على الرغم من أننا نسير بسرعة جنونية نحو "رقمنة العالم" فى ظل الثورة الرقمية التى تجعل من عدد قليل من "النقرات" كافيًا للغاية للحصول على المعلومات المطلوبة فى ثوان معدودة، إلا أن الطريقة التقليدية للبحث والمعرفة لا تزال تفرض نفسها من خلال ملايين الكتب، والمراجع والمخطوطات الموجودة فى مكتبات تفتخر الشعوب بها وبعطائها للإنسانية على مر العصور ولسان حالها هنا أقدم مكتبة فى العصر الحديث. ومن هذا المنطلق قررت مجلة البيت في عددها الصادر هذا الشهر إلقاء الضوء على أقدم مكتبات العالم، والتى أشارت إليها كاتبة الموضوع مونيكا فايز وكانت مفاجأة وذلك بوجود أقدم مكتبة في العالم على أرض مصر وتحديدًا فى أحد أقدم الأديرة الموجودة فى العالم بدير سانت كاترين بالبحر الأحمر (بين عامي 548 و565م). فهى المكتبة الأهم على مستوى العالم من حيث احتوائها على مخطوطات نادرة بعد مكتبة الفاتيكان، وبها مخطوطات تؤكد مبدأ تسامح الأديان بالإضافة إلى أقدم مخطوط للتوراة فى العالم وهو مخطوط التوراة اليونانية المعروفة باسم (كودكس سيناتيكوس) وتحتوى المكتبة على أهم مخطوط إسلامى وهو مخطوط العهدة النبوية الذى حفظ صورة منه بمكتبة دير سانت كاترين بعد أن أخذ السلطان سليم الأول النسخة الأصلية عند فتحه لمصر 1517م وحملها إلى الأستانة وترك لرهبان الدير صورة معتمدة من هذا العهد مع ترجمتها للتركية وهى العهدة الذى أعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم للنصارى طبقاً لتعاليم الإسلام السمحة وفيها أمان كامل للمسيحيين على أموالهم ومقدساتهم وأملاكهم وحريتهم الشخصية وحرية العقيدة. المكتبة تحتوى على 6 آلاف مخطوط وآلاف الكتب الحديثة منها مخطوطات يونانية لاتينية وعربية وقبطية وأرمينية وهى مخطوطات دينية، تاريخية، جغرافية وفلسفية وبعض هذه المخطوطات كتبت فى سيناء وبعضها من فلسطين، سوريا، اليونان وإيطاليا كما تحوى المكتبة عددًا من الفرمانات من الخلفاء المسلمين لتأمين أهل الكتاب، والمكتبة ليست متاحة للجمهور ومسموح فقط للرهبان والعلماء المدعوين للدخول.