سفك دماء قرابة 600 ألف شخص، وعليها أقام أعلام أكبر خلافة عرفها الشرق، أنه أبو مسلم الخراساني، أكبر داعية لدولة بني العباس. موضوعات مقترحة «تربية مطروح» تعقد ندوة أثرية للتوعية بأهمية المتحف المصري الكبير| صور حصول المؤرح الكبير الدكتور حاتم الطحاوي على درع «شوامخ المؤرخين» من اتحاد المؤرخين العرب| صور «بين الخبز والزبيب».. وصفة طبية لسيدة أندلسية نقلتها إلى الإسكندرية قبل 900 عام هو "عبد الرحمن بن شيرون" لقب ب(أمير آل محمد) صاحب الدعوة العباسية، وهازم جيوش الدولة الأموية، كان مقداماً ، داهية، حازماً ، راوية للشعر، خافض الصوت في حديثه، قاسي القلب، سوطه سيفه، ولم يكن له صاحب أو مؤتمن، كما كان لا يضحك ولا تبدو في وجهه علامات السرور. زعم أنه أحد أحفاد آخر أكاسرة الفرس "يزدجرد الثالث"، والذي تنبأ عند هروبه من المسلمين بعد معركة القادسية بأن أحد أحفاده سيرجع يوماً ما ، فتبعه الفرس. شبهه بعض المؤرخين ب "الحجاج بن يوسف الثقفي" في كثرة القتل وسفك الدماء ، وكان يزيد على "الحجاح" في ذلك، فكان "ابو مسلم" بلاءً عظيمًا على عرب خراسان، حيث أبادهم بحد السيف، وكان يأخذ الناس بالظنة، وأجرى مذهب القتل فيمن خالف سلطانه. وهو أول من سن للدولة لبس السواد، وكان ذا شأن عجيب ونبأ غريب، من رجل يذهب على حمار بإكاف من الشام حتى يدخل خراسان، ثم يملك خراسان بعد تسعة أعوام، ويعود بكتائب أمثال الجبال، ويقلب دولة ويقيم دولة أخرى ..!! وُلد في (أصبهان) في عام 100ه/ الموافق 718م، وبعد وفاة والده قامت والدته بأخذه وهو في السابعة من عمره إلى الكوفة، وأوصت به إلى "عيسى بن موسى السرّاج" وكان أحد قادة الدعوة العباسية، فقام برعايته وعندما كبر عمل لديه سرّاجا، فلما رأه الإمام "محمد بن علي بن عبد الله بن عباس" والد "المنصور" و السفاح" فأعجب به وضمه إلى الدعوة لبني العباس، حتي أصبح كبير الدعاة في خراسان وما والاها. استغل "ابو مسلم الخرساني" فكرة (المهدي المنتظر) فكان يدعو لسلطان من آل البيت سيقيم العدل بين الناس دون أن يصرح باسمه، واستخدم الرايات السود التي استخدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولكي يضمن اجتماع الناس حوله بشكل سريع، استغل "أبو مسلم" تلك المعتقدات الدينية التي كانت منتشرة بين سكان خراسان قبل الفتح الإسلامي كحلول وتناسخ الأرواح وغيرها، وأضاف إليها معتقدات فرق السبئية والكسائية، فساعده نشر كل تلك العقائد على جذب أغلب المسلمين من أصل فارسي إليه، بل وأسلم كثير ممن لم يكن على دين الإسلام منهم، فالإسلام بتلك المعتقدات أصبح أكثر قبولاً بالنسبة لهم. ليس هذا فحسب، بل استغل أصله الفارسي، وركز على الأصل الفارسي للسكان، وآثار كراهيتهم على العرب بشكل كبير مستغلاً إهمال الأمويين لمصالحهم، بدعوى أن الثورة القادمة ستعيد لهم كرامتهم وعزهم الذي إغتصبها العرب. واجتمع إليه نفر من السبئية والكيسائية وبعض الخوارج، واستطاع خلال فترة قصيرة أن يستولي على خراسان ويذهب بجيش كبير إلى الكوفة ليبايع "أبو عباس السفاح" الذي خلف "إبراهيم الإمام" بعد وفاته، لتتأسس بذلك الدولة العباسية عام 132ه. وما أن استتب الأمر لبني العباس وسقطت الدولة الأموية حتى صار هذا السفاح من أعظم القتلة ، وكان سيفًا مُصلتاً علي العرب خاصة. التف حوله الفرس والموالي لاعتقادهم أنه من أحفاد آخر ملوك فارس، وهو صاحب أهوال لا يتسع المقام لذكرها من تجبر "أبو مسلم" على الناس وخاصة العرب، وكان يرى نفسه حفيد "كسرى" ولايخضع لأحد. ودخل "أبو مسلم" على "أبو العباس السفاح"، فسلم عليه، وعنده أخوه "أبو جعفر المنصور"، فقال له:«يا أبا مسلم هذا أبو جعفر»، فقال:«يا أمير المؤمنين هذا موضع لا يؤدى فيه إلا حقك». تعدد تعالي "ابو مسلم" على أبي جعفر المنصور في أكثر من موضع، حتى تملك الغضب من "المنصور" وأقسم على قتله، وقد رأى "أبو جعفر" عظمة "أبو مسلم" وسفكه للدماء، وقال لأبي العباس السفاح:«لست بخليفة إن أبقيت أبا مسلم»، قال: «وكيف ؟!»، قال: «ما يصنع إلا ما يريد»، قال: «فأسكت واكتمها». ودارت حوادث طوال حتى تولى "المنصور" الخلافة، وهو عازم على قتل أبو مسلم، ودبر له حتى أتى به أمامه في قصره، وكانت هذه الواقعة ... عندما علم "أبو جعفر المنصور" بأن "أبو مسلم" قادم عليه، أمر وجوه الناس وبني هاشم أن يستقبلوه في الطريق، ويبالغوا في الاحتفال به حتى يطمئن ويذهب نية الغدر من قلبه، ثم أمر أربعة من الحراس أن يقفوا وراء الستائر، وإذا سمعوه يصفق بيديه يخرجوا فيقتلوه. فلما دخل "أبو مسلم" على "المنصور"، انبسط له "المنصور" في الحديث، حتى ظن "أبو مسلم" أنه ناج، ثم بدأ "المنصور" يعاتبه في أشياء صدرت عنه مثل تقدُّمه في طريق الحج، وعدم تهنئته بالخلافة، وخطبته لعمته "آمنة بنت علي"، وادعائه أنه ولد "سليط بن عبد الله بن عباس"، ومخالفته لأمره وعصيانه عليه بخراسان. و"أبو مسلم" يجيب على هذه المعاتبات بصورة جيدة، حتى وصل "المنصور" لسؤاله عن سبب قتله ل "سليمان بن كثير" و"إبراهيم بن ميمون" وغيرهم من دعاة بني العباس في خراسان، فقال "أبو مسلم": «لأنهم عصوني وخالفوا أمري»، عندها استشاط "أبو جعفر المنصور" غضبًا ، وقال له: «أنت تقتل إذا عُصيت، وأنا لا أقتلك وقد عصيتني؟!»، فقال له "أبو مسلم": «استبقني لأعدائك يا أمير المؤمنين»، فقال "المنصور" : «وأي عدو لي أعدى منك». ثم صفق بيديه ، فخرج الحراس وقتلوا "أبو مسلم" وقطعوه إربًا، وقال "أبو جعفر" قولته الشهيرة :«الأن أصبح الأمر خالصاً لبني العباس من دون الناس». الدكتور سليمان عباس البياضي عضو اتحاد المؤرخين العرب