نظمت وزارة الخارجية، اليوم الإثنين، ورشة العمل حول "تعزيز البعد الإقليمى لأنشطة بناء السلام"، وألقى السفير هشام بدر، مساعد وزير الخارجية لشئون متعددة الأطراف والأمن الدولي، كلمة نيابة عن وزير الخارجية سامح شكري أكد فيها أن اجتماع اليوم يأتي في إطار حرص مصر والدبلوماسية المصرية على إعلاء الصوت الإفريقي في المحافل الدولية وآليات الأممالمتحدة. وأشار إلى أن ذلك يأتي في إطار الأولوية التي توليها مصر للدول الإفريقية الشقيقة والجهود التي نقوم بها لخدمة قضايا إفريقيا وصون السلم والأمن في القارة، وفى مقدمتها مجالات حفظ السلام وبناء السلام والتسوية السلمية للمنازعات. ونوه بدر إلى أن تحديات بناء السلام في إفريقيا تتمثل في تعزيز الحكم الرشيد وتداول السلطة وتحقيق العدالة الاجتماعية ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وهو ما تسعى مصر لمعالجتها من خلال آليات متعددة على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف في الاتحاد الإفريقي والأممالمتحدة. وقال إن انعقاد هذه الورشة أيضا في إطار دعم مصر لعملية المراجعة المقررة لهيكل الأممالمتحدة لبناء السلام عام 2015 وفقا لقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن ذات الصلة والتي تجرى كل خمسة أعوام بهدف مراجعة التقدم المحرز في تنفيذ توصيات لجنة بناء السلام فيما يتعلق بالأنشطة الرامية لاستعادة الأمن والاستقرار والتنمية بدول ما بعد النزاع والعمل من أجل منع عودتها للانزلاق إلى مرحلة النزاع مجددا. وأكد أن مصر تسعى لأن توفر عملية المراجعة الثانية لهيكل بناء السلام في الأممالمتحدة فرصة لتعزيز دور لجنة بناء السلام في دعم ما يتم من جهود وطنية وإقليمية ودولية لضمان الانتقال السلس نحو السلام المستدام وتحقق التنمية بدول ما بعد النزاع. ولفت إلى أن الخارجية ارتأت تنظيم هذه الورشة ليس فقط لإثراء المناقشات الدولية في هذا المجال، بل أيضاً لأهمية الاستفادة من التجارب الأفريقية في الأممالمتحدة والبناء على ما اكتسبته القارة من خبرة ثرية وعلمية من واقع تجاربها الحقيقية في أنشطة بناء السلام لقد حان الوقت للمجتمع الدولي لأن يصغى لصوت ورؤية إفريقية بدلا من فرض أطروحات نظرية تنتهي للاصطدام بأرض الواقع. وتابع: رغم النجاحات التي تحققت على مدى السنوات الماضية في التعامل مع البعد الإقليمي لبناء السلام وتحقيق التنمية بدول ما بعد النزاع في إفريقيا، بخاصة بعد إنشاء لجنة بناء السلام في الأممالمتحدة عام 2005 وإقرار الاتحاد الإفريقي لسياسة إعادة الإعمار والتنمية بدول ما بعد النزاع عام 2006. واستطرد: إلا أنه مازالت هناك حاجة لوضع إطار عمل مؤسسي يسهم في تعزيز التعاون بين الأممالمتحدة والفاعلين الإقليميين ودون الإقليميين في إفريقيا لدعم أنشطة بناء السلام بدول ما بعد النزاع والتعامل الفعال مع التحديات الناشئة المرتبطة ببناء السلام، وذلك في ضوء ارتباط هذه التحديات بعدد من التهديدات العابرة للحدود مثل الإرهاب وتهريب الأسلحة، وحركة المرتزقة إلى جانب التحديات البيئية التي تؤثر على عدد من الدول دون الإقليمية وانتشار الأوبئة والإمراض المتوطنة كوباء الإيبولا الذي أصبح يمثل أحد التحديات الخطيرة التي تهدد الأمن والاستقرار بالدول الخارجة من النزاعات في غرب إفريقيا. وقال بدر: بالتعامل الفعال مع مثل هذه التحديات بات يتطلب وضع وتطوير إستراتيجيات جديدة لمعالجة جذور النزاعات و مسبباتها لحقيقة في إفريقيا، وتطوير منظومة شاملة لبناء السلام تتضمن تعزيز المشاركة العامة وجهود إنفاذ القانون والحكم الرشيد، والحد من مخاطر العودة إلى النزاعات مجدداً، فضلا عن تعزيز الروابط بين الأبعاد المتعلقة بتحقيق السلام و الأمن و التنمية وبما يمكننا من ترجمة هذه الجهود إلي أفعال ملموسة علي الأرض، لاسيما وأن الخبرات والتجارب التي اكتسبتها الأممالمتحدة و الاتحاد الإفريقي والمنظمات الإفريقية دون الإقليمية تشير إلي أن تحقيق السلام المستدام يتطلب دعم العمليات السياسية و بناء مؤسسات الدولة في حالات ما بعد النزاع، باعتبارهما عنصريين أساسيين لتشكيل منظومة إقليمية جديدة لبناء السلام. وأكد بدر أن مصر ساهمت بدور رئيسي في بلورة سياسات الأممالمتحدة لبناء السلام منذ قيام الجمعية العامة بإنشاء لجنة السلام عام 2005 لمتابعة حالات الدول الخارجة من النزاعات، إيماناً منها بأن تحقيق السلم والأمن لا ينفصل عن دفع جهود التنمية وإعادة بناء القدرات الوطنية لهذه الدول، وبما يحقق هدف دعم هيكل بناء السلام في كل من الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي، وأولت مصر اهتماماً لدعم بناء القدرات الإفريقية للسلم والأمن، بما فيها المتعلقة ببناء السلام في مرحلة ما بعد النزاع. وأشار إلى أن مصر كانت في مقدمة الدول الداعمة لسياسة الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية بدول ما بعد النزاع منذ إقرارها عام 2006، كما ساهمت في إطلاق وتفعيل مبادرة التضامن الإفريقي منذ تدشينها في عام 2012، باعتبار سياسة إعادة الإعمار ومبادرة التضامن ركيزتين لتعزيز القدرات الإفريقية وجهود تحقيق التنمية والتعاون في حالات ما بعد النزاع. وأكد أن اجتماع اليوم في القاهرة لطرح رؤية إفريقية حول سبل البعد الإفريقي لأنشطة بناء السلام استناداً لخبرات و تجارب الاتحاد الإفريقي والمنظمات الإفريقية ودون الإفريقية ودول القارة، فيما يتعلق بدعم نجاح العمليات السياسية وبناء مؤسسات الدولة في حالات ما بعد النزاع، وبما يساهم في إعداد مداخلات موضوعية تقدمها إفريقيا إلي عملية المراجعة المقبلة لهيكل الأممالمتحدة لبناء السلام عام 2015 لإبراز أهمية إقامة شراكات حقيقية وفاعلة فيما بين الأممالمتحدة والمنظمات الإقليمية ودون الإقليمية، وزيادة انخراط ودعم الشركاء الدوليين لأنشطة بناء السلام في مرحلة ما بعد النزاع بدول القارة وفي غيرها من الحالات ذات الصلة. وفي ختام كلمته قال بدر: أتمنى لكم مشاركة ناجحة ومناقشة مثمرة على مدار اليومين القادمين، وصولا إلى مدخلات نتطلع لقيام الجمعية العامة ولجنة بناء السلام بأخذها في الاعتبار ضمن عملية المراجعة المقررة عام 2015، وفي إطار تعزيز البعد الإقليمي في تناول المجتمع الدولي لسبل تحقيق السلام المستدام بحالات ما بعد النزاع، و بما يأخذ في الاعتبار رؤية وتجارب إفريقيا وأفضل الدروس المستفادة في بلورة وتنفيذ سياسات وتطبيقات بناء السلام على المستويين الدولي والإقليمي.