تبدو اللوحة الفنية عالما مستقلا بذاته، يدخل المتلقي إلى هذا العالم من عدة أبواب نفسية وذهنية وروحانية. وكلما كان هذا التجاوب والارتباط ما بين اللوحة والمتلقي أكبر، كانت المتعة والعلاقة بينهما أوطد وأكثر حميمية. وستظل متعة الاكتشاف والغوص إلى أعماق هذا العالم داخل اللوحة مثيرة في كل مرة ودافعا للتأمل. من هذا المنطلق يسعى الفنان التشكيلى المصرى أمين الصيرفى لتسجيل إحدى لوحاته تحت عنوان "العنصر الخامس" فى موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية العالمية، كأول لوحة مرسومة في العالم يمكن عرضها في 8 أوضاع مختلفة، دون إخلال بالتوازن الفني والبصري. هذه اللوحة استغرقت ثمانى سنوات حتى تخرج إلى النور ،وتم عرضها مؤخرا بمعرض لأعمال الفنان التشكيلى أمين الصيرفى بمقر المركز الثقافى الروسى فى القاهرة انتهى بالأمس الأثنين. عن هذه اللوحة التقت "بوابة الأهرام" صاحبها وقال لنا "العنصر الخامس" صممت بشكل مغاير للتقليدي من حيث البناء والتكوين الذي يعتمد عادة على وجود قاعدة للأشكال في اللوحة تساعد على توازنها واستقرارها بصريا، فقد صممت بحيث يمكن عرضها ورؤيتها في ثماني أوضاع مختلفة (4 أضلاع – 4 زوايا) دون الإخلال بالتوازن ودون الشعور باختلال في العناصر وهي المرة الأولى التي يتم تنفيذ لوحة معاصرة مرسومة بهذا الشكل. أضاف " 8 أوضاع وأساليب للعرض يمكنها أن تمثل معرضا متكاملا في لوحة واحدة، كل طريقة لعرض اللوحة قد يمثل حالة مختلفة مع المتلقي، مما يعني أنها لوحة أكثر تجاوبا وتعددية في علاقتها بالمشاهد، فهي تتجاوب مع حالاته النفسية في كل وضع يمكن اختياره لعرضها وفقا لرغبته. وهي بذلك أيضا تظل أكثر إثارة وتفاعلا مع الآخرين على المدى الطويل، كأنها لوحة جديدة في كل مرة تعرض بشكل مختلف، ربما تمثل هذه الفكرة المبتكرة مدرسة أو نهجا جديدا للفن التشكيلي الحديث في المستقبل. تتكون اللوحة من عناصر الكون الأربعة الأساسية التربة والماء والهواء والنار، وتظهر اللوحة تعايشا وتكاملا هذه العناصر الأربعة فى مناخ واحد أو الكون الواحد، داخل دائرة كبيرة لا نهائية العمق تمثل العنصر الخامس وراء هذا التعايش وهو "الحب" أو "الله" مركز الكون. يتمثل عنصر التراب أو الأرض الأم، وهي امرأة يكتسي جسدها باللون الأخضر في رحمها ثمرة تعني الخصوبة، والعناصر المكملة يحوط بها طائر مخلق أشبه بالطاووس وخلفها عين حورس الحارسة وورقة شجر ضخمة تحوطهما. والثانى الماء أو البحر يتمثل في امرأة أشبه بعروس البحر الأسطورية أو أسطورة خلق فينوس وهي تمسك بالأمواج ومحاطة بالأسماك واللآلئ في شعرها رسم رمز الماء الفرعوني. والعنصر الثالث الهواء أو السماء وهي امرأة زرقاء أشبه بالأفق المملوء بالسحب تحوطها مجموعة من النباتات الخيالية الأشبه بزخارف المعابد الهندية. أما النار أو الشمس يتمثل فى الوهج الناري الأكبر هذا العالم الذي نعرفه، وتم صياغتها بتحايل بحيث تظهر في قلب اللوحة "كشمس" تخرج منها زخارف والسنة زخرفية من وحي الفن الإسلامي_في نفس الوقت هي قلب نبات عباد الشمس له جذع يمتد قرب الأرض وهو رابط ما بين الأرض والسماء، في حين تمثل هذه الدائرة الساخنة قلب اللوحة والرابط الرئيسي بين جميع العناصر. أما الأرضية الخارجية فهي شعاعات ضوئية زرقاء تمثل المحيط الخارجي للعناصر والرابط البصري للتكوين والإغلاق. أمين الصيرفى هو رئيس جماعة الفن والمجتمع للفنانين الشباب وعضو نقابة الفنانين التشكيليين وعضو الاتحاد المصرى للكتاب وعضو الجمعية المصرية لنقاد الفن التشكيلى، ويعمل حاليا مدير النشاط الثقافى بدار الأوبرا المصرية.