لم تكن وزارة التربية والتعليم، ومسئولوها يعلمون أن آخر أيام امتحانات الثانوية العامة، ستشهد بوابات الوزارة اشتباكات عنيفة بين طلاب الثانوية المتظاهرين، وقوات الأمن، تصل إلى حد "نزيف الدماء" بين الطرفين. بدأت الاشتباكات في الثانية عشرة ظهرا، واستمرت لأكثر من 4 ساعات متواصلة، استخدم خلالها بعض الطلاب، الحجارة، فيما ردت قوات الأمن بالضرب ب"العصي" وإطلاق قنابل الغاز المسيلة للدموع، وأصيب خلالها بعض الطلاب، وضابط ومجند. لم يقف مسئولو الوزارة، مكتوفي الأيدي أمام مظاهرات الطلاب، برغم انتهاء الامتحانات، لكنهم حاولوا احتواء الطلاب بشتي الطرق، وأدخلوا نحو 30 طالبا وطالبة منهم، إلى إحدى قاعات ديوان عام الوزارة، لسماع شكواهم والأسباب التي دفعتهم للتظاهر أمام ديوان عام الوزارة. واجتمع محمد سعد، رئيس عام امتحانات الثانوية العامة، وهاني كمال المتحدث الرسمي باسم الوزارة، مع ال30 طالبا، واستمعوا إليهم واحدا تلو الآخر، وردوا على كل شكوى على حدة. كانت أغلب الشكاوى متعلقة بالغش الإلكتروني، وتعهد محمد سعد، بالتحقيق في كل شكوى ذكرها الطلاب، سواء كانت عبر الغش الإلكتروني أو الغش الجماعي، إن وجد، وفي حال وجود إجابات مشابهة لأكثر من طالب، سيتم إلغاء امتحان الطلاب المتشابهة إجاباتهم فورا، واعتبارهم قاموا بالغش أثناء الامتحان. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل نزل الدكتور محمود أبوالنصر وزير التربية والتعليم، برفقته اللواء محمد أبوحسين، رئيس قطاع الكتب، وانضموا إلى رئيس امتحانات الثانوية، والمتحدث الرسمي، في اجتماعهم بالطلاب، للرد على مشكلات الطلاب الخاصة بالكتب والمناهج وغيرها. وتعهد الوزير بدراسة كل شكوى أو مقترح تقدم به أي طالب، خاصة بالامتحانات أو المناهج أو السياسة التعليمية، أو الخطة الاستراتيجية لتطوير التعليم خلال الفترة المقبلة. على النقيض من ذلك، وفي الوقت الذي كان فيه الوزير وجميع قيادات الوزارة، يحاولون تهدأة الطلاب المحتجين، كان هناك أفراد أمن تابعون للإدارة المركزية للأمن بالوزارة، يفتعلون الأزمات مع بعض الطلاب، لدرجة وصلت إلى الاعتداء على أحدهم في مدخل القصر، المؤدي إلى مكتب الوزير. وعندما اشتكي الطالب ويدعي "عبدالرحمن"، للوزير، وقال له: "أنا انضربت من أحد أفراد الأمن ويدعي مصطفي"، اعتذر له الوزير، وقال له: "حقك عليا أنا"، ثم خرج الوزير من القاعة، وعاتب فرد الأمن بطريقة حادة. لم يتوقف نفس الفرد، ويدعي "مصطفي" عن التطاول على الطلاب، وقال لأحدهم: "أنا ممكن أجيب بطنك نصين"، وكان ذلك في حضور بعض الصحفيين، وعندما تدخلت إحدى الصحفيات، وقالت له: "ليس من حقك الاعتداء على الطالب بهذا الشكل المهين"، تطاول عليها بعبارات حادة ومهينة، أمام أفراد الأمن، ومن بينهم أحمد خضر، رئيس الإدارة المركزية للأمن. ثار الطلاب من جديد، ضد تطاول أحد أفراد أمن الوزارة، وكادت تحدث مشادات طاحنة من جديد، لولا تدخل بعض العقلاء من مكتب الوزير، الذي كان قد غادر الوزارة في الخامسة والنصف مساءً. لكن، مع حدة الغضب بين الصحفيين والطلاب، بادر المتحدث الرسمي للوزارة، بتقديم اعتذار شفهي لهم، على ما بدر من أحد أفراد أمن الوزارة، ويدعي "مصطفي"، وتعهد بنقل الصورة كاملة إلى الوزير أبوالنصر، ثم توالت الاعتذارات من بعض أعضاء مكتب الوزير. من جانبها تواصلت "بوابة الأهرام" مع الدكتور محمود أبوالنصر، لتنقل له ماحدث حرفيا، لكنه تعهد بإجراء تحقيق فوري وعاجل غدا الأربعاء في الواقعة الخاصة بالتطاول على الصحفية والطالب، وقال: "العقاب سيكون صارما ضد كل من ثبت تطاوله، أيا كان، ولن أصمت أمام ماحدث بأي حال من الأحوال، ولابد أن يسود الاحترام مع الجميع، ولن نتستر على أخطاء أي شخص أو تطاوله، تحت أي ظرف من الظروف".