دعا د. عماد أبوغازي إلى محاكمات عاجلة وصارمة للمتورطين في التعذيب من رجال الشرطة، وقال إنه يمكن استخدام ماقام به النظام السياسي في السبعينيات لمنع ظاهرة التعذيب التي كانت موجهة ضد النشطاء السياسيين في الحقبة الناصرية، من محاكمات عاجلة وصارمة لكل من تورط في تلك الأفعال، وجاء ذلك خلال الندوة التي عقدت بفرع مكتبة "أ" بمصر الجديدة لمناقشة كتاب "إغراء السلطة المطلقة: مسار العنف في علاقة الشرطة بالمواطن عبر التاريخ" للدكتورة بسمة عبدالعزيز ومن إصدار دار صفصافة للنشر، وشارك وزير الثقافة الحالي الدكتور عماد أبو غازي في النقاش كل من أستاذة العلوم السياسية الدكتورة نيفين مسعد، ومدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان بهي الدين حسن. وأكدت الطبيبة النفسية الدكتورة بسمة عبد العزيز، أن نزول الشرطة إلى الشارع الآن يأتي دون تغيير أو اختلاف لسياستها التي كانت عليها قبل ذلك، وأبدت استنكارها من الطريقة التي تنتهجها وسائل الإعلام لغض البصر عن انتهاكات الشرطة طوال الثلاثين عامًا الماضية، وتركيز الخصام بينها وبين المواطن –فقط- في موقف الشرطة الوحشي لقمع ثورة 25 يناير وكأنها -بحسب وصف بسمة- كانت جهازًا ملائكيًا ولم تكن يومًا جهازًا قمعيا كُرس في المقام الأول لإذلال المواطن وتعذيبه. وأوضحت "عبد العزيز" أن مادفعها للمضي قدمًا في عمل بحث عن تلك العلاقة المتوترة بين المواطن والشرطة، كان عملها الخاص بمعالجة ضحايا التعذيب، في مركز النديم لحقوق الإنسان، حيث اكتشفت أن أكثر المتعرضين لتعذيب الشرطة هم "ناس عادية" تتهم في جرائم لم ترتكبها وتجبر بواسطة التعذيب والترويع على الاعتراف بقيامها بتلك الجرائم. ورأت أنه لابد من إصلاح كامل يشمل تلك المنظومة، وأن تعاد هيكلتها من جديد وأن يتولى قيادتها وزيرًا مدنيًا وليس عسكريًا. من جهته أشار د. أبوغازي إلى أن كتاب "إغراء السلطة المطلقة" حاول عقد مقارنات بين الفترات التاريخية المختلفة التي تعاقبت على مصر، لرصد التغيرات التي طرأت على جهاز الشرطة بطبيعة الحاكم سواء كان أجنبيًا أم مصريًا، ثم رصد الصعود والهبوط في العلاقة الحديثة بين المجتمع وجهاز الشرطة، والعنف الجسدي وأشكاله الموجهة، خلال فترتي عبدالناصر والسادات، للمعتقلين السياسيين وكيف تطور في عصر مبارك ليسود جميع المواطنين. وأشار أبو غازي إلى أن طبيعة الباحثة كطبيبة نفسية بالأساس، ساعدها لرصد الطبيعة النفسية والتحولات الحادة في شخصية ضابط الشرطة والتي تبدأ مع مرحلة الدراسة في أكاديمية الشرطة وكيف أنها تؤدي به لممارسة سلوك معين تجاه المجتمع. ولفت إلى أن أهمية ذلك الكتاب ترجع لتنبؤه بتصاعد ورفض المجتمع لهذا العنف المفرط من الشرطة تجاهه فيما بعد، وأضاف أنه يحسب لمؤلفة الكتاب أنها قدمت صرخة ضد السلطة المطلقة في وقت تحكمها في كل شيء، حيث صدر العمل كبحث علمي في العام 2009 وصدرت طبعته الأولى ككتاب في 27 يناير الماضي، وأوضح أن ذلك البحث يفتح بابًا لدراسات عديدة عن العلاقة بين السلطة المطلقة والمجتمع. من جانبها أبدت نيفين مسعد اعجابها بالكتاب، وخاصة ما لفتت إليه المؤلفة من أن تغيير شعار الشرطة من "الشرطة في خدمة الشعب" إلى الشرطة و"الشعب في خدمة الوطن"، لم يكن إلا إحالة بعض من مهام الشرطة إلى المواطنين كما حدث وطلب من المواطنين من قبل التصدي للمخالفين بالسكك الحديدة وهو أمر كان غريبًا حيث أنه من عمل الشرطة، وأخذت مسعد على الباحثة أنها ركزت دراستها في العنف داخل أقسام الشرطة، ولم تمس سلطة أخرى مهولة مثل جهاز أمن الدولة وهو الجزء "الغاطس من جبل الثلج"، كما لم تشر الباحثة إلى استخدام هذا الجهاز عنفه بأقصى درجاته ضد المواطنين، في حالات التعرض للسائحين، أو عند قدوم الانتخابات البرلمانية. وأكد بهي الدين حسن مطابقة مادة البحث للوضع الحالي لمصر، وكأنه كتب خصيصًا لثورة 25 يناير، وألمح إلى أن هذه الثورة التي ستغير وجه مصر، بدأت باختيار الشباب عيد الشرطة لإعلانه يومًا للغضب من الدولة البوليسية، وكان أملهم أن يخرج –فقط- الآلاف للتعبير عن غضبهم تجاه الشرطة تحديدًا، لكنهم وصلوا لنحو 12 مليون متظاهر في أحد الأيام ينادون بسقوط النظام الديكتاتوري وأمن الدولة وينادون بالحرية والعدالة الاجتماعية.