير مقبول، وهو ليس بجديد على الخارجية الأمريكية، التي اعتادت إصدار بيانات ماثلة لبيانها الأخير، بينما لا تبدي أي اهتمام بحقوق الإنسان داخل أراضيها، والغريب حقًا أنها تفعل ذلك بلا أي حرج من تدخلها في شئون القضاء المصري، ولكن لن يثنينا أحد عن كشف المتورطين في القضايا التي تمس أمننا القومي لمصلحة جهات أجنبية، وليت جون كيري يفصح عن الأسباب الحقيقية لقلقه من قضية التمويل الأجنبي.