في الوقت الذي يشكو فيه تجار خردة الحديد والمعادن من ركود حاد في السوق وصعوبة تسويق منتجاتهم، يصرخ أصحاب مصانع الصناعات الهندسية من ندرة الخردة وارتفاع أسعارها وطالبوا الحكومة بالحفاظ عليها ومنع تصديرها باعتبارها من الثروات الأساسية، لذا فإنهم اقترحوا زيادة رسم الصادر عليها حتي لا يهدد ذلك بإغلاق هذه المصانع. الحاج فتحي حسن تاجر بالسبتية برمسيس يقول إنه يتاجر في خردة المعدات الثقيلة مثل الأوناش وقطع غيارها بأنواعها المختلفة وأنه يحصل علي هذه البضائع من خلال المزادات التي تنظمها القطاعات الحكومية أو الشركات الاستثمارية ويدخل في هذه الممارسات ويشتري هذه المنتجات بملايين الجنيهات ثم يقوم بتوريدها إلي مصانع الحديد بسعر 1700 جنيه للطن الواحد لتصنيعها حديد للتسليح وللقمرات لأعمال المباني. لكنه الآن لديه مشكلة فهو يقول إن لديه كميات كبيرة من هذه الخردة ولا يجد مكاناً شاغراً لتخزينها فيه وهي تكلفه نفقات حراسة علاوة علي تعرضها لظروف المناخ المختلفة مشيراً إلي أن المصانع تأخذ كميات محددة من هذه الخردة لإعادة تصنيفها بعد تنقيتها من الشوائب . أما حسين فرج تاجر خردة بسوق العصر فيقول إنه يشتري خردة الحديد القديمة وكذا مختلف المعادن سواء من المزادات أو تجار الروبابيكيا والورش خصوصاً خردة قطع الغيار الثقيلة في السيارات ويقوم بتوريدها لمصانع حديد التسليح والمعدات الكهربائية الكبيرة حيث تقوم بتنقيتها وصهرها وإعادة تشكيلها ويبيعها لهذه المصانع ب 1500 جنيه للطن، لكنه أيضا يشكو أن لديه كميات كبيرة في المخازن مما يجعله يتراخي في شراء كميات جديدة. ويشرح فرج أن عمليات توريد الخردة للمصانع عادة ما تتزايد مع بداية فصل الربيع وحتي أكتوبر من كل عام، حيث تكون المصانع أكثر نشاطاً لتصاعد الطلب علي حديد التسليح لأعمال البناء لكن نظراً للركود في سوق مواد البناء، فإن المصانع لا تقبل علي شراء الخردة بكميات كبيرة هذا العام مما ترتب عليه تكدسها في المخازن. لكن المهندس محمد فريد حسنين، رئيس غرفة الصناعات الهندسية مصادر المعادن يؤكد وجود مشكلة ويقول حسنين إن الغرفة حرصت على رفع مذكرة إلي وزير التجارة والصناعة الأسبق وقام بفرض رسم صادر علي تصدير الخردة بعدما تبين أن المصانع تعتمد علي هذه الخردة بشكل كبير حتي إن هذا الرسم تصاعد من 5 – 25 % وهو ما جعل المصدرين يتحايلون علي هذا القرار بتصدير الخردة تحت مسميات مختلفة. ويضيف حسنين أن بعض هؤلاء المصدرين لجأ إلي إحضار شهادات من المسابك بأن هذه الخردة المصدرة لا تصلح لإعادة تصنيعها محلياً في المصانع، كذلك تلقت الغرفة العديد من الشكاوي بنقص هذه الخردة وبعض المصانع قررت أن معدل إنتاجيتها قد انخفض بسبب ارتفاع أسعار الخردة لزيادة تهريبها مشيراً إلي أن الكثير من الدول الصناعية الكبري تحتفظ بهذه الخردة وتعتبرها من الخامات الأساسية التي يجب الحفاظ عليها ومنع تصديرها أو تهريبها خصوصاً وأن أسعار المعادن والخردة قد شهدت موجة تصاعدية في الأسعار عالمياً مثل النحاس والرصاص والنيكل والزنك . يؤكد الدكتور أحمد فكري، رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية والمعدنية، أن تصدير الخامات والخردة فيه خسارة فادحة للاقتصاد الوطني لأن تصنيعها يعني تحقيق قيمة مضافة، مشيراً إلي أن الصادرات شبه توقفت في أعقاب ثورة 25 يناير واستمرت حالة التخبط حتي مطلع الشهر الحالي ثم بدأت تلتقط أنفاسها. ويؤكد فكرى أن الكثير من الدول بدأت تنمي الخردة لديها وتستخدمها محلياً في الصناعات الهندسية والمعدنية ثم تخرجها إلي التصدير في شكل صادرات وكذلك التوسع في إنتاج بدائل الخردة علي أساس اقتصادي مع الاهتمام بإعادة تدوير وتصنيع هذه الخردة من خلال التكنولوجيا المتطورة بما يساهم في التوسع في الصناعات التي تعتمد علي تدوير هذه الخردة. ويوضح فكرى أن المشكلة الأساسية أن نشاط استخراج الخامات من المناجم داخل مصر شبه محدود وبالتالي فالخردة تعد مورداً أساسياً بجانب عملية استيراد الخامات، بل إن البعض قدم تقارير ومذكرات مكتوبة لوزارة التجارة والصناعة بفتح باب الاستيراد للخردة.