أكدت الملكة رانيا العبدالله ضرورة احترام الأديان والتعاليم الخاصة بها وعدم الإساءة للإسلام ومشاعر المسلمين. واعتبرت أن ربط دين بأكمله، وأتباعه بأعمال أقلية هو أمر خاطئ، ولوم الإسلام عليها هو تحامل، معبرة عن رفضها للرسومات المسيئة، قائلة "كمسلمة، أنا ضد هذه الرسومات وأشعر بالإهانة والألم لعدم احترام ما نؤمن به". وأضافت في مقابلة مع مجلة (ذي اكس برس) الفرنسية نشرت، اليوم الأربعاء، لا يمكن ل 1.6 مليار مسلم أن يتحملوا المسئولية الجماعية لأفعال هذه الأقلية التي تتعارض مع تعاليم الإسلام – الدين السمح الذي يعطي قيمة وقدسية لحياة الإنسان. وحول إعادة نشر الرسومات أكدت أن "المزيد من تلك الرسومات يعمق عدم الثقة ويحرض على التحامل، في وقت علينا فيه أن نعزز التسامح والتفاهم". وبينت أن الكثيرين من العالم العربي مستاءون من ازدواجية المعايير عندما يتعلق الأمر بحرية التعبير. وتساءلت "لماذا يتم اعتبارها حرية تعبير عندما يتعلق الأمر بالإسلام، بينما يتم اعتبارها أمراً محرماً وخطاً أحمر عندما تكون المسألة مختلفة؟" ،وأضافت "بالتأكيد هناك توازن يتوجب ايجاده بين حرية التعبير وحماية كرامة وحرمة الدين، ولا يجب أن يكون الدافع لذلك هو الخوف، بل يجب أن يقوده الاحترام والتفاهم." وقالت "لنكن واضحين، لا يجوز استخدام العنف، وللجميع الحق الكامل في الشعور بالاستياء، "والتعبير عن الرفض، والشجب، والانتقاد، والاحتجاج، ولكن يجب القيام بذلك باحترام وبطريقة سلمية". وأضافت "في الإسلام، وبكل بساطة، من غير المقبول أن يتم تجسيد الأنبياء بأي شكل، واحترام الأنبياء هو مبدأ رئيسي لديننا، فعلى سبيل المثال أخيرا، مُنع فيلم (خروج: الآلهة والملوك – اكسودس) في عدة دول عربية لأنه اعتبر أنه لا يظهر احتراماً كافياً لمكانة النبي موسى عليه السلام". وفي سؤال عن مشاركتها في المسيرة في باريس، قالت جلالتها نحن في المنطقة العربية من أكثر الشعوب التي تتفهم الصدمة والخسارة التي شعر بها الفرنسيون، وذلك لأن تلك الأمور "هي حقيقة يومية ومؤلمة في العديد من أرجاء العالم العربي، من سوريا إلى العراق وفلسطين وغيرها، وعلى الرغم من مرور أكثر من تسع سنوات، بالتأكيد لن أنسى ولن ينسى أحد أبداً في الأردن تفجيرات عمان.. فقدنا 60 روحاً بريئة في ذلك اليوم المأساوي". وقالت "المجموعات المتطرفة قتلت آلالاف وآلالاف من الأبرياء، والحقيقة أن غالبية الضحايا هم من المسلمين". وأضافت ان المشاركة في مسيرة باريس حملت رسالة في غاية الأهمية هي الاتحاد العالمي ضد ايديولوجية الكراهية، وهذا بالضبط ما لا يريده المتطرفون، مشيرة الى أن ما نواجهه اليوم هو صراع بين المعتدلين والمتطرفين، ليس في الشرق الأوسط فقط، بل في العالم. وبينت أن المشاركة في المسيرة جاءت أيضا تقديرا لمواقف الشعب الفرنسي تجاه القضايا العربية في أوقات صعبة، وفي مراحل مختلفة من التاريخ، آخرها موقف البرلمان الفرنسي المشرف في الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وحول وجود المسلمين في الدول الغربية، أكدت جلالتها إن ذلك "واقع وحقيقة تمثل فرصة، تخوفي هو أننا نرى تزايداً في الريبة والصور النمطية السلبية عن العرب والمسلمين في الغرب". وقالت "على الدول أن تعمل بجد لدمج الاقليات بمساواة واحترام كاملين لثقافتهم وتقاليدهم". وأضافت الملكة رانيا العبد الله "أن تصبح مجتمعاتنا مزيجاً متنوعاً من الأديان والأعراق والثقافات المختلفة هو واقع لا يمكننا تجاوزه في عصر العولمة الذي يفرض هذه الحقيقة، وتحقيق العدالة والتوازن هو الوسيلة الأمثل للعيش في انسجام اجتماعي". وقالت "نحن المسلمون لسنا مختلفين، لدينا نفس المتطلبات التي لدى أي شخص، نحب أولادنا ونريد الأفضل لهم، ونهتم بجيراننا، ونعمل بجد، والتجارب والتفاعلات الشخصية يمكن أن تساعد في طمس سطور الانقسام بين نحن وهم". وحول دور المسلمين الأوروبيين في إمكانية إعطاء تعريف جديد للعلاقة بين الدين والحداثة، وبين الدين والديمقراطية، قالت جلالتها "لا أشعر أبداً أن هناك تعارضاً بين الدين والحداثة، والدين بالتأكيد لا يتعارض مع الديمقراطية". وأضافت "في الحقيقة، أعتقد إن العديد من قيم ديننا كالمساواة، والتسامح، والمغفرة، والحوار، والسلام، والاهتمام بالتعلم، والتقدم، والعمل الجاد لها أن تساهم في مواجهة بعض التحديات التي نواجهها في العالم العربي اليوم". وأكدت أن "الحداثة تعني التقدم، ولا تعني أن نتخلى عن هويتنا في تقليد أعمى لثقافات أخرى، أنها تعني التواصل مع العالم والتفاعل معه والانفتاح عليه، وهذا لا يأتي على حساب الدين أو الهوية، اعتقد ان الاردن هو خير مثال على دولة في الشرق الاوسط متجذرة بصلابة في هويتنا العربية والمسلمة وفي الوقت ذاته تتبنى الحداثة بشكل كامل". وحول مشاركة العديد من قادة الدول التي لها مواقف متباينة من التطرف والعنف، قالت "علينا جميعا كمنطقة، العمل بشكل سريع لمواجهة التطرف الديني والسياسي، هدفنا هو ضمان الامان والحماية لشعوبنا ضد اعمال العنف التي يقوم بها المتطرفون، بالإضافة الى ذلك علينا الدفاع عن الصورة والقيم الحقيقية لديننا وعدم السماح للمتطرفين ان يحتكروا صياغة الرواية عن الاسلام". وعن تأثيرات الحرب في سورية على الاردن، قالت "من المحزن على مدى السنوات القليلة الماضية، رؤية الدمار في سورية والمأساة الانسانية التي تفطر القلب هناك، فقد مئات الالاف أرواحهم، واكثر بكثير نزحوا، وبالرغم من الحقائق الصادمة، أتخوف من أن العالم يغفل عن المعاناة الانسانية، وحمل اللاجئين الكبير على الدول المستضيفة مثل الاردن ولبنان". وأضافت أن "الأردن شعر بالآثار الممتدة للنزاع، اليوم، نستضيف اكثر من 1.3 مليون سوري، وهذا يعادل 20 بالمئة من عدد سكان الأردن، وكأن سكان بلجيكا بأكملهم انتقلوا إلى فرنسا، هذا حمل هائل على دولة مثل الأردن، اجتماعيا، واقتصاديا وحتى على المستوى الامني". وبينت أن "الأردن كان وسيبقى دوماً، ملاذاً لأولئك الذين يفرون من الخطر وانعدام الامن، لكن تأثير الازمة اكبر بكثير من قدرتنا لتحملها، بالطبع، كانت هناك تبرعات سخية، وفرنسا كانت داعمة جداً، ولكن ما يزال هناك الكثير من النقص في تغطية احتياجات الاممالمتحدة ووكالات العون الاخرى في الدول المستضيفة". وعن القضية الفلسطينية وتعثر المفاوضات، قالت جلالتها "واحد من أكثر المخاطر التي يواجهها عالمنا اليوم هو الاستقطاب السياسي المتنامي – من ناحية، والتطرف الديني من ناحية أخرى، وما يثير الاستغراب هو ان كل واحد منهما يغذي الآخر". وأكدت "ان الحل على أساس الدولتين هو الخيار الوحيد، وبغير ذلك، البديل هو المعاناة المستمرة، وإن لم يعد الطرفان الى طاولة المفاوضات، وانهاء النزاع بطريقة دائمة وعادلة، سنتحدث عن حرب خامسة وسادسة وسابعة على غزة". وفي نهاية اللقاء، أكدت جلالتها أن النساء من أكثر الفئات تأثرا بالنزاعات، "الكثير من الامهات خسرن ابناءهن وبناتهن في النزاع الفلسطيني-الاسرائيلي، والعديد من الفتيات شاهدن آباءهن واخوانهن يضربون، يسجنون". وقالت "يمكن للنساء من كلا الطرفين العمل معا للمساهمة في بناء السلام".