في بيرينغو التي تبعد ساعتين عن بانغي احتل مئات من عناصر سيليكا قصر بوكاسا القديم، بعد أن تخلت عنهم قيادتهم وتركوا لمصيرهم مع بنادقهم الخشبية والفئران التي يقتاتون بها. والقصر مبني على مساحة كبيرة احتلت الأعشاب العالية المباني البيضاء الصغيرة الواقعة على مدخله. لوهلة أولى يبدو المكان مهجورًا. لكن سرعان ما يخرج رجال من المباني ليقفوا في حالة تأهب. أمام القصر المتهالك لإمبراطور إفريقيا الوسطى الراحل بوكاسا الأول وبركته المليئة بمياه خضراء، قام حوالى 50 رجلاً بتمرين على حمل السلاح. واستجابوا حرفيًا لأوامر "استرح!" "احمل سلاحك!" "قدم سلاحك!" التي أطلقها قائد الفصيل الذي جال بينهم بخفين وقميص رياضية. لكن أسلحتهم زائفة. فبنادق الكلاشنيكوف التي حملوها خشبية، وقاذفة القنابل أنبوب مياه، ولن مدفع الهاون لن يؤذي ذبابة. وأوضح لويس ديغون زمباكومبا معتمرًا قلنسوة ولابسًا سروالاً قصيرًا وقميصًا "إن الرئيس دجوتوديا هو من أحضرنا إلى هنا كي نتلقى تدريبًا عسكريًا. أنهينا تدريبنا ونحن ننتظر مذاك". وصل هؤلاء الرجال إلى هذا المكان في 2 أبريل 2013. وكانوا 1200 عنصر حسب ما يقولون. في تلك الفترة كان متمردو سيليكا ذوي الأكثرية المسلمة في بانغي قد نصبوا للتو ميشال دجوتويا رئيسًا. في بيرينغو بدأ التمرين امام تمثال برونزي كبير لبوكاسا. هنا كل عناصر سيليكا من المسيحيين. لكن بعد أشهر في ديسمبر فر المدربون والضباط من المكان في خضم هجوم لميليشيا انتي-بالاكا المسيحية باكثريتها. لاحقا أجبر دجوتويا على الاستقالة بسبب عجزه عن وقف أعمال القتل الطائفية. منذ ذلك الوقت يقيم المئات منهم في بيرينغو، محتجزين في سجن بلا جدران يمكنهم الخروج منه فقط للذهاب إلى القرية لكن ليس الى بانغي. فالأمر بات خطيرا جدا لعنصر في سيليكا. وأوضح لويس ديغون في القصر الذي استحالت جدرانه البيضاء والذهبية اسمنتا قبيحا اكلته الرطوبة وسكنته الخفافيش "كلنا مسيحيون، كاثوليك او بروتستانت. ليس من مسلم واحد هنا. لكن بسبب الاضطرابات لا يمكننا الخروج". أمام البركة وهيكل المزلقة الحديدي تحت شرفة القصر جلس رجال يطهون الجذور البرية. ووصل اخر مع فأرة عالقة في فخ خشبي، استعدادا لطهوها. ويصطاد الرجال حوالى 150 فأرة يوميا. كما يأكلون الضفادع والاسماك الباقية في البركة..."ننام على الكرتون، ونأكل كالخنازير، حياتنا اليومية كارثية" على ما اكد باتريك مبيتيسينغا البالغ 24 عامًا. "لكننا نظيفون لاننا عسكريون". ويأمل الرجال في الانخراط في الجيش. "نحن ابناء البلاد ولدينا تدريب عسكري جيد، لا يمكنهم التخلي عنا" على ما افاد برنابي ميتيفارا البالغ 28 عاما. على بعد كيلومترات على حاجز انتي-بالاكا لا يشكل مصير مسيحيي سيليكا مثار بهجة. "ولدوا في افريقيا الوسطى، ويريدون العمل معنا. انهم من عناصر سيليكا الأخيار، لا الأشرار الذين ينهبون ويخربون" بحسب القيادي في انتي سيليكا مانو مانا. ولسد رمقهم باع عناصر سيليكا معدات عسكرية إلى الانتي-بالاكا. وتذكر رئيس بلدية القرية منذ 21 عاما، ببزته الداكنة وربطة عنق حمراء كيف كان هذا القصر "جوهرة" في سنوات حكم بوكاسا الظافر. وانتخب بوكاسا الذي كان ضابطا صغيرا سابقا في الجيش الفرنسي رئيسا مدى الحياة عام 1972. بعد خمس سنوات اعلن عن نفسه امبراطورا في غحدى النزوات الغريبة التي طبعت نظامه قبل سقوطه السريع عام 1979 بعد قتل جهاز حرسه الشخصي حوالى مئة تلميذ مدرسة. ويأخذ رئيس البلدية هذه القضية بشكل جدي. وأكد "إننا نعمل كي يتم دمجهم في الجيش". وتابع "لا عيب فيهم وسيؤدي التخلي عنهم إلى إثارة مشكلة أمنية".