لا شك في أن الصراع المتصاعد الآن بين الأحزاب وقائمة "في حب مصر" بسبب الائتلاف الذي تسعى لتشكيله باسم "دعم الدولة"، ومن جهة أخرى الصراع بين هؤلاء وبين المستقلين الذين لهم الغلبة وفقا لنظام وقوانين الانتخابات التي أفرزت البرلمان الحالي، سيصعّب من وجود ائتلاف واضح للأغلبية البرلمانية. كما يسهم إلى حد كبير في تدعيم الانتقادات التي وجهتها القوى السياسية من قبل لقوانين الانتخابات والنظام الانتخابي وتحذيراتها حول كون تلك القوانين ستنتج برلمانًا مفتتًا بدون أغلبية واضحة، وستغلب عليه كتل وائتلافات صغيرة. ويرغب قيادات قائمة وتحالف "في حب مصر" في تحويله من تحالف انتخابي لآخر سياسي وبرلماني يحوز الأغلبية تحت قبة البرلمان من أجل دعم الدولة، وربما يغيب عن الكثيرين منهم أن الظروف والأهداف التي أسهمت في تكوين التحالف وأنجحته حتى الوصول للبرلمان قد تختلف بعد ذلك. فالرغبة في الفوز بالانتخابات ضمن قائمة قالت تقارير حقوقية وحزبية إنها تحظى بدعم الدولة قد يكون سببا مغريا للبعض للانضمام لها لضمان الفوز إلا أنه قد لا يكون العامل الوحيد للاستمرار معها تحت القبة بخاصة أنها تضم في مكوناتها مستقلين وحزبيين تختلف توجهاتهم وخلفياتهم حتى وإن اتفقوا على عدم معارضة الرئيس. ولعل أبرز دلالة على ذلك هي العقبة الأولى التي واجهت نواب القائمة التي يتهمها بعض الأحزاب والمستقلون بالسعي للاستحواذ على البرلمان حيث تواجه القائمة خلافات داخلية بين نوابها حول تسكين اللجان النوعية ورئاستها فمثلا لجنة الدفاع والأمن القومي تشهد القائمة جدلا حادا حول قيادتها فى ظل رغبة أكثر من لواء من نواب القائمة الفوز برئاستها. وكذلك الحال بالنسبة لعدد غير قليل من اللجان النوعية مثل اللجان الاقتصادية والشباب والإعلام والرياضة والإدارة المحلية واللجنة التشريعية، والتي يتنافس نواب القائمة عليها فى نفس الوقت الذي تواجه فيه غضبا من المستقلين والأحزاب الراغبين فى تلك اللجان أيضاً ويرون أن القائمة تسعى للسيطرة عليها لإحكام قبضتها على البرلمان، بالإضافة إلى أن موقف المعينين بالبرلمان قد يزيد ذلك الصراع تعقيدا. وفازت قائمة "في حب مصر" ب120 نائبا وأعلن حزب المصريين الأحرار وحزب المحافظين أن القائمة انتهت بانتهاء الانتخابات البرلمانية كتحالف انتخابي إلا أن قيادات القائمة وعلى رأسهم النواب اللواء سامح سيف اليزل والنائب الإعلامي مصطفى بكرى قد أكدوا في أكثر من تصريح صحفي أخيرا أن هناك 400 عضو بالبرلمان انضموا إلى ائتلاف دعم الدولة الذى يسعون لتشكيله. وأكدوا أن 95% من المستقلين انضموا للائتلاف بالإضافة إلى أحزاب مثل: مستقبل وطن، المؤتمر، حزب الوفد، حزب حماة الوطن. وكشفت مصادر ل"بوابة الأهرام" أن هناك اتجاها بين قيادات القائمة لدراسة احتمال تحولها لحزب سياسي خلال عام أو أكثر بعد اختبار مدى نجاح ائتلاف الأغلبية الذي تسعى لتشكيله فى ارتفاع شعبيتها من جهة وفى تقديم نفسها كظهير سياسي للرئيس وللدولة من جهة أخرى، إلا أن هناك اتجاها آخر داخلها يعارض ذلك فى ظل ارتباط الشعب المصري بالتجربة السيئة للحزب الوطني، معتبرين أن تحولها لحزب سينتهي بالفشل. وانفردت "بوابة الأهرام" بتصريحات من مصادر مطلعة بحزب المصريين الأحرار الأحد الماضي كشفت أن الحزب يتجه جديا لتشكيل ائتلاف يضم نوابه وأعضاءه وقياداته ممن خاضوا الانتخابات كمستقلين ونجحوا بالإضافة إلى عدد من النواب المستقلين الذين يرحبون بالانضمام له بعد النتائج التى أحرزها في الانتخابات البرلمانية وتصدره للأحزاب من حيث عدد المقاعد. وأرجعت المصادر ذلك الاتجاه القوى لدى الحزب إلى أن قياداته ومؤسسه المهندس نجيب ساويرس يفضلون أن يغرد الحزب مستقلا تحت القبة من خلال ائتلاف يديره ويقوده يمكنه من تحقيق برنامجه الانتخابي بدلا من الذوبان فى كتلة كبيرة تختلف توجهاتها ولا تملك أجندة وأهدافا واضحة حتى الآن بخلاف تأكيدها على دعم الدولة الذى يتفق عليه الجميع فى ظل الظروف الحالية، بحسب المصادر. وهو ما أعلنه الحزب صراحة فى اليوم التالي بمؤتمره الأسبوعي على لسان متحدثه الرسمي المهندس شهاب وجيه الذي قال إن الحزب دخل البرلمان لأن لديه برنامجا يرغب فى تحقيقه وسيكون لديه كتلة مستقلة لتحقيق ذلك ويرحب بكل من ينضم لتلك الكتلة من المقتنعين بالبرنامج سواء كانوا مستقلين أو حزبيين، مؤكدا على دعم الحزب للدولة المصرية. وأضاف أنه حتى الآن لم يتم تقديم أي برنامج سياسي من تحالف دعم الدولة حتى يمكن للحزب إبداء رأيه فيه، وشن "المصريين الأحرار" هجوما على ائتلاف دعم الدولة برز فى تصريحات صحفية لقيادات الحزب اتهمت الائتلاف بالسعي للاستحواذ على البرلمان دون أجندة واضحة، وهوما عبر عنه شهاب وجيه، المتحدث الرسمي للحزب فى تغريدة له قال فيها "إن الحزب الوطني كان بلا هوية أو برنامج، ونحن ضد استنساخه، فالأحزاب تتنافس من خلال برامج لأجل مصلحة المواطن وليس لتوزيع مناصب". وأضاف "المصريين الأحرار خاض الانتخابات لأجل برنامج وليس بقصد حصد المناصب وسيكون له كتلته البرلمانية التي تعبر عن برنامجه، ومستعدون للتنسيق مع من يتفق معنا فكريا وليس من يوزع المناصب". وبدوره يجرى حزب الحرية اتصالات مع حزب الشعب الجمهوري من أجل تشكيل كتلة برلمانية من نواب الحزبين الفائزين، فضلًا عن سعيهم لضم مجموعة من المستقلين. على الجانب الآخر تسعى أحزاب التيار الديمقراطي التى فشلت فى الفوز بأي مقاعد بالبرلمان إلى دعم المرشحين المحسوبين على الثورتين وتشكيل تكتل معبر عنهما؛ حيث قال هيثم أبو العز الحريري، النائب البرلماني المستقل إن عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبي يتولى عملية التنسيق بين عدد من النواب لتشكيل تكتل برلماني يضم عددا من النواب الحزبيين والمستقلين، مشيرا إلى أنه يتواصل مع أحزاب التيار الديمقراطي بالإضافة إلى أحزاب العربي الناصري والتجمع والمصري الديمقراطي. وأضاف الحريري فى تصريح سابق ل"بوابة الأهرام" أن ذلك التكتل سيضم شخصيات عامة وخبراء فى تخصصات مختلفة، لافتا إلى أنه سيتلقى الدعم الفنى من هؤلاء الخبراء بالإضافة إلى اللجان النوعية بالأحزاب المنضمة له، والنقابات العامة والمستقلة. أوضح الحريري أنهم يسعون لتشكيل تكتل ممثل لكافة قوى المجتمع الحية برغم من قلة عدده إلا أنه سيسعى لأن يكون مؤثرا بقوة تحت قبة البرلمان، مؤكدا أنهم ليسوا مؤيدين ل25 يناير فقط بل مؤيدون ل30 يونيو كذلك، كما أنهم لن يقولوا إنهم الوحيدون الذين يحتكرون دعم الدولة أو يتحدثون باسم الثورة والآخرين ليسوا كذلك. وأضاف "نسعى للتعبير عن هموم ومشكلات المواطن المصري لأن المواطن إذا لم يشعر أن البرلمان معبر عنه سيصب غضبه عليه وسيمتد هذا الغضب للحكومة والرئيس". ويرى النائب الشاب أن الأغلبية بالبرلمان ستكون متحركة وفقا لآراء النواب ومواقفهم من القضايا المختلفة، وأنه من الصعب جمع كتلة من النواب المستقلين فى تكتل وعزل إرادتهم الحرة وفرض الإملاءات عليهم للتصويت على قرارات وقوانين حتى ولو كان تحت هدف دعم الدولة، لأن الوضع تغير بعد ثورتين والنواب يدركون أن من انتخبوهم لن يقبلوا ذلك وسيخضعونهم للمحاسبة حتى ولو كانت شعبية بعد انتخابهم مرة أخرى وملاحقتهم. وأعلن النائب خالد عبد العزيز شعبان، النائب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي أن الحزب بنوابه الأربعة يسعى لتشكيل تكتل باسم "العدالة الاجتماعية" للتعبير عن قضايا المواطن ومطالب الثورتين. وأكد الحزب أنه من الوارد أن ينسق مع الكتلة التى ينضم لها هيثم الحريرى وقد يضم عددا أكبر من النواب المحسوبين على الثورتين، مشددا على رفضه الانضمام للائتلاف دعم الدولة. كما يسعى النواب المستقلون لتشكيل تكتلات تعبر عن مصالحهم، حيث يواصل عدد من نواب الصعيد المستقلين مشاوراتهم لتشكيل ائتلاف يمكنهم من إسماع صوتهم وعمل مشروعات تنموية لقطاع الجنوب حيث يقود تلك المشاورات محمد الغول، النائب عن دائرة نجع حمادي، ومعتز محمد محمود، النائب عن دائرة قوص. وفى السياق نفسه يتواصل النائب المستقل د.سمير غطاس مع عدد من النواب المستقلين لتشكيل تحالف يضم 45 مرشحًا مستقلًا. ولعل الأيام المقبلة ومع انعقاد الجلسات الأولى للبرلمان سيمكن خلالها التحقق من مدى نجاح وتماسك تلك الائتلافات والتحالفات وخريطتها بدقة إلا أن تركيبة البرلمان الحالي وتلك المؤشرات قد تفرز تكتلات متحركة وفقا للموقف من القضايا المختلفة بدون أغلبية واضحة.