"الأكل والشرب في إيد الحلنجية والطمًاعين غلوا الطماطم والملوخية تدخل سوق الخضار يجيلك ذهول من سعر دي ودية والفاكهة مش للغلابة شروة واحدة تضيًع القبضية من بعد تحرير الأسعار والدنيا مترتبة ترتيب فلاتية وغلا الأسعار قرب يجيب للحاجة زينب سكتة قلبية"... هكذا وجدتنى أردد هذا الكلمات - على وزن ما قاله الزجال الكبير بيرم التونسي- وأناأتجول فى الأسواق لا لأشترى .. فأنا مثل كل المصريين، فقدت القدرة حتى على شراء كيلو طماطم، ولكن لأتفرج -بحسرتى- على "الجزر والخيار والبقدونس والبرتقال والرمان وبقيةالخضراوات والفواكه"، التى تحولت -أو ستتحول- إلى حلم صعب المنال، ليس من السهل الحصول عليه. وهى الحالة نفسها، لكل من يدخل إلى أى سوق من أسواق الخضراوات والفاكهة، ويضطر للخروج منها دون أن يشترى شيئا، مكتفيا بأن يترحم على الأيام الخوالي، عندما كان يخرج من نفس السوق محملا بكل مالذ وطاب. فقبل سنوات ، كانت أسعار الخضراوات والفاكهة، تتوقف على إذا ما كنت من سكان المناطق الشعبية، أم الراقية.. وإذا كنت تقوم بالشراء من متجر كبير أم بائع متجول. أماالآن فقد أصبح الارتفاع الجنونى في الأسعار، عنوانا مشتركا لكل الأسواق، وإذا كان المستهلك "العادي"، يواجه معاناة في شراء ما يريده من الخضراوات والفاكهة، فإن محدود الدخل تكاد تنعدم فرصته، حتى فى أن يشاهد هذه الفاكهةأوالخضراوات عن قرب. الغريب أن ذلك يحدث في الوقت، الذي يؤكد فيه أحدث التقارير الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، انخفاض بعض أسعار المحاصيل بنسبة تصل إلى 50 بالمائة. إلا أن واقع الأسعار يثبت عكس ذلك. فبالنسبة للفاكهة -مثلا- إذا ماقارنا أسعارها، خلال تلك الفترة بنظيراتها من العام الماضي، نجد أن سعر كيلو العنب وصل إلى 9 جنيهات، بدلا من 3 جنيهات، وارتفع سعر التفاح البلدي إلى 7,5 جنيه، مقارنة بجنيهين العام الماضي، و المانجو إلى 13 جنيها بزيادة قدرها 6 جنيهات. وعن سعر البرقوق هذاالعام، فحدِث ولا حرج ،فقد وصل الكيلو إلى 27 جنيها، بزيادة قدرها 12 جنيها عن العام الماضي. الخضراوات أيضا أصابتها حمى الارتفاع، وفى مقدمتها صاحبة لقب "المجنونة".. حيث وصل سعر كيلو الطماطم إلى 12 جنيها، بدلا من جنيهين العام الماضي، والفاصوليا 17 جنيها، مقارنة ب 3 جنيهات، والبطاطس 4 جنيهات مقابل 1,5جنيه. وارتفع سعر الثوم المصري إلى 15 جنيها مقابل 8 جنيهات العام الماضي، بينما الفلفل الأخضر وصل إلى 5 جنيهات بدلا من 3 جنيهات. وحول ارتفاع الأسعار، يقول الدكتور أحمد عبد اللطيف -أستاذ الفاكهة بكلية الزراعة جامعة القاهرة-، إنه في السنوات الأخيرة، تعرض بعض أنواع الفاكهة للانهيار التام، بسبب ارتفاع منسوب المياه في الأراضي، والري بمياه الصرف الصحي، والتي شوهت المحاصيل وأصابتها بمرض "التصمغ"ومرض "دودةالجذر"،الذي يصيب جذر الشجرة بالشلل، إضافة إلي عدم اهتمام المزارعين بعملية التقليم وتجديد وحدات الثمار، وكذلك إهمالهم مقاومة الآفات الضارة. كل هذا أدى إلى نقص المحاصيل المنتجة، وبالتالي زيادة أسعارها. السوق "زى البورصة".. الأسعار" يوم طالع ويوم نازل".. مشهد يصفه محمد الجوهري -تاجر جملة- بسوق العبور، ويجسده"المزاد" الذي يعقد يوميا في الصباح الباكر، لبيع الخضراوات والفاكهة، ويحضره التجار والمزارعون بمحاصيلهم، والسعر الذي يرسو عليه المزاد، يتم البيع به إلى تجار التجزئة،الموجودين بالأسواق الشعبية، والذين يقومون برفع الأسعار،لتعويض ما يدفعونه من رسوم لتحميل المحاصيل، وشراء وتصليح الأقفاص، والأجولة التي توضع بها الخضراوات والفاكهة. أسباب أخرى لزيادة الأسعار يذكرها المزارعون أنفسهم، سواء تقلب حالة الطقس، وارتفاع درجات الحرارة لفترات طويلة في العام، وقلة سقوط الأمطار، التي أدت إلى إصابة الفاكهة بالأمراض، مما انعكس على إنتاجية المحاصيل -بحسب قول رمضان الفرغلى "مزارع "- الذي اشتكى أيضا من ارتفاع أسعار الأسمدة داخل الجمعيات الزراعية..الأمر الذي أدى إلى قيام المزارعين باقتلاع الأشجار من الأرض، لعدم قدرتهم على تحمل تكلفةالزراعة، وبدأ بعض المحاصيل في الانقراض مثل البرقوق والمشمش. الفلاح ليس له ذنب في غلاءالمحاصيل، فهو يتحمل تكاليف باهظة من أسمدة ومبيدات، وماإلي ذلك من متطلبات الزراعة، بالإضافة إلي البنزين الذي أدى إلى زيادة أسعار النقل والشحن وكذلك أجور العمالة المرتفعة.. كل هذه العوامل لابد من وضعها في الحسبان ..هذا مايراه فوزي عبد الرحيم مزارع ، مشيرا إلي أوجه الاستغلال والاحتكار الموجودة فى سوق العبور ،ومنها عملية "الضمان"، التي يمارسها التجار والمصدرون، الذين تربطهم مصالح مشتركة بالتعاون فيما بينهم، وتمرير صفقاتهم، كاحتكار نوع واحد من الفاكهة وشراء محصوله من البساتين، بأسعار بخسة عن طريق الضغط على الفلاح صاحب الإنتاج الزراعي ، الذي لا يستطيع تسويق إنتاجه في الأسواق الداخلية. ويلقى عبد العزيز حسن -تاجر جملة بسوق العبور- اللوم على الدولة قائلا:العرض والطلب أصبحا المتحكمين الرئيسيين في السوق حاليا، على عكس السابق، كانت هناك آلية لتحديد وضبط الأسعار، تشرف عليها "وزارة التموين" سابقا "التضامن الاجتماعي" حاليا. ويرجع حسن اختلاف الأسعار، لغياب آلية الضبط، ملتمسا للتجار العذر ورغبتهم في تحقيق ربح، نظرا لما يدفعونه من رسوم أرضيات وإيجارات لدى محافظة القاهرة، فضلا عن غياب المنظومة الزراعية، فالفلاح يزرع ما يشاء ليحقق أرباحا سريعة، ومن هنا تحدث الندرة في بعض المحاصيل، والتي تؤدى إلى ارتفاع أسعارها على التجار بأسواق الجملة، وارتفاع أكثر حدة على المستهلكين فالمسئولية في الزيادة ليست على التجار وحدهم. من ناحيته يؤكد حسن نور الدين -رئيس شعبة الخضر والفاكهة بالغرفة التجارية، بمحافظة القاهرة- أن ارتفاع الأسعار يرتبط ارتباطا وثيقا بالإنتاج، حيث ترتفع أسعار المحاصيل القليلة، كما حدث بالنسبة للمشمش والخوخ والتفاح، التي أثرت العوامل والظروف الجوية على كميات المحصول منها، بينما انخفضت أسعار البطيخ، بسبب كثرة انتشاره في الأسواق وتوافره بكميات كبيرة. وأوضح نور الدين أن زيادة كميات العنب المصدرة إلى الخارج، ساهمت في رفع أسعاره بالأسواق المحلية بصورة كبيرة، مؤكدا أن عدم وجود توازن بين الكميات، التي تحتاجها السوق وبين ما يتم تصديره يسهم في مضاعفة سعر السلعة، مطالبا بتدخل الأجهزة المسئولة لتوفير كل السلع والمنتجات التي تحتاجها السوق المحلية، حتى لا يؤدى نقصها إلى ارتفاع إضافي بالأسعار.