ربما كان الغناء بدار الأوبرا المصرية، حلماً يراوده منذ الطفولة جنباً إلى جنب مع حلمه الأكبر بتحرير موطنه من الاحتلال الذي طالها على مدار أكثر خمسين عاماً، ولعل الفرصة جاءته هذا العام بعد أن وقع اختيار إدارة مهرجان الموسيقى العربية ليكون هو ختام دورتها الرابعة والعشرين غداً الإثنين. محمد عساف الفلسطيني الذي عشقه الملايين من المصريين والعرب، بعد أن خطف القلوب بصوته الذي أخترق به جميع الحواجز واستخدمه في تقديم كل الألوان الغنائية فلم يكن هناك حاجزاً أمام طبقات صوته التي آمن الجميع بها، خصوصاً أهل موطنه الذين كانوا يصطفون له في المقاهي خلال مشاركته في برنامج "آراب آيدول" بموسمه الثاني متخطين سياسة المنع والقهر التي فزضها عليهم الاحتلال لدعم ابن موطنهم الذي أصبح رمزاً مهما لدولة فلسطين. "بوابة الأهرام" التقت النجم الفلسطيني بين كواليس بروفاته حفله بمهرجان الموسيقى العربية، في لقاء سريع نظراً لضيق الوقت، حيث إن اليوم الأحد، هو الوحيد الذي يتبقى لعساف لإجراء بروفات حفله المقرر إقامته غداً الإثنين. سألنا عساف في البداية عن مشاركته بالمهرجان التي كانت حلماً يراوده منذ الصغر، فرد قائلاً: أول حلم من أحلامي كان أني أغني بدار الأوبرا المصرية قبل أن أصبح مشهورا، والحقيقة أشكر إدارة المهرجان على منحي هذا الشرف، بأن أشارك في هذا الحدث الذي سبقني فيه كثير من عمالقة الفن العربي. وحول الاختلاف الذي يليه عساف من مشاركته بمهرجان الموسيقى العربية عن أي مهرجان آخر، قال: هذا المسرح مختلف لأن جمهور الأوبرا "سميعة" وذواقين، ولابد أن من يقف على هذا المسرح يكون على درجة كبيرة من الوعي باختيارته التي سيقدمها لهم، وهذا الأمر ما يجعله مختلف عن باقي الحفلات الأخرى التي نقدمها كفنانين بأي مكان آخر. ورغم شهرة عساف الواسعة في مصر، إلا أنه لم يقدم أية حفلات طوال الفترة الماضية على أرضها، وهو ما علق عليه قائلاً: الفترة الماضية لم تشهد مشاركة لكثير من النجوم العرب بحفلات في مصر، فكان قليلين من يقومون بالأمر نظراً للظروف الأمنية ولكن سيكون لي مشاركات بحفلات في مصر خلال الفترة المقبلة، وشرف عظيم ان أكون بالاوبرا في أولى حفلاتي فهذا تاريخياً يكفيني أن أبدأ من خلاله في مصر. وأعرب عساف عن استيائه من حال الموسيقى العربية في الوقت الحالي محملاً مسئولية هذا الأمر للفنانين. وذلك لعدم وجود موسيقى أو كلمة حقيقية، وقال: الان لا يوجد التزام بالموسيقى التي كنا نعرفها ونسمعها من العظماء الراحلين أمثال أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وَعَبَد الحليم حافظ، حتى مع جيل التسعينات كانت أغانيهم بها معنى ولحن وبها موسيقى حقيقية، وللأسف أصبحنا اليوم في وضع صعب. سألنا عساف عن دوره فيما تشهده الأراضي الفلسطينية حالياً من اعتداءات مستمرة من قبل قوات الاحتلال على المسجد الأقصى، وعن رأيه في الدور الذي تلعبه مصر في خدمة القضية، فرد قائلاً: في البداية أود أن أقول أن مصر كانت ولا تزال وستبقى صاحبة الدور الريادي الأساسي في الانتفاضة الفلسطينية فهي على ذلك العهد حتى هذه اللحظة فدورها تاريخي، أما ما يحدث بفلسطين اليوم سببه الاقتحامات من قبل جيش الاحتلال الصهيوني للمسجد الأقصى الذي هو حق للعرب جميعهم وليس لنا وحدنا كفلسطينيين، وأعتقد أن الأمر يجب أن نتحمله جميعاً كعرب ومسلمين لأن المسجد الأقصى هو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين فما يحدث ما لم يكن يحدث إذا كنا جميعا قادرين على التواجد والدفاع عنه لكونه حقا لكل المسلمين. وأخيراً عن ألبومه المقبل والذي يتضمن نهجاً مصرياً، وآرائه فيما صدر من ألبومات غنائية على الساحة مؤخراً قال عساف: كنت سأقدم ألبومي خالصاً من مصر ولكن الفكرة تغيرت الآن حيث ستكون الحصة الأكبر مصرية مع المشاركة آيضاً مع عدة كتاب وملحنين على مستوى الوطن العربي بحيث يكون هناك تنوع، والحقيقة أعجبني ألبوم سميرة سعيد واعتبره عملاً مميزا. وقد أجرى عساف بروفات حفله على مجموعة من الأغاني التي سيقدمها غداً منها: على حسب وداد لعبد الحليم حافظ، كل دا كان ليه لمحمد عبد الوهاب، ورد القصايل، علي الكوفيه.