حتى وقت قريب كانت فكرة إنشاء مبان خاصة تتوافق مع ظروف واحتياجات أطفال التوحد لمساعدتهم على التكيف والتواصل مع البيئة المحيطة بهم شكلاً من أشكال الخيال.. ولكن البحث الذي أعدته الدكتورة ماجدة مصطفى الأستاذة المساعدة بقسم العمارة وهندسة التشييد بالجامعة الأمريكية– الذى يعتبر أول بحث من نوعه على مستوى العالم. وأوردت صحيفة الأهرام في عددها الصادر اليوم أن الخيال أصبح واقعًا ملموساً، وخاصة بعد أن سعت أغلب الدول إلى تطبيق معايير هذا البحث في المنازل والمدارس والجامعات والنوادي، وسيتم تطبيقه بالفعل في أحد مباني الجامعة الأمريكيةبالقاهرة العام المقبل، كبداية لتعميم الفكرة في مختلف الأماكن المصرية. في البداية تقول الدكتورة ماجدة: إن الهدف من البحث هو تقديم بيئة معمارية مناسبة لأطفال التوحد وهو أول بحث خاص عالمي في هذا المجال قدمته عام 2002، وقمت بتطبيقه بمقر الجمعية المصرية لتقدم الأشخاص ذو الإعاقة والتوحد، ثم قمت بعمل مجموعة أبحاث ومنها مشروع مع مهندسين من هولندا لإنشاء مبنى سكنى لطلاب توحد فوق سن 18 عامًا وهو مسكن به مشرف ونوع من المساندة لأطفال الأوتيزم وتم بالفعل عمل معايير تصميمية، وهو البرنامج المعماري المقترح لمبنى سكنى خاص بأطفال التوحد. وتضيف: البحث ينبثق منه سبعة معايير معمارية تساعد على خلق بيئة مناسبة لأطفال التوحد، وهى معايير عامة وليست قواعد فهي تناسب المسكن والمدرسة والنادي وغيرها، وهى أداة تستخدم في التصميم وتعتبر أول مجموعة معايير علمية على مستوى العالم لتصميم مبنى أو بيئة معمارية لذوى التوحد من كل الأعمار، وهذه المعايير مسجلة في مصر بأسمى. 7 معايير أولاً: الصوتيات وهى البيئة السمعية التي تبحث في كيفية التحكم في صوتيات المكان حتى لا يكون هناك صدى صوت أو ضوضاء تمثل مشكلة في البيئة السمعية لأطفال التوحد. ثانيًا: ترتيب الفراغ على أن يكون متماشيًا مع الروتين وذلك لأن الروتين يعطى لذوى التوحد نوعًا من الاطمئنان والراحة النفسية والتي تساعده على القيام بنشاطه. ثالثًا: فراغ الهروب وهو فراغ محدد وصغير الحجم يناسب شخص واحد فقط ويعتبر ملاذاً لطفل التوحد عندما يحدث له توتر بحيث سيكون المكان ملجأ له لتهدئته قبل الرجوع إلى نشاطه. رابعًا: تقسيم الفراغ بمعنى أن لكل نشاط فراغ محدد ولا يشترط أن يكون في صورة حوائط فقد يكون من خلال التخطيط أو الفرش أو تحديد بالألوان على الأرض. خامسًا: خلق الفراغات الانتقالية وهو فراغ انتقالي يكون قبل المكان الذي ينتقل إليه طفل التوحد حتى يكون هادئاً. سادسًا: التقسيم الفراغي الحسي، ويتم طبقًا للبيئة الحسية وليست للنشاط، فمثلاً الأماكن الهادئة بجوار بعض وأماكن الضوضاء مع بعض. سابعًا: الأمن والأمان حتى تكون المواد المستخدمة آمنة فلا يكون بجواره مواد تسبب خطورة مصنوعة من الزجاج أو سخانات بدورة المياه وذلك لأن أطفال الأوتيزم ليس لديهم شعور بالخطر. اهتمام كبير وتكمل الدكتورة ماجدة: لقد دعيت في شهر أبريل العام الماضي من قبل لجنة حقوق ذوى الإعاقة، والتي تتبع المجلس الأعلى لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بمناسبة يوم التوحد العالمي لعرض هذه المعايير وبحث سبل الاستفادة منها، وفى نفس الوقت قدمتها لمنظمة الصحة العالمية وكان هناك اهتمام كبير بهذه المعايير حيث أنها أول معايير على مستوى العالم يتم عرضها للمكان الخاص بذوي التوحد، حيث أن هناك معايير لضعاف السمع والبصر ولكن لا يوجد بالأمم المتحدة معايير خاصة بالمكان لذوى التوحد. وتوضح: أهتم الجميع ببحث كيفية تطبيق المعايير التي تناولها البحث في صورة تناسب كل فرد على حدة، ولكن كان هناك صعوبة فى ترجمة هذه المعايير إلى كود بالمعنى المعماري نظرًا لتعدد أشكال وسمات التوحد على مدار طيف التوحد، ومن ثم كان الحل فى النظر إلى هذه المعايير على أنها مجموعة من الأدوات التى يمكن ترجمتها إلى تصميم معماري حسب نوع المشروع ومستوى مهارات المستخدمين من ذوى التوحد وحسب السن ودرجة المرض، والبحث فاز في أغسطس الماضي بجائزة الجمعية الدولية للمعماريين فى باريس وكانت الجائزة تحت أسم "العمارة للجميع"، كما دعتني الجمعية البريطانية للأوتيزم "التوحد" بإنجلترا لإلقاء محاضرات وورش عمل لمجموعة من المعماريين ومتخذي القرار بالوزارات المختلفة والمهتمين بذوي التوحد وذلك فى أكتوبر المقبل إلى جانب تدريبهم على تصميم بيئات معمارية مناسبة لهم، وذلك لعدم وجود خبير في بريطانيا لعمل تصميمات تناسب ذوى التوحد. وتختتم الدكتورة ماجدة حديثها قائلة: لدى أمل فى تطبيق هذه المعايير بالجامعة الأمريكية في القاهرة، خاصة مع مشروع الدمج المقترح لذوى التوحد في الفصل الجامعي المقبل، وذلك كبداية لتعميم تطبيقه في كافة الجامعات المصرية وفى المدارس ومراكز الشباب، خاصة وأن أعداد أطفال التوحد في مصر تتعدى المليون طفل.