تمثل سطوة رأس المال السياسى والعنف إحدى الظواهر البارزة فى الانتخابات البرلمانية السابقة ونجد أن سيطرة رأس المال مرتبطة ارتباط وثيقا بالعنف الذى يأخذ أشكالا متعددة، وهدفها يكمن فى التأثير على قدرة الطرف الآخر فى الحصول على دعم ومساندة وتأييد الناخبين، ومن ثم صرف الناخبين عن التصويت للمرشح وبما يصب فى صالح الطرف القائم بالعنف بشقيه المعنوى والمادي، وإن اختلفا فى المضمون وفى الأداة. ومن هنا يأتى السؤال، "هل سيكون هناك وجود لهذه الأمور فى برلمان 2014؟" استطلعت «الأهرام» آراء الخبراء فأكدوا أن انتخابات برلمان 2014 سيسودها سطو رأس المال السياسى المرتبط بالعنف؟ وذلك بسبب النظام الانتخابى الذى أعطى نسبة 80% للمقاعد الفردية، ومن ثم فالمرشحون سيستخدمون رؤوس أموالهم فى شراء أصوات الناخبين؟ كما أن هذا النظام يتيح لأصحاب النفوذ والأموال والعائلية والقبلية والعصبية بالاستحواذ على أكبر عدد من مقاعد البرلمان. وطالبوا بإعادة النظر فى قانون الانتخابات والنظام الانتخابي، من أجل أن يكون لدينا برلمان حقيقى متكامل وقادر على حل المشاكل والصعوبات. وأكدوا أنه لا يمكن تزوير انتخابات البرلمان المقبل، حيث أن القانون وفر كل سبل النزاهة والشفافية. وأكد عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى أنه لن يكون هناك تزوير فى انتخابات البرلمان القادم، حيث أن قانون الانتخابات وفر كل سبل النزاهة والشفافية. وأشار إلى أنه من المتوقع سطو رأس المال السياسى على الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهو الخطر الأكبر الذى سيجعل المنافسة الانتخابية غير متكافئة، وبخاصة أن 77% سيتم انتخابها بالنظام الفردى موضحا أن هذا معناه أن القادرين فى المجتمع سواء قدرة مالية أو عائلية أو قبلية أو نفوذ هم من يستحوذون على مقاعد البرلمان. وقال شكر إنه إن رأس المال السياسى دائما ما يحصن نفسه بأنصار من البلطجية، وكان هذا يتم أيام الرئيس الأسبق مبارك، من أجهزة ومؤسسات الدولة وتحت رعايته هو ومن حوله. وأكد شكر أن الوضع الآن مختلف تماما عما سبق، موضحا أن الدولة حريصة أن تجرى انتخابات مجلس النواب دون بلطجة وأعمال العنف حتى لا يندس أنصار الإخوان فى الانتخابات، من أجل إفشال وتعطيل العملية الانتخابية. وأوضح أن الموضوع يتطلب إعادة النظر فى قانون الانتخابات، وأن تجرى الانتخابات بنظام القائمة النسبية، من أجل أن لا تهدر أصوات الناخبين، ولإتاحة الفرصة لكل أطياف الشعب من الدخول فى البرلمان وحتى لا يسيطر على البرلمان العائلية أو القبلية أو غيره. ومن جانبه، يرى الدكتور محمد أبو الغار رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى أن أهم سمة للانتخابات سابقا كانت التزوير المباشر من جانب الداخلية لصالح مرشحى الحزب الوطني، وفى انتخابات برلمان 2010 شهدت مصر أكبر عملية تزوير فى تاريخ البشرية فى عصر مبارك، موضحا أنه كان رأس للمال والعنف والبلطجة يلعبون دورا أقل أهمية، وبخاصة أن المرشح كان يضمن أنه سينجح بالتزوير. وأكد أبو الغار أنه منذ ثورة 25 يناير لم يحدث تزوير مباشر فى صناديق الاقتراع أو الاستفتاءات. وأكد أيضا أنه لا يمكن أن يحدث تزوير فى انتخابات برلمان 2014. وأشار أبو الغار إلى أن النظام الانتخابى الحالى أعطى فرصة كبيرة جدا لسيطرة رأس المال، موضحا أن فرص نجاح أى مرشح فقير أو متوسط الحال تقريبا معدومة. وأعرب أبو الغار عن استيائه من سطو رأس المال السياسى على الانتخابات وارتباطه بأعمال العنف والبلطجة. وقال أبو الغار أن حل إشكالية سيطرة رأس المال على الانتخابات هو إعادة النظر فى النظام الانتخابى الحالى وتغييره. وأوضح أن القوى السياسية طالبت بتغير أو تعديل قانون الانتخابات، لكى يكون هناك برلمان معتدل وحازم قادر على حل المشاكل. وأكد الدكتور مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن سيطرة رأس المال ستكون موجودة فى انتخابات برلمان 2014، موضحا أن النظام الانتخابى الذى جعل 80% من المقاعد مخصصة للنظام الفردى ويفتح المجال أمام استخدام المرشحين لعناصر النفوذ التى يقومون بها للفوز فى الانتخابات، وتابع أن فى مقدمة هذه العناصر امتلاك المال أو التمتع بالعصبية والقبلية، والانتماء إلى العائلات الكبيرة والتى لها صلات واسعة بعائلة الدائرة، وأيضا خداع الناخبين باللعب على المشاعر الدينية، وبالادعاء إلى الانتماء إلى تنظيم سياسى أو دينى معين، وبالتظاهر بالتقى والورع أو من خلال القدرة على تقديم الخدمات إلى المواطنين. وأكد السيد أنه لو كان النظام الانتخابى أفسح مجالا أوسع للأحزاب السياسية، لكان من شأن ذلك أن يقلل من تأثير هذه العوامل. وأوضح أنه فى الانتخابات السابقة والتى كانت قبل الثورة كان العنف يأتى من جانب أجهزة الأمن ضد الناخبين لإرهابهم. وقال إن الحل لمنع هذه الأمور هو أن يكون دور أكبر للأحزاب السياسية، وذلك بالأخذ بنظام القائمة النسبية أو الحزبية، موضحا أن يتم التمثيل النسبى بحسب قوة كل حزب، مؤكدا أن نظام القائمة يرتقى بالعملية الانتخابية. وقال اللواء محمد الغبارى مدير كلية الدفاع الوطنى بأكاديمية ناصر الأسبق والخبير الاستراتيجي، أن سطو رأس المال والعنف والبلطجة أمور مؤكدة ستكون موجودة فى انتخابات برلمان 2014 موضحا أن الشعوب لا تتغير سلوكها فى يوم وليلة، مؤكدا أن الانتخابات الرئاسية والاستفتاء على الدستور كان اتجاه واحد، بينما الانتخابات البرلمانية مختلفة تماما، حيث أنها مرتبطة بالعصبية والقبلية والعائلية، وأشار إلى أن عناصر البلطجة والعنف مرتبطة دائما برأس المال. وقال الغبارى إن النظام الفردى اعتمد على شخص واحد، يستخدم كل قدرته للفوز والنجاح فى البرلمان، لذلك يدفع الكثير من الأموال للناخبين من أجل انتخابه، وللأسف هذا النظام لا يحقق العدالة بين معظم المرشحين، كما أنه يعمل على وجود فئة معينة فى البرلمان على عكس نظام القائمة الذى يتيح للجميع من الخوض والفوز بالبرلمان. وأوضح أن عدم وعى المواطنين سيؤدى إلى سطو رأس المال والعنف على انتخابات برلمان 2014. وأشار الغبارى إلى أن أسباب انتشار استخدام رأس المال السياسى والعنف والبلطجة، وأى أمور تخالف العملية الانتخابية، ترجع إلى عدم وعى الشعب وفقره وحاجته إلى المال بأى طريقة حتى لو كانت ليست فى مصلحة الوطن. ومن جانبه قال المستشار أحمد الخطيب رئيس بمحكمة استئناف القاهرة إن القوانين التى نظمت إجراء الانتخابات، على مدى العهود السابقة، وضعت قواعد تفصيلية منظمة لإحكام الرقابة على المال السياسي، وضوابط الدعاية الانتخابية، وحظر استخدام الشعارات الدينية، ومواجهة العنف والبلطجة إلا أن التطبيق العملى لتلك القوانين لم تكن على المستوى المناسب لمواجهة كل تلك التجاوزات. وأشار الخطيب إلى أن هناك ارتباطا وثيقا بين تداخلات رأس المال وتنامى ظاهرة العنف والبلطجة، حيث أن الأخيرة تعتمد بصورة أساسية على التمويلات النقدية التى يتم دفعها إليهم، موضحا أنه هنا يأتى دور رجال الداخلية فى التصدى بكل حزم لمن يحاولون ترويع المواطنين أو إجبار الناخبين على التصويت على نحو معين، أو الاعتداء على مسيرات أو مؤتمرات المنافسين. وأكد الخطيب أن إرادة الدولة السياسية عندما تتجه نحو تحقيق هدف معين بعزيمة وإصرار تنجح فى تحقيقه مثلما حدث فى الاستفتاء على الدستور، وتطبيق قانون التظاهر.