فور التأكد من صحة توقيع بوروندى على الاتفاقية الإطارية لدول منابع حوض النيل، -مستغلة انشغال مصر والسودان بالتطورات المتلاحقة فيهما- عقدت اليوم بوزارتى الرى والخارجية اجتماعات عاجلة وطارئة على مستوى عال، لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على حقوق مصر التاريخية فى حصتها السنوية من مياه النيل، والتى تقدر بنحو 55.5 مليار متر مكعب، وأخذ موافقتها قبل شروع دول المنبع فى إقامة مشروعات تؤثر على هذه الحصة. كما بدأت مصر اتصالات مهمة اليوم الثلاثاء مع السودان، لدراسة كل البدائل لمواجهة تلك الأزمة ومن بينها اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، للحفاظ على حقوقهما التاريخية فى مياه النيل والتى تحددها الاتفاقيات الدولية المعروفة باتفاقيتى (1929-1959.) و من المقرر أن يناقش مجلس الوزراء فى اجتماعه غدا الأربعاء تقريرا حول ملف النيل وتطورات الموقف، والتدابير والإجراءات الكفيلة بالحفاظ على حقوق مصر، تمهيدا لعرضه على المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وبتوقيع بورندى أصبح الطريق ممهدا لإقرار الاتفاقية ببرلمانات الدول الست الموقعة على الاتفاقية وهى (وتنزانيا، وكينيا، وأوغندا، وإثيوبيا، وإريتريا، وبوروندى"، ودخول الاتفاقية حيز التنفيذ بعد ذلك. وقال مصدر مسئول بوزارة الرى ل"بوابة الأهرام": "إن الاتفاقية الإطارية التى وقعت عليها الدول الست، لا تعفى هذه الدول من التزاماتها نحو الاتفاقيات السابقة مع مصر والموجودة منذ عشرات السنين، وهي اتفاقات قائمة وسارية". وشدد على أن من حق مصر اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على حقوقها التاريخية في استخدام مياه النيل، مشيراً إلى أن مصر تُرحّب بأى مشروع لزيادة الطاقة الكهربائية لدول الحوض، ولكنها في الوقت نفسه لن تسمح بأي استخدام لمياه النيل في الرى يضر بحصة مصر المعروفة حسب الاتفاقات السارية حالياً. وفي ذات السياق أجمع خبراء قانون دولي على أن توقيع دول منابع النيل على اتفاقية إطارية لتقسيم مياه النهر دون مصر والسودان، يلزم مجلس الأمن بفرض عقوبات على هذه الدول لتهديدها السلم بالمنطقة. وقال الدكتور نبيل حلمي عميد كلية حقوق الزقازيق سابقاً وأستاذ القانون الدولي، إن حقوق دولتي المصب مصر والسودان في مياه النيل حقوق تاريخية ولا يجوز مخالفتها، مؤكداً أن محكمة العدل الدولية اعتبرت الحقوق في النهر الدولي مثل اتفاقيات الحدود. وأشار حلمي إلى أنه لا يمكن لتلك الدول أن تُغيّر اتفاقيات دولية حتى لو تذرعت بأنه جرى توقيعها في ظل الاحتلال والاستعمار، لافتاً إلى أن مبدأ الاستخلاف الدولي أو التوارث الدولي لا يمكن تغييره بتغير نظم الحكم في تلك البلدان، وحدد خطوات تسير عليها مصر للحفاظ على حقوقها القانونية والتاريخية وهى: التفاوض والاتصال السياسي وعلاقات المصالح مع دول حوض النيل، والثانية التدخل القانوني من خلال تقدم مصر والسودان بشكوى إلى مجلس الأمن ضد دول المنبع لقيامها بعمل غير شرعي يخالف القانون الدولي يمكن أن يهدد الأمن والسلم في المنطقة. ويقوم محور الخلاف بين مصر ودول المنبع حول اتفاقية 1929 الموقعة بين القاهرة وبريطانيا والتى منحت مصر بموجبها حق الاعتراض على إقامة مشاريع تبنى على النيل خارج أراضيها قد تؤثر على حصتها من المياه. كما تمنح اتفاقية أخرى موقعة بين مصر والسودان فى 1959، مصر 55.5 مليار متر مكعب من المياه كل سنة -أى 87% من منسوب النيل-، والسودان 18.5 مليار متر مكعب. وقاطعت مصر والسودان مراسم إعلان الاتفاقية، وتعهدتا بعدم الاعتراف بأى اتفاق يتم التوصل إليه دون موافقتهما.