في الوقت الذي تنادي فيه كبريات دول العالم بالتركيز علي التعليم والبحث العلمي تقف مؤسسات الدولة في مصر عاجزة عن استثمار طاقات خيرة أبنائها الشباب من أوائل جامعة الأزهر طوال عشر سنوات مضت وترفض تعيينهم معيدين بحجة افتقار الدرجات المالية! لكن مجيء ثورة يناير وما أعقبها من اختيار الدكتور أسامة العبد، رئيسا لجامعة الأزهر في مارس الماضي كان بمثابة انفراجة كبيرة جددت الأمل لدي ما يزيد علي اثنين وعشرين ألف طالب وطالبة من صفوة الخريجين عندما قرر تعيين جميع الأوائل الحاصلين علي امتياز وجيد جدا مع مرتبة الشرف منذ 2002 حتي الآن..وزاد من هذا التفاؤل قرار الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء بتعيين أوائل الخريجين بالجامعات المصرية بدءا من عام 2002 ، واعتبر الأوائل هذا القرار واحدا من مكتسبات ثورة يناير وناشدوا جميع المسئولين وعلي رأسهم فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الحفاظ علي هذا المكتسب وتحقيقه بشكل عادل. ورغم أن الجامعة بصدد الانتهاء من مهامها في هذا الشأن لإحالة الأمر إلي الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة إلا أن قلق أوائل الأزهر أو " مظاليم الأزهر" كما أطلقوا علي أنفسهم علي الفيس بوك من التلاعب بمطالبهم، لاسيما في ظل تضارب ما يصل إليهم من قرارات وتصريحات..كان وراء تواصل الاعتصامات حتي اليوم، من أجل المطالبة بآلية عادلة تحفظ حقوق الجميع. انفراجة..ولكن! في البداية علق ماجد حجاب (الأول علي كلية التربية 2005 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف ): علي قرار رئيس الجامعة الدكتور أسامة العبد قائلا: إن هذا القرار فاق أحلامنا بكثير، حيث إنه يقضي بتعيين عدد كبير من الأوائل وليس الأول والثاني فقط الذي كنا نطالب به دائما، وهذا يحسب لرئيس الجامعة..حيث إنه بالفعل أرسل إحصائية بأعدادنا لوزارة المالية..وقمنا بأنفسنا بمتابعة تطورات الموقف، وتوجهنا نحن الأوائل إلي وزارة المالية وأخبرنا أحد المسئولين بإحالة الأمر للجهاز المركزي للتنظيم والإدارة للدراسة والبحث، وعلى الفور توجهنا للتنظيم والإدارة وأكد أحد المسئولين هناك بعدم وجود أي مشكلة في توفير الدرجات المالية التى تحتاجها جامعة الأزهر( 22100 درجة مالية ) وهنا تساءلنا: أين المشكلة إذن.. وإذا كانت الدرجات متوافرة فلماذا لم نحصل عليها طيلة السنوات الماضية ولماذا كل هذا التراخي والبطء الشديد الذي نلمسه .. والبيروقراطية فى التعامل وإلقاء كل جهة اللوم علي الأخري دون النظر إلي الحالة الرهيبة التي نعيشها بسبب التسويف؟. انتقائية التعيين وأضاف حجاب: لماذا أبناء الأزهر بالذات الذين تتأخر درجاتهم وترفض الدولة تعيينهم وتكليفهم طيلة هذه السنوات.. ولو كان الأوائل أبناء أحد المسئولين لتم تعيينهم فورا ، بل وربما يتم تفصيل إعلان له أو حجز مكان له لحين التخرج. فرغم أنني الأول علي دفعتي (كلية التربية 2005 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف ) إلا أنه تم تجاهلي وتعيين الترتيب الثمانين لأنه شقيق أحد الأساتذة بالكلية وتوجهت بمظلمتي إلي جميع المسئولين ولم أجن غير الوعود فقط. لذلك فإننا نطالب بتلافي تلك السلبيات وإنصاف المظلومين والتزام الجامعة بقواعد موحدة تقوم علي العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين الجميع. الأمر نفسه يؤكده عزت حمدي الشاذلي (جيد جدا مع مرتبة الشرف) محذرا من استمرار وجود الانتقائية في التعيين، وقال: لقد صدر قرار بتكليفي معيدا بقسم النبات كلية علوم الأزهر بأسيوط في أبريل 2006 وأرسلت لي الجامعة خطابا بذلك.. ولكنني فوجئت باستبعادي وإلغاء تكليفي وإصدار قرار آخر يقضي بتعيين ابن أحد الأساتذة بدلا مني بالرغم من أحقيتي لذلك. نصدق من؟! هدى جعفر محمد أحمد (كلية الدراسات الإسلامية والعربية بسوهاج دفعة 2002 بتقدير عام جيد جدا مع مرتبة الشرف) تقول:.. وفقا لقرار رئيس الجامعة بتعيين الأوائل أعلنت كليتي أسماء الخريجات الحاصلات علي ( تقدير امتياز أو جيد جدا مع مرتبة الشرف ) من دفعة 2002 وإلى دفعة 2010 لتعيينهن معيدات، وحيث إنني الوحيدة من خريجات شعبة اللغة العربية التي تنطبق عليها هذا الشرط ، فقد تم إدراج اسمي ضمن الخريجات اللاتي أرسلت أسماؤهن للجامعة، غير أنني فوجئت من الكلية بأنه تم استبعاد خريجات دفعة 2002 الحاصلات على ( تقدير امتياز أو جيد جدا مع مرتبة الشرف ) لأنه قد تم تعيينهن بالفعل رغم أن ذلك غير صحيح، بدليل أنني بلا عمل حتي الآن. إداريون أم معيدون؟! الأمر نفسه يؤكده أحد الأوائل قائلا: فوجئنا بخطاب موجه إلي جامعة الأزهر من أمين عام المجلس الأعلي للجامعات متضمنا ضرورة موافاة المجلس الأعلي للجامعات للعشرين الأوائل من خريجي الكليات في الفترة من 2003 حتي الآن مع مراعاة ان يتضمن هذا البيان : طلاب المنح ( ماجستير ودكتوراة ) واحتياجات الجامعات الفعلية من الإداريين في التخصصات المختلفة من الخرجين العشرين الأوائل.الأمر الذي يدعو للتساؤل:هل سيبدأ التعيين من دفعة 2002 كما جاء قرار رئيس الوزراء ورئيس الجامعة أم سيبدأ من 2003 كما لاحظنا من خطاب الأعلي للجامعات؟وهل المقصود بهذا الخطاب تعيين الأوائل إداريين بدلا من التعيين علي درجة كادر خاص ( معيد ) وهل هذا ما يستحقه الأوائل بعد هذه المعاناة؟!. فأي القرارات سيتم تفعيله ؟ ومن المسئول عن هذا التخبط الذي يعاني منه الأوائل؟ تضارب التصريحات ويقول أحد الأوائل: مما يزيد هواجسنا أننا أثناء اعتصامنا بإدارة الجامعة طمأننا رئيس الجامعة بأنه ستكون هناك آلية عادلة لتسكين الدرجات المالية ولن يتم استبعاد أي دفعة من الدفعات، وإذا بأحد مستشاريه القانونيين ينفي لنا هذا الكلام ويقول بأن الاختيار سيكون انتقائيا وأنه سيتم استبعاد بعض الدفعات...بالإضافة إلي تأكيد مسئول آخر بإدارة الجامعة أن ما تقوم به الجامعة الآن هو تضييع للوقت ولن يتم تعيين أحد إلا بإعلانات مفصلة لمصلحة ذوي الحظوة كما كان في السابق ..مما يجعلنا في حيرة من هذه التناقضات..وهذا كان سبب إصرارنا علي الاعتصامات حتي تتضح الرؤية بالنسبة لنا ونري تطبيقا عمليا لما نسمعه. لا للمقارنة بين الدفعات وتقول أسماء أحمد إحدي الأوائل الذين يخضعون للتكليف حاليا : لقد سبق لرئيس الجامعة مشكورًا أن وعدنا أكثر من مرة بعدم المقارنة بين أوائل دفعتي 2009 و2010، كما تفضل ووعدنا بأن يكون التعيين في كل الأقسام، .وكانت كلياتنا قد قامت بترشيحنا بعد موافقة مجالس الأقسام، واعتمد مجلس الكلية هذا الترشيح، وأرسلت الكلية إلى الجامعة مذكرة تبين حاجة الكلية إلى تعييننا، وإذا بنا نفاجأ الآن بهذا القرار الذي يطلب تفعيل التكليف القديم بالمقارنة بما فيها من ظلم لكثير منَّا، ففي أحيانٍ كثيرة يكون الأول والثاني –من الدفعتين بعد المقارنة- من دفعة واحدة؛ مما يؤدي إلى سقوط دفعات كاملة من التكليف كما حدث بالفعل مع دفعة 2010 بكلية اللغة العربية بالمنصورة، وكذلك كلية الدراسات الإسلامية بنات بالمنصورة، ودفعة 2010 بكلية اللغة العربية إيتاي البارود.. وهل من العدل أن تقوم الكليات ذات الأقسام ككلية العلوم وكلية الزراعة بتعيين الأول على كل شعبة داخل القسم، الأمر الذي ينتج عنه تعيين عدد ربما يصل إلى ثلاثة أو أربعة معيدين في القسم الواحد، على الرغم من أن أول الشعبة هذا ليس شرطا أن يكون من العشرة الأوائل على الكلية، بل ربما كان صاحب الترتيب العشرين أو يزيد، في حين لا تستطيع الكليات ذات الأقسام العامة - التي يكون التخصص فيها في مرحلة الدراسات العليا- أن تعين من الدفعة الواحدة بحسب عدد الأقسام العلمية، الأمر الذي يترتب عليه أن يصبح أصحاب الترتيب الثاني والثالث والرابع على الكلية كلها على أرصفة الشوارع، مع العلم أن كل واحد منهم هو أول أحد الأقسام العلمية تبعا لنسبة المواد المؤهلة للقسم.وتطالب أسماء بإلغاء نظام المقارنة مبررة ذلك بأن الطالب يذاكر ويجتهد ليكون أول دفعته فقط لا ليكون الأول علي دفعته ودفعة سابقة أو لاحقة. اللغة الصينية بلا دراسات عليا! مأساة جديدة يرويها أحمد لطفي حافظ ( من أوائل كلية اللغات والترجمة القسم الصيني شعبة دراسات إسلامية تقديرجيد جدا مع مرتبة الشرف والثاني علي دفعة 2007) يقول: بعد تخرجي رشحتني الكلية للعمل معيدا بها، غير أن الجامعة رفضت نظرا لعدم وجود درجات مالية، رغم أنه لم يعين بالقسم إلا ثلاثة معيدين ودكتور واحد فقط، سلمت بالأمر الواقع واتجهت لعمل دراسات عليا بالقسم فكانت الطامة الكبري أنني اكتشفت أن القسم ليس به دراسات عليا أصلا، ورفعت تظلمات وشكاوي لجميع المسئولين لكن بلا جدوي، مع العلم بأن الجامعات الأخري لا تسمح لنا خريجي قسم الدراسات الإسلامية بالصينية بعمل دراسات عليا بها لأننا درسنا اللغة بالمواد الشرعية فقلت أنا وزملائي ليس أمامنا إلا العمل أئمة بالأوقاف لنأخذ فرصتنا في الابتعاث للخارج أسوة بزملائنا حملة اللغات المختلفة فإذا بنا نفاجأ مرة أخري بأنه غير مسموح لنا بالمشاركة في مسابقات الأوقاف ولا ندري لماذا!! وتوجهنا بالشكوي للدكتور عبد الله الحسيني وزير الأوقاف الحالي ورئيس جامعتنا السابق غير أنه لا حياة لمن تنادي!! آلية عادلة ..هذا وقد اتفق"مظاليم الأزهر" من الأوائل علي عدد من المطالب التي تمثل بالنسبة لهم الآلية العادلة لتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص وقد سبق أن ناشدوا بها المجلس العسكري لضمان حقوقهم .. كما تقدموا ببلاغين للنائب العام ورئاسة الوزراء..وأهم هذه المطالب هي: 1) مراعاة وزارة المالية الظلم الواقع علي أوائل الأزهر في السنوات الماضية ومنحهم درجات مالية كافية لتحقيق العدالة والمساواة بأقرانهم في الجامعات الأخري ..مع سرعة تفعيل هذا المطلب بما لايضيع حقوق أي منهم. 2) إعطاء الأولوية لتعيين الأول والثاني من كل قسم بكل دفعة علي حدة بدءا من أوائل دفعات 2002 فصاعدا. 3) إلغاء نظام المقارنة بين الدفعات وعدم التفرقة بين الأصول والفروع في التعيين أوالتكليف، أي يؤخذ من كليات الفروع كما يؤخذ من الأصول. 4) أن يتم التعيين معيدين "كادر خاص" وليس إداريين كما يتردد. 5) تصحيح أوضاع المعينين خارج الجامعة وإلحاقهم بالكادر الخاص بجامعة الأزهر وليس استثناءهم. ....................... ومن جانبنا فإننا نناشد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ورئيس الرابطة العالمية لخريجي الأزهر في العلم كله التدخل لدي الأجهزة الإدارية بالدولة وضمان تحقيق هذه المطالب، فلا يزال الأمل معقودا علي شيخنا الجليل..ونحن علي يقين بما لفضيلته من ثقة وتقدير لدي المجلس العسكري ومجلس الوزراء..من أجل إنصاف أوائل الأزهر وصفوة خريجيه.