هي المرة الأولى التي أقرأ فيها للكاتبة الكويتية بثينة العيسى. في الحقيقة لم يلفتني غلاف الكتاب، ولا العنوان، ولم أكن أعرف الكاتبة من قبل، لكن وجود الرواية بحضور قوي وأماكن ظاهرة في أهم مكتبات الإمارات شجعني للحصول على نسخة، بخاصة أني كنت أود توسيع دائرة قراءتي والتعرف على كتاب عرب آخرين لم أقرأ لهم من قبل. في بداية قراءتي للرواية شدني الأسلوب السلس للكتابة، فلا يوجد هنالك تكلف باللغة بأي شكل من الأشكال، ولكن سلاسة الأسلوب هنا لا يعني خلو لغة الرواية من الإبداع في التعبير والجمالية في السرد، فبعد عدة صفحات تجد أن الكاتبة قد بدأت بالفعل بمفاجأة القارئ بقدراتها اللغوية وتكشف له عن جمل وحوارات ساحرة تزيد من متعة قراءة هذا الكتاب. ومع أن قصة الرواية الأساسية قد تبدو أنها قصة تقليدية لأخ متسلط شديد التدين يقمع أخته التي أصبح مسئولا عنها بعد تيتم والديها في مجتمع ذكوري سلطوي يعطيه مفاتيح القوة. وقد يبدو تمرد فاطمة، الفتاة الراوية للقصة، ومحاولاتها كسر قيود الذكورية التي تحد من حريتها وحركتها مكررة، إلا أن ذكاء بثينة في إضافة البعد الشعري للرواية هو ما أنقذ القصة وأضاف لها جانبا جديدا حولها من رواية واقعية إلى واحدة ساحرة. في الحقيقة فإن علاقة فاطمة بحبيبها وما جمعهما من شغف للشعر وطريقة تفاعلهما معا ورسائلهما ذكرني بأسلوب الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي وطريقتها الساحرة أيضا في رسم علاقات الحب. لم تكتف الكاتبة بثينى العيسى برسم علاقة قمع ولا علاقة حب ولا شخصية متمردة فقط، كما أنها لم تكتف بإضافة الجانب الشعري الفني للرواية، ولكنها أضافت أيضا عمقا جميلا قليلا ما نجده في الرواية العربية حين حللت العلاقة بين الحب والشعر واللغة. أضافت ذلك بسلاسة بين أسطر حوار الحب وحولت به الرواية من واحدة تطرح علاقة حب بين فردين إلى أخرى تحمل فكر نقدي يعرف عن معنى اللغة وأهمية الشعر والكلمة والحرف للتواصل بين الأحبة. "كبرت ونسيت أن أنسى"، رواية نسوية جميلة تستحق القراءة.