تزداد موهبته من عام إلى آخر، يدخل في تحد أكبر مع ذاته، ليقدم عملًا يجبرك على الانجذاب إليه من الوهلة الأولى، يجعلك تبحث عن الألغاز وتحاول اكتشاف الغموض، وتطلق خيالك نحو الأفق البعيدة في انتظار النهاية. للعام الثاني على التوالي يفاجئنا محمد أمين راضي بموهبته، ويقدم لنا عملًا مميزًا ذا طبيعة خاصة، سواء على مستوى التفاصيل أو السيناريو الذي إن دل على شيىء فسيكون على موهبة مؤلف صاحب قراءات واسعة، استطاع أن يمزج الواقع بالخيال بشكل غير متوقع، وذكاء في الاختيار نحو البعد عن التناول السياسي في أحداث مسلسله، كما فعل في مسلسله "نيران صديقة" الذي عرض في العام الماضي. "السبع وصايا" عمل درامي وجد فرصته الكبري في المشاهدة والإعجاب، لكنه في الوقت ذاته أثار بعض التساؤلات والانتقادات التي وجهت من أهل الصوفية، أو بعض أهالي محافظة السويس. في هذا الحوار يجيب محمد أمين راضي عن هذه التساؤلات والانتقادات. - الكثيرون تساءلوا عن سبب قتل الأبناء لأبيهم بهذه الطريقة منذ البداية، وقالوا إنهم كان يمكنهم الحجر عليه من البداية؟ من يقول هذا الأمر لم يطلع على أحكام الحجر السبعة، التي وردت في التفسيرات وهي "الدين" وقوله: و"السفه" أراد به التبذير، وعدم حسن التصرف في المال، ومنها أيضا الرق والنكاح بالنسبة للزوجة، و"المجنون بصرع": أي الذي يلبسه الجني أو وسواس، وهو الذي يخيل إليه، أو إذا كان له أب أو وصي وجن قبل بلوغه، أو إن لم يكن له أب ولا وصي أو وجد أحدهما، ولكنه جن بعد البلوغ، أو إن كان كبيرًا لكنه سفيه، أو إن كان ليس صغيرًا ولا سفيها، بل رشيد فلا يحجر عليه بعد الإفاقة من الجنون، وإذا أفاق رشيدا فإن الحجر ينفك عنه الحجر. - هل يشبه "سيد نفيسة" فكرة الشيطان الذي يحرض على الأخطاء، ما تعليقك؟ العمل لم يكتمل عرضه، فبعد انتهاء المسلسل يستطيع كل شخص أن يحكم على سيد نفيسة بالطريقة التي يراها. - ماذا عن تيمة "الصوفية" التي وضعتها داخل الأحداث، وهل هي مرتبطة بفكرة مخاطبة الضمير أو إطلاق الأفق والخيال نحو الشيئ غير المتوقع؟ بالتأكيد هي مرتبطة بالأمرين، ولكن وجودها هنا في أحداث المسلسل مجرد خلفية درامية بمعني أنها لم تتطور لمناقشة الفكر الصوفي. - رئيس مشايخ الطرق الوصفية والشيخ محمود التهامي، قالوا لي ،إنهما لم يشاهدا العمل لكن وصلتهما رسائل كثيرة أن العمل يسىء للصوفية من حيث وجود بعض مشاهد السحر أو القتل وما شابه، فما ردك عليهم؟ "ولماذا لم يشاهدوا العمل"، أعتقد أنهم إذا كانوا يحبون مشاهدة الأعمال الدرامية كانوا هيتبسطوا جدًا، أما بالنسبة لمن أبلغوهم أن مسلسلي يحمل إساءة للصوفية، فأدعوهم لمشاهدته أولاً، لأنهم لن يجدوا أي علاقة من قريب أو بعيد بالصوفية، فأبطال العمل ليسوا صوفيين ولكنهم يقومون بزيارة الأضرحة مثلهم مثل الصوفيين" فالاشتراك في الفعل ليس معناه الانتماء لنفس الفصيل". - استخدام الكلمات الغريبة داخل الأحداث مثل "صوفة"، نوع من دفع المشاهد للبحث والمعرفة وليس المشاهدة فقط؟ المشاركة شيء ممتع أكثر من المشاهدة فقط، وأن تجعل المشاهد يتحمس أن يبحث عن معان كتيرة داخل العمل مثل معاني التتر أو أشياء أخرى فهذا شيء مهم جدا. - هل تعتبر أن "السبع وصايا" عمل روحاني لذلك كانت الصوفية هى الأقرب للتعبير داخل الأحداث؟ لا أستطيع أن أقيم أعمالي بهذا الشكل، لأن هذا هو دور الناقد وليس المؤلف، فهو وحده من يستطيع أن يقول إن العمل روحاني. - هل أصبح الغموض هو الأقرب والأمتع للجمهور باعتبار أن هناك كثيرًا من الأعمال تسيطر عليها هذه التيمة؟ الغموض طول عمره من أقرب وأمتع الأنواع للجمهور، لكن مع الأسف شكل الإنتاج في مصر كان حارم الجمهور منه. - لماذا أبطال مسلسلاتك دائمًا في مخاطر ويقعون في أفعال الشر غير المقصودة؟ "جئنا الدنيا لنشقى" هذه طبيعة الحياة. - هل الشر في الأحداث داخل أعمالك، مرتبط بطبيعة الحياة التي أصبح أغلبها يميل نحو هذا الاتجاه؟ بالتأكيد، فهذا ليس شيئًا جديدًا قمت باختراعه، فهناك أعمال عظيمة كثيرة للعديد من الأدباءالمهمين يكون الشر هو العامل الأساسي و المحرك الرئيسي لأعمالهم. - أهالى السويس وجهوا لك انتقادات بأن العمل يسىء لهم، فهل أزعجك ذلك؟ أود أن أؤكد أنهم بعض وليس كل أهالي السويس، في البداية أزعجني الأمر، ولكن بعد ذلك وجدت أن جميع المسلسلات يتم مهاجمتها من قبل مجموعة يرون أن المسلسلات تسيء لهم فاختفي الانزعاج من داخلي. - ما هي أصعب الشخصيات التى أرهقتك في كتابة تفاصيلها؟، وكم أخذت من الوقت في كتابة العمل؟ أتممت عامًا كاملًا في كتابة "السبع وصايا"، وأصعب شخصية بالنسبة لي كانت "أحمد عرنوس" لأنها تختلف عن الموجة العامة للمسلسل التي تسير فيها الأحداث. - هل أنت حريص على مخاطبة "الضمير" دائمًا في أعمالك؟ يضحك قائلاً: "بحاول والله". - لماذا ابتعدت عن السياسة في مسلسلك هذا العام؟ لأنني ضد التصنيف، وأميل إلى التجديد والاختلاف دائمًا. - إلى أى مدى نجحت كل شخصية من السبعة ممثلين في تقديم أدوارها؟ جميعهم نجحوا بتفوق، فكل منهم يؤدي دوره بحرفية شديدة. - ماذا عن تعاونك الثاني مع المخرج خالد مرعي، وإلى أى مدى نجح في توصيل فكرة مسلسلك؟ مرعي مخرج رائع، ويكفي أن أقول أنه لولاه لكانت تلك الأعمال من الممكن أن تتحول إلى كوارث درامية علي الشاشة. - هل كان لديك أي قراءات قبل كتابة العمل، كما حدث وفعلت ذلك في العام الماضي بمسلسلك نيران صديقة؟ نعم قرأت كتبًا كثيرة لها علاقة بالموروث الشعبي عند المصريين، وكذلك الأساطير الشعبية.