يشيع اليوم الخميس جثمان المناضل الحقوقي أحمد سيف الإسلام حيث تُقام الجنازة بعد صلاة العصر بمسجد صلاح الدين بالمنيل، وتوفى سيف الإسلام بعد صراع مع المرض اختتم به رحلة طويلة وحافلة من النضال والدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان خاضها الفقيد. "أشعر أنى أورثت السجن لأبنائي".. هكذا كان يقول سيف الإسلام متألما إزاء احتجاز ابنه الناشط علاء عبدالفتاح الذي كان طريد كل الأنظمة ليعيد تاريخ والده الذى وصف هذا التشابه بكلماته " كانت أمامي فرصة للهروب إلى لندن حيث كانت زوجتي الدكتورة ليلى سويف وابني علاء ولكنني تراجعت، على الرغم من أن الأمن نفسه كان سيساعدني على الهرب للتخلص مني كناشط نهائيًا، ورغم ذلك اتفقت مع زوجتي أن أسلم نفسي رغم كل هذه الظروف ورغم أنها كانت حاملا في ابنتي الثانية منى واخترت أن أقضي في السجن 5 سنوات في بلدي أفضل من أن أهرب خارج مصر وأظل محرومًا من بلدي 15 سنة على الأقل.. وسلمت نفسي وقضيت المدة واستغللت تلك السنوات في الدراسة وحصلت علي ليسانس حقوق وأنا في الأصل معي بكالوريوس اقتصاد وعلوم سياسية وولدت ابنتي منى وأنا في السجن مثلما حدث مع علاء ابني الذي ولد ابنه خالد وهو أيضًا في السجن كأن التاريخ يعيد نفسه. ولد سيف الإسلام في البحيرة، تخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1977، ودخل السجن عدة مرات، الأولى كانت عام 1972على خلفية مشاركته في مظاهرات الطلبة للمطالبة بتحرير سيناء، ثم سجن مرة أخرى عام 1973 بعد مشاركته في الاحتجاجات ضد السادات لتأخر قراره بالإعلان عن الحرب ضد إسرائيل، أما المرة الثالثة والتى تعد الأطول فى عام 1983 في عهد مبارك، حيث قضى خمس سنوات في سجن القلعة بتهمة الانتماء إلى تنظيم يساري، وأثناء سجنه تعرّض للضرب والتعذيب بالكهرباء و تقدّم ببلاغ للتحقيق في تلك الواقعة لكن أحداً لم يهتم، الأمر الذى دفعه لاحقًا إلى تأسيس مركز هشام مبارك للقانون في 1999. "أنا أحمد سيف الإسلام حمد، بتاع اليسار مش الإسلاميين، محامي بمركز هشام مبارك للقانون، عجوز، الناس بتعرفني بجد خالد، وأبوسناء، منى، علاء، وجوز ليلى سويف".. هكذا كان يعرف سيف الإسلام نفسه ليؤكد انحيازه للحق والعدالة بغض النظر عن الانتماء السياسي ليكون دائمًا صوت من لا صوت لهم؛ حيث كان عضوًا في فريق المحامين الذي دافع سنة 2008 عن 49 شخصاً حوكموا أمام محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ) في طنطا، بتهمة الاشتراك في الاحتجاجات الشعبية التي خرجت في 6 أبريل 2008 تضامناً مع التحرك العمالي في مدينة المحلة والتي انتهت المحاكمات بتبرئة 27 متهمًا وإدانة 22 آخرين، كما كان أحد المحامين المدافعين عن المدانين بتفجيرات طابا سنة 2004 المنتمين لما سمى ب"كتائب عبد الله عزام". تزوج سيف من د. ليلى سويف أستاذة الرياضيات في كلية العلوم بجامعة القاهرة والتى تعد هي الأخرى ناشطة سياسية وعضو مؤسس في حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات المصرية فأورث الزوجان طريق النضال للأبناء فالابن الأكبر علاء تم اعتقاله أكثر من مرة منذ عهد مبارك قبيل الثورة بعدها في عهد المجلس العسكري ثم عهد الإخوان وأخيراً تم الحكم عليه بالسجن 15 عامًا لخرق قانون التظاهر ، والحقوقية منى الابنة الوسطى أسست بعد تنحي مبارك مجموعة مازالت تناضل ضد المحاكمات العسكرية للمدنيين وتدافع عن حقوق المحتجزين، وانضمت سناء الابنة الصغرى هي الآخرى لطريق النضال حتى تم القبض عليها على خلفية مشاركتها فى مسيرة للاتحادية مطالبة بإسقاط قانون التظاهر فكان من الصعب على نصير المظلومين أن يرى اثنين من أبنائه خلف القضبان فلم يحتمل قلبه المريض ذلك. ومنذ انتشار خبر وفاته عم الحزن مواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت لتأبين وعزاء إلكترونى للراحل، وطالب رواد تلك المواقع وزارة الداخلية السماح لعلاء عبد الفتاح وسناء سيف بالخروج من محبسهما لحضور جنازة والدهما وإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه وتقبل العزاء فيه، حيث دشن رواد تويتر وفيسبوك هاشتاج خرجوا_علاء_يدفن_أبوه" تضمن تغريدات تطالب بتطبيق الرحمة والإنسانية قبل القانون والسماح للأبناء بوداع والدهم.