ودعت الكرة المصرية والعربية أحد أبرز معلقيها، محمود بكر، الذي وافته المنية اليوم الأربعاء عن عمر يناهز 72 عامًا، بعد تدهور حالته الصحية في الفترة الماضية، حيث عانى من مشكلات في القلب، وكان الراحل يرقد بمستشفى مصطفى كامل العسكري بالإسكندرية. كان التعليق شهادة ميلاده الحقيقية وبوابته للشهرة، برغم لعبه مع النادي الأولمبي السكندري في جيله الذهبي، وعمله كضابط بالقوات المسلحة. اشتهر محمود بكر بالتعليق الظريف خارج النص وقفشات مضحكة بدون تكلف ولا مبالغة، وتميز المعلق الكبير بالحياد، وتحليل مسار المباراة وشرح بعض تفاصيلها الفنية للجمهور، خلال المباراة مثل خطط اللعب والتكتيكات المستخدمة في التطبيق، وكان ذلك بسب استغلاله لخبرته العريضة داخل وخارج الملاعب، مما أكسبه شعبية طاغية في قلوب جماهير الساحرة المستديرة. ولعل أشهر قفشاته "عدالة السماء تنزل على استاد باليرمو" بعد هدف مجدي عبدالغني في شباك هولندا في كأس العالم 1990، كما أنه صاحب نظرية "السيجارة وكوباية الشاى فى البلكونة"، وهو أيضًا صاحب جملة "عذرًا للتأخر في نقل المباراة بسبب فاصل الإعلانات.. فالإعلانات هي من تدفع رواتبنا"، و"حدوتة محطة رمسيس وتأخر القطار"، و"الشيشة في مقاهي الإسكندرية"، واللخبطة اللذيذة في أسماء اللاعبين، في 4 يونيو 1944. ولعب محمود بكر بمركز المدافع بالنادي الأوليمبي السكندري، وتميز بالصلابة والأناقة الشديدة، فيستخلص الكرة بسلاسة وبدون مخالفات، وحصل خلال مسيرته الكروية علي لقب الدوري المصري عام 1966، وكان أيضًا ذا حس تهديفي عالي بالذات في ألعاب الهواء وأحرز في مرمى كبار الحراس. واستطاع محمود بكر خلال تواجده بالأوليمبي الفوز بالدوري بعد أن تغلبوا على الأهلي والزمالك والإسماعيلي وغزل المحلة والترسانة في عز أمجادهم، لكن للأسف لم يستطع جيله إكمال نهضة الأوليمبي نتيجة نكسة 67، واستدعاء معظم أفراد الفريق بالجيش للتجنيد "وكان هو منهم"، حيث أنهى بكر خدمته بعدما وصل لرتبة عقيد. واتجه بكر للتدريب والعمل في قطاع الناشئين بالإسكندرية، وكان له أثر عميق فأخرج إلينا ناشئين أفذاذًا مثل أحمد الكأس، وأحمد ساري، وطارق العشري، ومحمد ناجي جدو قبل، ولكنه تألق بشكل أكبر في مجال التعليق، واشتهر بالعديد من العبارات التي سجلت كعلامة مسجلة باسمه. واشتهر بكر كواحد من أهم وأبرز المعلقين الرياضيين في الوسط الرياضي، حيث جعل للتعليق الرياضي طعمًا آخر ممزوجًا ب"الإفيهات الساخرة"، والنقد لكل المشكلات المجتمعية، ودخل قلوب عشاق الساحرة المستديرة بخفة الظل والتلقائية الشديدة، والبساطة في الطرح دون اصطناع أو تمثيل.