تحتل المرأة مكانة مهمة في لوحات الفنان التشكيلي الدكتور جورج فكري، الذي يسعى لرصد أي متغير يطرأ في المجتمع من خلال معارضه المختلفة. في حواره ل"بوابة الأهرام"، يقول د.فكرى: إن المرأة، صانعة البهجة، هي بطلة معارضه، مشيرا للنماذج العديدة التي جسدتها ريشته للمرأة، فضلا عن الإنسان المهمش، وكأنه نوع من الانتصار لهذه الفئة. ويضيف أنه يفضل أن يرسم المرأة العاملة في الصعيد والوجه البحري، موضحاً أن المرأة المصرية هى ذاتها فى كل المحافظات، بحسب قوله، لكن شكلها يختلف باختلاف البيئة المحيطة. حيث تختلف البيئة الساحلية عن الزراعية أو المدينة. ويتابع: في رسوماتي أستدعي السينوغرافيا، أو المشهد المحيط بالمرأة. على سبيل المثال المرأة في الصعيد يختلف زيها عن قرينتها في المدينة. ويكشف: في معرض "بهجة السرد" لم أضع نموذجا للشخوص. من الوارد أن يكون الشخص كبيرا وحوله شخوص صغيرة في المساحات، لأني أيضا أعتمد على مساقط أفقية ورأسية من الفرعوني والقبطي، والمنمنمات الفارسية. وينوه: أستلهم تراثا ما، موجودا في الثقافة المصرية وآخذ منه النمط الشكلي، ولكني أعالجه بطريقة حداثية أو معاصرة؛ حتى يناسب محاولة الدخول في التصوير المصري الحديث. ويوضح: المرأة هنا هي البطل وحاملة البهجة؛ لأنه مهما حدث من متغيرات ثقافية واقتصادية وسياسية، نجد المرأة المصرية بشوشة، فيها الطيبة والصبر والطمأنية والحنين والألفة. ويستدعي فكري عدة مشاهد للمرأة في لوحاته: على سبيل المثال نراها وهي تخبز في الفرن محاطة بمجموعة من النساء تساعدها، أو خلال قراءتها الفنجان، أو خلال "السبوع". وأردف: أرسم البنت وهي تلعب وحولها مجموعة أطفال. لكن دائما هناك لوحات فانتازيا أو شكل من أشكال الحلم للفنان، بمعنى أنه من الممكن أن يكون داخل اللوحة من خلال الرسم، حيث يجمع عدة شخوص في فكرة واحدة، رغم أن الفكرة تستدعي عنصرين فقط. تنوعت الأحجام في معرض "بهجة السرد، إذ يقول فكري: فكرة أن يكون البطل أو الشخص محور الحديث بحجم أكبر ليست جديدة، ولكنها موجودة في أيقونات القرن الرابع، والمقابر الفرعونية. فإحداثيات التعبير لدي مأخوذة من عناصر تراثية، لكن بمعالجة معاصرة من خلال استخدام خامات مختلفة. ويشرح: أستخدم أوراقا ملونة، أو أوراق الذهب والأكريلك والباستيل والغراء البيض، وبعض الأدوات والخامات المكملة لصناعة المشهد. يعد معرض "بهجة السرد" هو الثاني عشر للفنان، ويكشف فكري عن وجه الاختلاف بين هذا المعرض وما سبقه فيقول: أسعى دائما لرصد متغير في المجتمع المصري، فأنا جزء من هذا المجتمع الذي يتكون من أفراد وفئات مختلفة. ويشير: ربما أمثل الشاب المصري البسيط أو المهمش، أو البنت المصرية، مضيفا: هناك أشياء نحاول عمل رصد لها على أساس أن نقترب منها بحيث نكون داخل المشهد. ويؤكد: طريقة التناول تختلف من معرض لآخر. "بهجة السرد" مختلفة عن "أيقونات السرد" التي قدمتها عام 2007 في بينالي القاهرة الدولي العاشر. حيث أعمل على سلسلة مشاريع أستدعيها، لكن بطريقة مختلفة. تطغى الألوان الساخنة على معظم معارض د.فكري، وهنا يوضح: طريقة البالتة، أو الألوان الخاصة، تعتمد على فكرة المعرض وهي الدفء الموجود في الإنسان المصري. هذا الدفء الذي يمثل الأمل والطمأنينة والإشراق لدى المرأة والرجل معا. بمعنى رسم الفرن الصعيدي باللون الأصفر، أو عندما أرسم الخبز الساخن، أو مظهرا من الحارة. في هذا الشكل سنجد دفئا في المشاعر، ومن ثم أحتاج إلى ألوان ساخنة. يسعى د.فكري إلى البحث والتجريب، ويلفت: يشغلني هذا من خلال المحاولة، طالما أن هناك نية مؤكدة للتجريب، ومحاولة أن يكون نجاحا أو فشلا. وهذا الفشل يؤدى إلى نجاح. ولكنه يتطلب تواصلا في طريقة الأداء. يقول فكري إنه لا ينتمي لاتجاه فني معين، موضحا: من الوارد أن أقدم فكرة يمكن تمثليها بطريقة أداء مختلفة قد تكون التجريد أو التعبير. وقد تميل إلى شيء من الواقعية مع تبسيط الأشكال. ويتساءل: لماذا أضع نفسى في إطار ضيق في تحديد الفكرة. الفكرة لها مفهوم يأتي من خلال شكل من أشكال فلسفة ما تتطلب أدوات معينة للتعبير. وحول ما إذا كان "يحدد النهاية مع أول ضربة فرشاة"، بحسب التعبير الشهير، يقول: ليس هناك شيء اسمه ضربة الفرشاة، لأن ذلك يعني تحديد نوع من الأداء قد يكون مصاحبا للمدرسة التأثيرية. ويوضح: أرسم "اسكتشات" تأتي في البداية عن طريق الاستدعاء لهذه المشاهد التي اختزنها من خلال رؤيتي، حيث أذهب للقرى في الصعيد، أدخل بيوت الفلاحين وأرى طريقة معيشتهم. كما أخترق الحقول المتسعة والهواء وكيف يستنشق الفلاح هذا، كيف تخبز المرأة، وإذا رسمت الحارة لابد أن أجلس داخل هذه الحارة وأتعرف على طريقة التعامل، حيث أرصد كل ذلك وأجسده بنوع من الفانتازيا.