قال الرئيس السودانى عمر البشير أن السودان يحتاج إلى مصر ويفتقد دورها القيادى فى أفريقيا بعد أن أدى غيابها الطويل، إلى تحويل القارة السوداء إلى مسرح مفتوح لإسرائيل، مشيرا إلى أن بلاده كانت أكثر المتضررين من هذا الغياب. وخلال استقباله الوفد الشعبى المصرى بقصر الضيافة الرئاسى بالخرطوم اليوم، أبدى البشير أمله فى إزالة كل العقبات التى تقف فى طريق شراكة حقيقة بين البلدين فى كل المجالات، ولفت إلى السودان بأرضه ومياهه ومصر بقدرتها البشرية والعلمية يمكن أن توفر الأمن الغذائى للبلدين، مجددا قوله "نحن ورثة الحق الاتحادى". وأعلن البشير، عن تقديم الحكومة السودانية الدعم الكامل للمستثمرين المصريين، قائلا "أى مستثمر سيجد منا الدعم والسند والرعاية الكاملة"، ووصف زيارة الوفد الشعبى للسودان بأنها ستفتح آفاقا كبيرة للعلاقات بين البلدين، مطالبا القيادة السياسية فى مصر بإزالة العوائق، أما حرية الحركة أمام المواطنين فى البلدين، تفعيلا لمبادرة الحريات الأربعة (العمل والإقامة والتنقل والملكية) التى أطلقها السودان. وقال الرئيس السوداني إن زيارة رئيس وزراء الحكومة المصرية الدكتور عصام شرف الأخيرة للسودان فى أول زيارة رسمية له خارج مصر، طمأنت السودانيين إلى أن العلاقات المصرية السودانية بدأت تعود إلى وضعها. وحول مسألة حلايب، قال البشير "إن الحدود بين البلدين رسمها الإحتلال الإنجليزى، لكننا لسنا متعصبين فى شأن هذا الشأن، وحلايب ليست أزمتنا مع مصر"، مضيفا "نحن سعداء بعودة العلاقات لأنها ستزيل أى حواجز وتبنى جسورا للتواصل". وكان الوفد الشعبى وصل إلى العاصمة السودانية الخرطوم مساء أمس فى أول زيارة من نوعها للسودان بعد ثورة 25 يناير، بهدف تعزيز العلاقات بين الشعبين، وسط آمال السودانيين فى أن تكون هذه المبادرة بداية لانتقال العلاقات من برودة الصحف وتبادل القبلات البروتوكولية إلى العلاقات الحميمية والمصالح. وعقد الوفد الشعبى فى أعقاب لقاء البشير اجتماعا مغلقا مع قيادات حزب "المؤتمر الوطنى" الحاكم برئاسة الدكتور نافع على نافع نائب رئيس الحزب إن وبحضور مصطفى عثمان إسماعيل رئيس قطاع العلاقات الخارجية بالحزب وأبوبكر الصديق أمين أمانة الدول العربية بالحزب، وأحمد عمر مستشار الرئيس السودانى. وأعلن السيد البدوى، رئيس حزب الوفد خلال الاجتماع عن مبادرة شراكة بين البلدين غير هادفة للربح تقوم على تبرع رجال أعمال مصريين ب 10 من ثرواتهم لزراعة مليون فدان يتم تمليكها لأسر مصرية وسودانية، على أن يوزع الربح مثالثة بين الأسر المصرية والسودانية وإدارة المشروع، مشيرا إلى أن صاحب المبادرة هو النائب السابق مصطفى الجندى مساعد رئيس حزب الوفد للشئون الإفريقية. وأوضح البدوى أن مصنعه للأدوية بالسودان سيوفر خلال 18 شهرا 50% من احتياجات السوق المحلية، وألف فرصة عمل للسودانيين، وقال البدوى إن الحكومة السودانية أوفت بالتزاماتها فى مجال الحريات الأربعة وتوفر مناخ إستثمار هائل. ودعا إلى التعامل مع السودان من منظور غير أمنى يليق بالعمق الإستراتيجى لمصر فى أفريقيا، مشيرا إلى أنه سيبحث خلال لقائه مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة الأربعاء المقبل إلغاء تأشيرة دخول السودانيين مصر. وقال البدوى أن مصر عادت إلى السودان بعد أن أعادت ثورة 25 يناير ملكيتها للشعب المصرى الذى أصبح صاحب القرار متحررا من أى أجندات خارجية ولا تحركه غير مصالحه ومشاعره، مشيرا إلى أن غياب مصر عن أفريقيا أفقدها سندا قويا فى المحافل الدولية كانت مظاهرة الأخيرة فى حصول مصر على صفر المونديال وهو ما اعتبره دليلا وقتها على غيبوبة الحكم. وقال عمرو حمزاوى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وعضو الوفد الشعبى، أن الثورة المصرية تحتاج إلى حاضنة إقليمية تقدم الدعم الإقتصادى، واشار إلى أن العالم العربى وإفريقيا وفى مركزها السودان تعد الحاضنة الرئيسية للثورة، بالنظر إلى أن الحاضنة المتوسطية تعانى صعوبات فى هذا الشأن، وهو ما يتطلب إعادة تنشيط العلاقة مع الدول العربية وأفريقيا وإعادتها للمضامين النبيلة والإيجابية، قائلا "إن مصر تحتاج مساعدة حكومة وشعب السودان والإنفتاح على قضايا تنموية أهملناها". وحاول حمزاوى تبديد قلق قيادات حزب المؤتمر بشأن الأوضاع فى مصر، لافتا إلى أمرين، الأول أن مصر تحولت إلى ما يشبه مسرح يونانى كبير يعج بحيوية سياسية غير مسبوقة، إذ باتت المحاضرات السياسية تلقى إقبالا أكبر من مباريات كرة القدم، والثانى أن وجود جدول واضح لإدارة الحكم الانتقالى رغم ما به من صعوبات يبعث على الطمأنينة. ولاقت مبادرة الوفد بزيارة السودان، ترحيبا شعبيا وسياسيا، عكسه دفء الاستقبال الرسمى فى مطار الخرطوم مساء أمس الأول برئاسة مستشار الرئيس السودانى الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل وعدد من المسئولين السودانيين، مرورا بالحفل الفنى الذى أقامه النائب معتصم جعفر رئيس اتحاد كرة القدم السودانى، للوفد وحضرته نخبة من رجال الأعمال والسياسيين. وأعرب جعفر عن سعادته بزيارة أول وفد شعبى لبلاده بعد الثورة المصرية، مطالبا برفع شعار "مصر والسودان دولة واحدة". ويتجه الوفد إلى جوبا بعد غد الإثنين للقاء رئيس دولة جنوب السودان، على أن يتجه إلى إريتريا بعد غد الثلاثاء. ويضم الوفد السيد البدوى، رئيس حزب الوفد، والدكتور على السلمى رئيس حكومة الظل بالحزب، وعمرو حمزاوى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والقياديان بحزب التجمع حسين عبد الرازق ونبيل زكى، ومحمد أبوالعزم نائب رئيس حزب "الغد – أيمن نور"، والدكتور سمير عليش أمين عام المركز الوطنى للمنظمات الأهلية، وسامى أرميا أمين عام جمعية الشبان المسيحيين.