نجح رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريم ديسيلين الذي يتوقع أن يفوز بولاية ثانية على رأس البلاد في الانتخابات العامة الأحد، في السير على خطى سلفه الراحل ميليس زيناوي وبرهن على حس توافقي. وديسيلين الذي تدرج في السلطة في عهد ميليس، بشاربيه ونظاراته الدقيقة وملابسه الداكنة وبنيته القوية (49 سنة) حقق مسيرة سياسية غير عادية في بلده. فبعد أن درس الهندسة تدرج في السلطة دون عراقيل حتى وصل إلى قمة الحكم الأثيوبي المنغلق. وقد رعى ميليس زيناوي الذي توفي في العشرين من أغسطس 2012 بعد أن حكم البلاد 21 سنة، هايلي مريم الذي كان مستشاره ثم وزيرًا لمدة خمس سنوات، ثم رفعه في 2010 الى منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية. ويمثل هايلي مريم جيلا جديدا في قيادة البلاد، خلافا للحرس القديم الذي يتحدر من منطقة تيغري وتعلم في صفوف حركة التمرد ضد منغستو. مما أدى الى إطلاق تكهنات عن حجم سلطته داخل أجهزة الحكم. وقال مصدر على اطلاع واسع على السلطة الإثيوبية إن "بعض المؤشرات تدل على أن سلطته على قوات الأمن ضعيفة. فقد أدرك أنه رجل التوافق بين مختلف التيارات ويواصل السير على الطريق الذي خطه ميليس". ومنذ وصوله الى السلطة، عين ديسيلين ثلاثة نواب وزراء ووضع نظام حكم جماعي بعيدا عن العمل بتفرد كما كان يفعل سلفه. وقال دبلوماسي غربي "إنه أسلوب مختلف عن أسلوب ميليس الذي كان يتخذ كل القرارات. هايلي مريم قيادي احدث". ويتميز هايلي مريم بانتمائه إلى أقلية صغيرة جدا وهي الوولايتا في جنوب إثيوبيا التي استقرت في منطقة تعرف باسم "أمم وجنسيات وشعوب الجنوب" وهي واحدة من تسعة كيانات اقليمية قادها في الجنوب طيلة خمس سنوات. وهذه المنطقة تقع جغرافيا في الجهة المقابلة تماما لمنطقة تيغري في الشمال التي يتحدر منها ميليس زيناوي ورفاقه في جبهة تحرير تيغري النافذة التي ما زالت حتى اليوم تشكل العمود الفقري لتحالف الجبهة الثورية الديمقراطية للشعوب الإثيوبية. من جهة أخرى هايلي مريم بروتستانتي بينما معظم المسيحيين الذين يشكلون غالبية في البلاد، ينتمون الى الطائفة الأرثوذكسية. وقال دبلوماسي آخر إن "أهل تيغري ما كانوا قادرين على إبراز تيغري آخر لأن الإتنيات الأخرى كانت سترفضه وهايلي مريم كان يمثل الحل الأكثر قبولا للمرحلة الانتقالية". وكانت مجموعة الأزمات الدولية قالت في تقرير إن "الأصول الإتنية (لهايلي مريم) قد تعتبر ميزة لأنه ينتمي إلى مجموعة تشكل أقلية في منطقة متعددة الإتنيات، والأهم من ذلك أنه لا ينتمي إلى الأورومو أو الأمهرة" أكبر مجموعتين عرقيتين في البلاد. وقبل أن يصبح ديسيلين رئيسا للوزراء، قال برهانو نيغا المعارض المقين في المنفى والرئيس السابق لبلدية أديس أبابا إنه "مدفيديف في مجموعة من الرجال الذين يشبهون بوتين ومشغولين بحل خلافاتهم الداخلية داخل الحزب الحاكم". ويشير نيغا إلى رئيس الوزراء الروسي الحالي الذي دفع إلى الرئاسة بين 2008 و2012 بينما احتفظ فلاديمير بوتين بالجزء الاساسي من السلطة. وخلال ثلاث سنوات في السلطة، تابع هايلي مريم خط ميليس مواصلا سياسة الأشغال الكبرى وتطوير البنى التحتية وبين أهم المشاريع التي نفذت سد النهضة الكبير على نهر النيل وترمواي أديس ابابا. كما سيبدأ تشغيل خط للقطارات مع جيبوتي في أكتوبر. لكن ديسيلين الذي يعتبر أكثر اهتمامًا بالخارج من سلفه ويؤيد تطوير القطاع الخاص، لم ينفذ الوعد بالانفتاح الديموقراطي. فالمعارضة تدين باستمرار التضييق في الانتخابات ومضايقات السلطات. وقد اثار سجن عدة صحافيين وستة مدونين بموجب قانون مكافحة الارهاب استياء الاسرة الدولي. وهايلي مريم متزوج من العالمة الاقتصادية رومان تيسفاي التي تعرف بها في الجامعة وأب لثلاثة أبناء. وهو ينتمي الى عائلة من 11 ولدا. والأحد يرجح أن يحصل هايلي مريم الذي صرح في ديسمبر أن أصعب جانب في منصب هو مواجهة الفقر المدقع، على خمس سنوات إضافية لمواصلة التنمية بهدف جعل إثيوبيا بلدا الدخل فيه متوسط بحلول 2025.