أكد الدكتور جعفر عبدالسلام الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية أن الآثار والفنون الإسلامية هي رمز الثقافة والحضارة في العالم العربي كله، وأن الرابطة تحتضن كل الفنون الإسلامية، وهي التي أنشأ لها لجنة متخصصة، وهناك 200 جامعة إسلامية منتشرة في العالم الإسلامية وخبراء في هذه الفنون لديهم زاد فكري مفيد للمحافظة على التراث الإسلامي، وأن الإسلام ليس ضد الفنون والثقافة بل يعتني بهما. جاء ذلك خلال افتتاح المؤتمر الدولي الخامس للعمارة والفنون الإسلامية بجامعة القاهرة، الذي تنظمه الرابطة بالتعاون مع مع جامعة القاهرة واتحاد الآثاريين العرب على مدار يومي السبت والأحد، وحضره خبراء الآثار والتراث والترميم الدوليين فى مصر و الوطن العربى. وأشاد الأمين العام بجامعة القاهرة التي نالت أهم الترتيبات على مستوى العالم وتخرج منها نخبة كبيرة من العلماء حصلوا على جائزة نوبل، وشرفوا الأمة العربية والإسلامية بما قدموه. وأشار إلى أن إنشاء لجنة للعمارة والفنون الإسلامية بالرابطة جاء من خلال الاهتمام بالتعليم الإسلامي، وإنشاء أربعة مجلدات عن العمارة والفنون الإسلامية أخرجتها الرابطة بالتعاون مع هذه اللجنة التي يشرف عليها د. محمد علي زينهم باقتدار، وكانت سجلا حافلا في كل الدول الإسلامية لإشرافها على العمارة والفنون الإسلامية، وأن هذا المؤتمر يصل الحاضر بالماضى مع استخدام أساليب تكنولوجية حديثة، سواء في مجال الصيانة ومعالجة الخلل في المباني الأثرية حتى لا يذهب هذا الفن للفناء. وأوضح أن الزمن الذي كان يقال فيه إن الإسلام يعادي الفنون والحضارة وأصبحت هذه الفنون والآثار الإسلامية مرآة ساطعة للدين الإسلامي، ويعبر عن مدلوله، كما أن هذا الفكر الحضاري يقدم زادا فكريا نفتخر به أمام شعوب العالم، مؤكدين أننا لسنا أعداء للحضارة والفنون كما يدعي البعض، بل أن الرابطة حرصت على إضافة هذه الفنون للفقه والأصول ودراسات تتصل بالفنون والآداب وأصبحت أحد المرتكزات الأساسية للماضي والحاضر، وبتشجيع الرابطة المستمر على مشروع كلية العمارة والفنون الإسلامية بجامعة الأزهر الذي سنراه في القريب العاجل إن شاء الله. وأكد الدكتور محمد محمد الكحلاوي رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر، أننا نهدف من خلال اللجنة للحفاظ على التراث الحضاري والثقافي الذي يمثل هوية الأمة، وجاء ذلك من خلال متغيرات مؤثرة تتعرض لتداعيات مختلفة نتيجة أسباب كثيرة منها الجهل بقيمة التراث الإسلامي، وأن تراثنا هو حاضرنا ومستقبلنا، كما هو ماضينا وذاكرة أمتنا المادية، والاهتمام به واجب على كل مسلم. وأكد الدكتور عدنان الحارثي عميد شئون المكتبات بجامعة أم القرى بالمملكة العربية السعودية وممثلا عن الوفود العربية، أن المؤتمر له أهمية كبيرة لاهتمامه بتراث الأمة العظيمة التي ننتمى لها، والبدايات الأولى للحضارات الإسلامية في إنشاء مسيرة ضخمة من الحضارات، وأن منطقة الشرق الأوسط هي أكثر المناطق احتواءً للتراث، كما أننا في أمس الحاجة للاهتمام والعناية بالتراث الإسلامي في ظل الظروف الحالية التي نعيشها، وما نراه من مخاطر كبيرة تواجهنا سواء إرهاب أو سرقة آثار أو ضعف رقابة أو إهمال وضعف موارد، وهي مهددات للتراث الإسلامي، ويكون المؤتمر نواة أولى للرعاية والاهتمام بالآثار للحفاظ على هوية الأمة، في ظل العولمة في العصر الحديث، وطالب بأن تكون التوصيات عملية وقابلة للتنفيذ في هذا المجال. ومن جانبها أكدت شادية علي عبدالرازق في كلمتها نيابة عن جامعة الدول العربية، أن الآثار الإسلامية هي منارة حضارة وثقافة وإنجازات وتاريخ جاء من خلال علماء رفعوا راية المعمورة، وأشادت بدور الأثريين العرب في ظل الأحداث السياسية، والجهود المبذولة من الرابطة أمام العولمة التي تسعى لطمث الحضارة ونقلت تحيات الدكتور نبيل العربي لكل الحاضرين. وأضافت أن الأمة الحية تتطلع إلى أهداف نعتز بها من خلال هذه الآثار وتكشف عن عراقة الأمة وما مرت به من أحداث، وهي وثيقة عقد بين الأجداد والأحفاد للاعتزاز بالتراث والتاريخ وضمانة حقيقية لاستمرار جهود الأمة لحماية تراثها وهويتها وما نواجهه من تحديات كبيرة في ظل العولمة والتمسك بالموروث القومي، ووقف أي اعتداء على ما يمثل هويتنا العامة. ومن جانبه أكد الدكتور صالح لمعي رئيس مركز إحياء تراث العمارة الإسلامية، أن تراث الأمة الإسلامية تميز بتاريخ العريق والحضاري الطويل الذي هو مزيج من الحضارات العديدة التي ساهمت في تطوير الإنسان بصفة عامة. وأضاف أن العمارة والفنون لها شخصيتها المميزة والمعبرة عن أصالة الشعوب وعن عادات وتقاليد مرتبطة بعضويتها في البيئة ومدى التباين في البيئة والجمال الطبيعي، برغم أن هناك مشاكل كثيرة تظهر في التراث الحضاري، والمحافظة على هذه الفنون يمثل مرحلة هامة في تاريخ البشرية مؤثرة في الفكر الوجداني وفي العقل البشري لإظهار أجمال ما أنتجته الأنامل والحرف اليدوية التي تدل على تنوع الثقافات والقيمة العظيمة لها، وأن هناك أصالة فنية تصاعدت مع تكامل المواطن المسلم النابعة من الدين الحنيف لما للمسلم من شخصية مميزة في التراث العمراني الإسلامي من إبداع فني وتقنية أعطت للتراث شخصية فريدة، برغم ما نواجهه من مشاكل مياه وصرف صحي وحروب وتعديات عمرانية وإقامة منشآت حديثة لا تتناسب مع الشكل واللون والأزهر وابتعدت عن البيئة الإسلامية لتظهر بصورة بشعة وتغيير أهم المعالم الإسلامية التي كانت تتميز بها بعض الشوارع المصرية، وذلك من خلال ضعف وعي أثري. وناشد وزارة التربية والتعليم والإعلام بالقيام بدورهما في التوعية بقيمة هذه الآثار وحمايتها من هذا التلوث وهذا لا يتأتى من خلال القوانين فقط، ولكن من خلال الوعي بالتراث، وإنشاء معامل للحفاظ على التراث والترميم وتبادل الخبرات مع العالم الإسلامي، وترميم وتطوير المناطق التاريخية، وتطوير الحرف اليدوية والاهتمام بالحرفيين الذين أبدعوا وأنتجوا لنا هذه الآثار. وفي ختام الجلسة الافتتاحية تم تكريم كل من الدكتور محمد علي زينهم مقرر لجنة العمارة والفنون الأسبق والخبير في الحفاظ على التراث الإسلامي ورئيس لجنة الفنون الإسلامية، والدكتورة فاطمة محمد حلمي أستاذ الآثار بقسم الترميم بجامعة القاهرة، والدكتور صلاح زكي أستاذ العمارة بجامعة الأزهر وخبير الترميم الدولي، والدكتور صالح لمعي أستاذ العمارة والترميم وعميد كلية الهندسة ببيروت سابقا واستشاري في ترميم الآثار الإسلامية، الذي أكد في كلمته نيابة عن المكرمين أن هذا المؤتمر دافعا للاهتمام بمشروع كلية العمارة والفنون الإسلامية بجامعة الأزهر، وللاهتمام بصورة أوفر في صيانة وترميم الآثار والفنون التاريخية في مصر والعالم العربي, وتشجيعا للجميع لتعليم فنون العمارة الإسلامية وكيفية الحفاظ على المناطق التاريخية بجميع أنحاء العالم العربي.