لم يكن دور الفن المصري منفصلاً عن المشهد السياسي والمجتمعي في عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، فمبجرد الإعلان عن إنشاء السد العالي، احتفى بالحدث كبار الفنانين في الوسط الفني، ليقدموا أعمالاً تؤرخ لهذا الحدث الجلل، وتؤكد على عظمة المصريين، في قدومهم على العمل بهذا المشروع. ويعيد الاحتفال باليوبيل الذهبي للسد العالي إلى الأذهان ذكريات الأعمال الغنائية التي قامت بتأرّيخ هذا الحدث الجلل، ويأتي في مقدمتها الراحل عبد الحليم حافظ وهو صاحب النصيب الأكبر من أغاني هذه المرحلة السياسية حتى لُقب ب "مطرب المرحلة"، إذ قدم أغنيته الشهيرة "حكاية شعب" التي مازال الكثيرين يتذكرونها بالمقطع الشهير "قلنا حانبنى وآدى إحنا بنينا السد العالى". ويستكمل عبد الحليم في أغنيته "حكاية شعب" سرد تفاصيل حكاية بناء السد العالى حيث يبدأ كلماته: إخواني تسمحوا لى بكلمة.. الحكاية مش حكاية السد حكاية الكفاح اللى ورا السد.. حكايتنا احنا حكاية شعب .. شعب للزحف المقدس قام وثار شعب زاحف خطوته تولع شرار شعب كافح وانكتب له الانتصار في حين قدمت الراحلة أم كلثوم أغنيتها "قصة السد"، والتي غنتها في حفل جامعة القاهرة في 26 نوفمبر 1959 بمناسبة بناء السد العالي، وتقول كلماتها: كان حلما فخاطرآ فاحتمالا ثم أضحى حقيقة لا خيالا عمل من روائع العقل جئناه بعلم و لم نجئه ارتجالا إنه السد فارقبوا مولد السد وباهوا بيومه الأجيالا يفتح الرزق وهو سد فينساب جنوبا في أرضنا و شمالا ويشيع الحياة تنبض نبتا يغمر الجدب نوره و الرمالا ويبقى النهر نزوة المسرف يلهو فينثر الأموالا ورغم أن أم كلثوم قدمت عدداً من الأغاني الوطنية الشهيرة لها إلا أن أغنية "قصد السد" لم تأخذ شهرة واسعة في هذا الحدث مثل أغنية "حكاية شعب" ل عبدالحليم. وكانت أول أغنية قدمت بعد انشاء السد العالي، هى "جنبنى السد" ويغنيها "مجموعة من الرجال"، بالإضافة إلى العديد من الأعمال الأخري التي قدمها كبار الفنانين منهم نجاة في "سد عالي"، ومحمد عبدالمطلب ب "الله يا سد عالي"، أغنية شادية "بلد السد"، وسعاد محمد وقصيدتها "ياعمال السد" كما قدم الراحل محمد عبد الوهاب أغنية "ساعة الجد". ورغم كل ما حمله مشروع السد العالي من انجاز وتحقيق أحلام المصريين بعد كوابيس عاشوا فيها سنوات طويلة بين الخوف والانتظار في واقع "أسود" إلا أن السينما في هذا الوقت لم تقم بترسيخ هذا الحدث إلا في مشاهد نادرة من أعمال كبيرة. ومن الأفلام التي تناولت فيلم "الحقيقة العارية" الذي لعبت بطولته الفنانة ماجدة، والراحل إيهاب نافع، والتي تدور أحداثه في إطار قصة حب تنشأ بين مرشدة سياحية ومهندس يعمل في السد العالي، ورغم أن العمل من المفترض أن أحداثه تدور عن هذا الحدث إلا أنه لم يرتكز بالدرجة الأولى عليه باستثناء مشهد واحد يقوم من خلاله المهندس بشرح كيفية أداء وعمل السد العالي. وهناك أيضاً فيلم آخر بعنوان "الناس والنيل"، والذي تبدأ أحداثه بتحويل مجرى نهر النيل عام 1964، ثم تبدأ شخصيات عديدة فى تذكر الماضى، من خلال قصة طبيب يلتحق بالعمل فى السد العالي من أجل خدمة العاملين فيه، لكن زوجته "نادية" وهى فنانة تشكيلية ترفض الانتقال معه، في حين أن والدها المهندس يضطر للسفر هناك، مما يجعلها تغير وجهة نظرها.
