عاد إلى القاهرة الوفد الصحفي المصري قادمًا من العاصمة البلجيكية بروكسل بعد زيارة لمقر حلف شمال الأطلنطي (الناتو) وذلك بمناسبة مرور 20 عامًا على انطلاق الحوار المتوسطى مع حلف شمال الأطلنطى. وتعد هذه الزيارة- التي تأتي في إطار برامج التعاون الثنائي وتبادل الزيارات بين مصر والحلف- هي الأولي من نوعها حيث قام عدد من كبار مسئولي الناتو وعلى رأسهم السفير الكسندر فيرشبو نائب أمين عام الحلف بإلقاء محاضرات تناولت التعريف بسياسات الحلف إزاء منطقة الشرق الأوسط وآفاق التعاون الثنائى المختلفة بين مصر والحلف خاصة في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة ومنع الانتشار النووي ونزع السلاح، وإدارة الأزمات، بالإضافة إلى فرص التعاون فى مجال الهجمات الإلكترونية، وكذلك رؤية الحلف المستقبلية للتحديات الأمنية والتعاون العلمي بينه وبين شركائه ودوره في مواجهة التحديات الأمنية. وخلال الحلقات النقاشية مع أبرز مسئولي حلف الناتو، قام الوفد المصري بعرض رؤيته الصريحة إزاء العديد من القضايا التي تهم مصر والعالم العربي وعلى رأسها انحياز الحلف لإسرائيل والضغوط التي تمارسها الولاياتالمتحدةالأمريكية على الناتو واعتبار عدد من الدول الأوروبية أعضاء بالحلف، ما حدث في مصر بعد ثورة 30 يونيو أنه انقلاب عسكري في الوقت الذي وصفوا فيه ما حدث بأوكرانيا على أساس أنها ثورة، كذلك التحدث عن تهديد برنامج إيران النووي لمنطقة الشرق الأوسط وعدم الإشارة لإسرائيل، مما وصفه الوفد المصري بسياسة الكيل بمكيالين. كما وجه الوفد انتقادات خلال الحلقات النقاشية لكبار مسئولي الحلف حول وجود مركز للدفاع ضد الإرهاب تابع للناتو بأنقرة في الوقت الذي تدعم فيه تركيا جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية التي تعتبرها مصر وبعض الدول العربية جماعات إرهابية، وكذلك تسبب قوات الحلف في سقوط ضحايا بين صفوف المدنيين أثناء عملياته العسكرية بليبيا ضد نظام الزعيم القذافي، فضلاً عن إصرار الحلف الحديث عن إنجازاته في أفغانستان. واستمع مسئولو الناتو إلى آراء الوفد المصري بصدر رحب حيث كشفوا خلال الرد على أسئلة الصحفيين عن آراء الحلف وتعامله تجاه قضايا هامة لم يتم الإعلان عنها من قبل، وعلي رأسها أن الناتو لم يصف من قبل ما حدث في مصر على أنه ثورة شعبية بل كان هذا رد فعل بعض أعضائه، وأنه عرض علي الرئيس المعزول محمد مرسي مساعدته في العمليات الإرهابية التي شهدتها سيناء إلا أنه لم يهتم، وأن حكومتى مرسى ويانكوفيتش حكمتا بشكل دفع الشعب إلى الثورة، كما أكدوا أن قرار اعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية يحتاج إلى قرار من الاتحاد الاوروبي لأنه كيان مستقل يمثل الدول لكن الاتحاد لم يفعل ذلك حتى الآن. كما كشف مسئولو الناتو أيضًا للوفد الصحفي عن أن مصر لم تطلب أي مساعدة من الحلف في حربها ضد الإرهاب، فضلاً عن صعوبة إقناع إسرائيل بالتخلي عن برنامجها النووي، وخشيتهم من عودة طالبان عقب انسحاب قواتهم من أفغانستان، كذلك إنقاذهم للشعب الليبي من زعيم ديكتاتور، وعدم صحة الصورة الذهنية لدي الراي العام العربي بانحياز الحلف لإسرائيل في ملف التسوية مع الفلسطينين وذلك بسبب تواجد الولاياتالمتحدة ضمن دول الحلف، حيث أكدوا أن الفلسطينيين لم يطلبوا المساعدة وأن تدخل الحلف في هذا الشأن لا بد أن يأتي بقرار من الأممالمتحدة، وأن أمريكا لا تمارس ضغوطًا على الحلف بل هي عضو هام وأساسي ضمن 28 عضوًا. وشدد مسئولو الناتو- خلال الحلقات النقاشية- على اهتمامهم البالغ بالتطورات السياسية بمصر وضرورة عودة دورها المحوري وأن تكون كلمتها مسموعة في الجامعة العربية وأهمية استعادتها لعافيتها في المجال الاقتصادي، والنظر إلى كيفية الاستفادة من مركز مكافحة الإرهاب في أنقرة، معربين عن اقتناعهم التام بأن أمن وسلامة دول الحلف مرتبط بأمن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وأعرب مسئولو الناتو عن أملهم في وجود عملية سياسية شاملة في مصر تضم كل الأطراف وأن تصل العملية السياسية القائمة في مصر إلى حكومة منتخبة بطريقة ديمقراطية تجمع كافة الآراء المختلفة علي الساحة السياسية، مؤكدين أن الناتو يتحدث عن مبدأ ولا يتدخل في الشئون الداخلية لأي دولة. وركزت العديد من الحلقات النقاشية عن المشاورات الجارية بين مصر والناتو لتطوير برامج الكشف عن الألغام بالصحراء الغربية، فضلا عن إشادة الناتو لما قامت به مصر لمواجهة ومكافحة ظاهرة القرصنة أمام السواحل الصومالية وخليج عدن. وأعرب مسئولو الحلف عقب اختتام برنامج زيارة الوفد المصري عن رغبتهم في تكرار هذه الحلقات النقاشية كل عام نظرًا لما حققته الزيارة من نجاح وجدوى، حيث استطاع الحلف من خلال حواره مع الوفد التعرف على رؤية الإعلام المصري تجاه سياسات الناتو وعلى الانتقادات التي يوجهها العالم العربي له في ما يتعلق بعدد من الموضوعات والقضايا. تجدر الإشارة إلى أن الوفد يضم 18 محررًا دبلوماسيًا من مختلف المؤسسات الصحفية وهم: ماهيتاب عبدالرؤوف (وكالة أنباء الشرق الأوسط)، سنية محمود (جريدة الشروق)، سحر ضياء الدين (الوفد)، محمد هنداوي (جريدة الأخبار)، محمود بكري (رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة الأسبوع)، وردة الحسيني (أخبار اليوم)، محمد الرماح (التحرير)، محمد وديع (مجلة اكتوبر)، يوسف أيوب (اليوم السابع)، حازم الملاح (البديل)، اكرم سامي (الوطن)، سامي حجازي (الإذاعة )، عبير عطية (مجلة صباح الخير)، وكل من ربيع شاهين ومحمود النوبي وعائشة عبدالغفار وطارق السنوطي من مؤسسة الأهرام، بالاضافة الي أملرشدي من قناة النايل تي في والكاتب كمال جاب الله والكاتبة نشوى الحوفي والدبلوماسي المستشار نادر ذكي من المكتب الصحفي لوزارة الخارجية التي قامت بتنسيق وإعداد هذه الزيارة مع حلف الناتو.