لاقى قرار وزير القوي العاملة والهجرة مؤخرا بشأن السماح بإنشاء نقابات عمالية مستقلة والسماح بالتعددية النقابية ردود فعل متفاوتة. من جانبه رحب حسين مجاور، رئيس الاتحاد العام لعمال مصر بهذه الحرية واصفاً هذه الخطوة بأنها إحدى ثمار ثورة 25 يناير .. لكنه متخوف من تعدد الجهات النقابية التي تمثل العمال لأنه يترتب عليها ضياع حقوقهم والبعد عن حسم مشاكلهم خصوصاً المالية. ويقول مجاور إن اتحاد عمال مصر لديه ميزانية تكفي لحالات الفصل الجماعي للعمال المشتركين في عضويته خصوصاً المصانع والشركات التي تتعرض للإفلاس أو لهزات مالية بسبب المتغيرات الاقتصادية العالمية والمحلية. وقال مجاور إن الاتحاد يقوم بصرف مرتبات ومنح لهؤلاء العمال الضحايا مشيراً إلي أن توحيد الجهة التي يتعامل معها صاحب العمل بشأن عماله أمر مهم للغاية لأن هناك مشاكل تتعلق بالعامل وأخري تمثل أصحاب الأعمال خصوصاً وأن هناك بعض العمال الذين يسيئون تعاملاتهم مع هؤلاء فينشأ عن ذلك الكثير من المشاكل والقضايا العمالية في المحاكم مؤكداً أن اتحاد العمال يحرص علي حل هذه المشاكل من خلال الحوارات المشتركة بين طرفي النزاع دون تصعيدها إلي القضاء وما يترتب عليها من طول إجراءات التقاضي وضياع الحقوق . ويرى مجاورأن تفتيت اتحاد عمال مصر إلي نقابات مستقلة يضعفه ويخلق كيانات جديدة لا يتوفر لها الدعم المالي المتاح حالياً للاتحاد ..لذا فهو يطالب بضرورة الالتزام بالتنسيق بين هذه النقابات والاتحاد لمراعاة مصالح الطرفين . ولكن محمد عطية المسئول الأول في نقابة موظفي الضرائب العقارية وعضو الاتحاد المصري للنقابات المستقلة يؤكد أنه ومسئولي 3 نقابات أخري هي : المعاشات والعلوم الصحية والتعليم دعوا قبل ثورة 25 يناير إلي إنشاء النقابات المستقلة مؤكداً أن هذه النقابات ستعمل لصالح العامل والمستثمر وسوف يكون هناك تنسيق بين طرفي هذه العلاقة من خلال هذا التنظيم النقابي بل ولن يكون هناك أدني قدر من المخاوف كما يردد مسئول الاتحادات العمالية . وصف عطية المسئولين في اتحاد العمال بأنهم جهاز الدفاع عن خطايا الحكومة وأن أنشطتهم الرئيسية هي مساندة الحكومة في أعمال الخصخصة والتخلي عن حقوق العمال. وقال إن تواجد معظم هؤلاء داخل التنظيم النقابي الذي يعملون بداخله مخالفاً للقانون وأن النظام السابق حرص علي إبقائهم في هذا التنظيم بهدف ضرب الحركة العمالية مؤكداً أن تصرفات هؤلاء الخاطئة والمخالفة وضعت مصر في قائمة الدول الأسوأ لمنظمة العمل الدولية والتي تسيء معاملة العمال ولا تراعي معايير العمل الدولية وتخالف قواعد التنظيمات النقابية . يضيف عطية أن أعداد العمال الرسمية التي تشترك في عضوية اتحاد العمال مليوني عامل فقط في حين أن قوة العمل في مصر 25 مليون عامل وهذا يعني أن النقابات المستقلة إذا ما اعتمدت علي الاشتراكات التي يدفعها الأعضاء فإنها ستوفر مبالغ كبيرة في صندوق الإضرابات لتعويض العمال المضارين علي عكس ما يردده أعضاء التنظيم الحكومي. يقول إن تراخي وتواطؤ التنظيم العمالي الحكومي إزاء المشاكل التي تعرض لها العمال في معظم المصانع التي هرب أصحابها أو تعثروا كانت سبباً واضحاً في ضياع مستحقات العمال وحقوقهم وانقراض وتدهور العشرات من المصانع التي كانت تحقق مصر من ورائها عوائد اقتصادية كبيرة مثل صناعة الكتان وقطاع الغزل والنسيج . يضيف عطية أن أعداد العمال التي انضمت إلي ال 4 نقابات التي تم تأسيسها بعد ثورة 25 يناير والسابق ذكرها بلغ مليوني عضو خلال أسبوع واحد فقط وأن كل نقابة تسعي إلي إنشاء صندوق لتمويل الإضرابات مشيراً إلي أن الإضرابات في ظل النقابات المستقلة ستأخذ أشكالاً جديدة عن سابقيها في عهد اتحاد عمال مصر حيث كان العامل يعتمد بصفة أساسية علي التوقف عن العمل وتعطيله أما الإضرابات في ظل النقابات المستقلة فسيكون سلمياً وبعد انتهاء مواعيد العمل وذلك بفضل حملات وورش العمل التي ستنظمها هذه النقابات للعمال من خلال التركيز علي الحوارات والتفاوض حول المشاكل المختلفة . من ناحية أخرى رحب رجال الأعمال بالقرار الجديد لكنهم أكدوا ضرورة التنسيق بين هذه النقابات لتوحيد الجهة التي سيتعاملون معها حتي لا يؤثر ذلك علي مناخ الاستثمار كما يقول محمد المرشدي رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات . وحذر المرشدى من أن غياب التنسيق بين هذه النقابات واللجان النقابية سيؤدي إلي سلبيات من شأنها أن تعرقل مسيرة الاستثمار والصناعة خصوصاً من جانب المستثمرين الأجانب حيث إن العمالة المصرية يغلب علي أدائها الصدامات الدائمة مع أصحاب الأعمال وهذا من شأنه أن يخلق جوا من المشاحنات التي يترتب عليها غياب البيئة المناسبة للإنتاج وفي هذه الحالة فإن صاحب العمل سوف يكون أمام جهات متعددة لحل مشاكله مع العمال مما ينبئ بغياب العلاقة المتوازية بين الطرفين فيتعطل الإنتاج وتتضاعف الخسائر . أما الدكتور وليد هلال رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية فلا يري أي اعتراض علي هذه النقابات طالما أن كل تخصص من العاملين يعبر عنهم نقابة مستقلة تتحدث عن مطالبهم وترعاها وتتولي المفاوضات مع العامل وإجراء الحوار حول أي مشكلة تنشأ بينه وصاحب العمل علي أن يكون لهذه النقابة كلمتها الأخيرة المؤثرة علي العامل فيما لو احتدم الخلاف بينهما. بل إنه يري في النقابة القوية حماية لحقوق العامل والمستثمر إذا ما استطاعت تسوية أي نزاع بعيداً عن الدوائر القضائية لأن إجراءات القضاء طويلة وتستغرق فترات زمنية مشيراً إلي أن تبسيط الإجراءات مع العمال يدخل ضمن الإصلاحات التي تسعي إليها الحكومة لتنقية مناخ الاستثمار . ويؤكد سعيد حافظ المحامي بالنقض والمتخصص في القضايا العمالية أن قرار حرية إنشاء النقابات واللجان العمالية هدفه الأساسي إغلاق ملف مصر في منظمة العمل الدولية لأن هذا الملف يصنف مصر بإنها من الدول التي تمارس أعمال قمع ضد العمال وهو ما يتنافي مع الاتفاقية التي أوقعت عليها مصر مع المنظمة التي تقضي بأحقية العمال في تكوين نقابات عمالية دون أي قيود بهدف تعزيز مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية ولا يجوز تقيد هذا المبدأ سوي في الحالات التي نصت عليها الاتفاقية التي أوقعت مصر عليها وهي التصرفات التي تضر بالإنتاجية مثل التوقف بلا مبرر عن العمل وتعطيله وتعريض حقوق الآخرين للضرر. أوضح أن وزير القوي العاملة عضو وخبير دولي متخصص في قوانين العمل لدي منظمة العمل الدولية ولابد له أن يفعل الاتفاقيات التي أوقعت عليها مصر خصوصاً وأن هناك تقرير صادر عن المنظمة بأن مصر مصنفة تحت بند الدول التي تسيء معاملة العمال وتسلب حقوقهم فكان لابد من تصحيح هذه السلبية. أضاف حافظ أن قانون العمل الموحد الذي ينظم العلاقة بين العامل وصاحب العمل به ثغرات كثيرة تهدد مصالح طرفي العلاقة (العامل وصاحب العمل) بالرغم أن هذا القانون قد استغرق سنوات كثيرة لمناقشته وصياغته لذا لابد من معالجة هذه الثغرات قبل التنفيذ الفعلي لإطلاق حرية إنشاء النقابات لأن وجود خلل في هذه العلاقة وعدم تحقيق التوازن سوف يأتي بمشاكل لاحقا . وقال حافظ إن اللجان النقابية والمسئولين في اتحاد عمال مصر معظمهم ممن كانوا ينتمون إلي النظام السابق خاصة أن أغلبهم أعضاء في الحزب الوطني فكانت قراراتهم لا تراعي مصالح العمال قدر ما هي تلبي توجهات القلة الحاكمة وكانت معظم تصريحاتهم الإعلامية بفرض الدعاية فقط لأنشطتهم الوهمية .