اعتبر الدكتور نبيل العربى، الأمين العام للجامعة العربية، انطلاق أعمال مؤتمر جنيف (2) أمس لحظة مفصلية فارقة لبدء مسار الحل التفاوضي السياسي للازمة السورية منبها إلى أن المشاركين فيه لايمتلكون رفاهية إضاعة أو تبديد هذه الفرصة التاريخية لإنهاء النزاع الدامي والمدمر في سوريا وما يحمله من مخاطر على بنية الدولة السورية أرضاً وشعباً ومؤسسات، إضافة إلى ما يحمله أيضاً من تداعيات خطيرة على أمن واستقرار دول الجوار، لا بل أمن واستقرار المنطقة على اتساعها. وقال فى كلمته أمام المؤتمر الذى انطلق اليوم ووزعتها الأمانة العامة للجامعة على الصحفيين بالقاهرة إن الهدف الذى نسعى اليه من عقد المؤتمر فى ضوء دعوة بان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة يتمثل فى التنفيذ الكامل لمقررات بيان مؤتمر جنيف الأول، وأهمها تشكيل هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة. وهو ما يستوجب التحرك الفوري لتنفيذه. وأشار العربى الى أن جامعة الدول العربية كانت أول من بادر بالتحرك لمعالجة هذه الأزمة وذلك منذ يوليو 2011، لافتا الى ما طرحته من مبادرات للتوصل الى حل سلمى لهذه الازمة، بدءاً من اطلاق المبادرة العربية لحل الازمة السورية في 27 أغسطس 2011، ومرورا بخطة العمل العربية التى وافقت عليها الحكومة السورية في نوفمبر 2011 والتي تبعها ايفاد بعثة المراقبين العرب للإشراف على وقف اطلاق النار وجميع اعمال العنف والقتل التى تعرض لها الشعب السورى الذى كان يطالب بحقة المشروع فى الحرية والديمقراطية. وعبر العربى عن ٍأٍسفه لعدم نجاح جميع هذه المساعى، حيث لم تلتزم الحكومة بما وعدت به مما استدعى صدور قرار مجلس الجامعة العربية باللجوء الى مجلس الامن وذلك وفقاً للفصل الثامن من ميثاق الأممالمتحدة. وكان ذلك في تاريخ 22 يناير 2012، اى قبل عامين بالتحديد توفى فيهما اكثر من مائة وثلاثين ألف شهيدا ودمرت سوريا والملف السورى قابع فى مجلس الامن دون اضطلاع المجلس بمسؤلياته هذا القتال يجب ان يتوقف. وشدد العربى علي أن الحل السياسي المنشود يجب أن يصنعه السوريون بأنفسهم وبإرادة حرة معبرة عن طموحات جميع مكونات وأطياف الشعب السوري في التغيير الحقيقى والإصلاح الشامل، وبما يحفظ لسوريا وحدتها وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها داعيا إلى ضرورة بلورة موقف موحد وعمل دولي مشترك يضع حداً للعنف المستشري ولانتهاكات حقوق الإنسان ويضمن معاقبة المسئولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التى ارتكبت ضد الشعب السورى والتى لا تسقط بالتقادم مهما مر الزمن. وأكد العربى أن الحل الوحيد المتاح والضروري لإنهاء الأزمة وإطلا ق عملية بناء سورية الجديدة المعبرة عن تطلعات كل أبناء الشعب السوري هو الحل السياسي التفاوضي طبقا لبيان جنيف، ولم يعد من الجائز المراهنة على أية حلول أخرى، ومرارة تجربة السنوات الماضية في المراهنة على الحسم العسكري يُدرك السوريون جيداً مدى خطورتها. طالب الأمين العام للجامعة العربية بأن يواكب انطلاق مؤتمر جنيف 2 تحرك جدي وفاعل من قبل المجتمع الدولي ممثلاً في مجلس الأمن، لخلق المناخ ولدفع وانجاح الخطوات المطلوبة للتوصل إلى اتفاق لوقف القتال وحقن الدماءوكذلك فتح ممرات آمنة لوصول المساعدات الإنسانية العاجلة للمناطق المتضررة والمحاصرة إضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين. كما دعا إلى إتخاذ التدابير اللازمة لتأمين عودة اللاجئين والنازحين الى ديارهم ودعم الدول المضيفة للاجئين والمنظمات الإغاثة الدولية المعنية بما في ذلك تنفيذ التعهدات التي أعلنت عنها الدول المانحة قبل أيام في مؤتمر الكويت. وهذه تدابير أساسية وضرورية لتعزيز انطلاق العملية السياسية، ولكن تبقى من مسئولية الدول والأطراف المجتمعة هنا اليوم، خاصة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، العمل معاً على التوصل إلى قرار بالوقف الشامل والتام لجميع الأعمال العسكرية في كافة أنحاء الأراضي السورية، وتبني آلية دولية للرقابة والإشراف على وقف إطلاق النار وتأمين وصول المساعدات الإنسانية دون أية عوائق، وهو ما طالبت به جامعة الدول العربية تكراراً خلال السنوات الثلاث الماضية. ورأى العربى أن حركة التغيير الواعدة بمستقبل أفضل لشعوب المنطقة العربية تمر بمرحلة انتقالية لا تخلو من المخاطر والاضطراب الشديد، وإن ما يجري في سوريا هو في قلب حركة التغيير لتحقيق تطلعات الشعوب العربية مبينا أن إنجاز الحل السياسي للأزمة السورية والانتقال نحو سوريا الجديدة بتوافق الشعب السورى يشكل مفتاح الأمن والاستقرار ليس في سوريا فحسب، وإنما سيكون له الأثر الإيجابي الكبير على نزع فتيل بعض التوترات التي تشهدها الدول المجاورة لسورية.