من أمام معبر السلوم البرى على الحدود المصرية مع ليبيا، يقف أفراداً لايخرج من ألسنتهم سوى عبارة تبدو موحدة فيما بينهم وهى:" تعالى القاهرة مجاناً..تعالى اسكندرية مجاناً..تعالى أى محافظة فى الصعيد مجاناً".وعندما ينظر أحد هؤلاء إلى أى شخص يقف أمام معبر السلوم يحمل فى يده شنطة سفر يقول له: "مسافر يابيه؟". كلمة "بيه" و"باشا" تخرج من أفواه هؤلاء الأشخاص لأى أحد يقف أمام معبر السلوم، سواء كان من يتحدثون إليه يظهر عليه صفات "البهوية" أو حتى كانت ملابسه مهلهلة وفى حالة يرثى له، لكن ظهرت هوية هؤلاء بعدما اقتربت منهم "بوابة الأهرام" لتسألهم عن طبيعة عملهم المجانى، فى وقت يستطيع فيه أى أحد أن يكسب الكثير مادياً من وراء هؤلاء العائدين من ليبيا لو استغل الفرصة. اقتربنا من شخص تكسو الابتسامة ملامح وجهه يدعى ابرهيم محمود، لنعرف المزيد عن "المجانية" التى ينادى بها هو وزملاؤه، فكان الرد بأنه يعمل فى شركة شرق الدلتا للنقل البرى، وأن مسئولو الشركة أرسلوه إلى معبر السلوم لنقل المصريين العائدين من ليبيا مجاناً ودون تحمل "مليماً واحداً" من نفقات سفرهم وتوصيلهم إلى ذويهم. سألته: تكاليف السفر مجاناً مجاناً يعنى؟ فكان رده بأن القوات المسلحة هى التى طلبت من الشركة بنقل المصريين من أمام معبر السلوم وحتى منازلهم مجاناً على أن يتحمل الجيش كل نفقات السفر، وأن هذه التعليمات صدرت لنا منذ مايقرب من أسبوع، فور اندلاع الثورة فى ليبيا. سألناه عما يثير انتباهه من المصريين العائدين من ليبيا فجاء رده غريباً بأن الغالبية العظمى منهم "بيفتكر إننا بنهزر لما بنقول التوصيل مجاناً" وكأنهم لم يتعودون على ذلك من قبل أن تقوم جهة فى مصر بهذا العمل الخيرى، لكن القوات المسلحة ضربت مثالا للشرف والوطنية عندما أقدمت على هذه الخطوة، وهذا ليس بغريب عن أشرف مؤسسة عسكرية فى العالم، وهو الجيش المصرى، على حد وصفه. أشرف رضوان سائق الأتوبيس رقم 631 شرق الدلتا لم يختلف كلامه كثيرا عن زميله ابراهيم محمود عندما أكد أن الشركات التى تنقل المصريين من أمام معبر السلوم هم غرب الدلتا وشرق الدلتا والسوبر جيت للنقل الداخلى فى الوجهين القبلى والبحرى، وأن كل سائق ينقل يوميا حوالى 6 رحلات بمعدل 40 راكباً فى الرحلة الواحدة، فيما خصصت شركة شرق الدلتا 60 أتوبيسا لهذا الغرض، وغرب الدلتا 65 والسوبر جيت 40. سألته: هل يتم نقل المصريين فقط مجاناً ؟ وهنا دخل زميله ياسر الحسينى الذى يعمل على خط السلوم- القاهرة، للرد على السؤال قائلا إن التعليمات التى صدرت لسائقى الاتوبيسات أن ينقلوا أى شخص دخل إلى الاراضى المصرية عبر معبر السلوم مهما كانت جنسيته، ليبى أو سورى أو سودانى أو أردنى، وهؤلاء يتم معاملتهم معاملة المصريين بل أكثر، لأنهم ضيوفنا فى مصر. وعما إذا كان الراغب فى الركوب مصاباً يتم السماح له بالسفر من عدمه، قال ياسر إننا – أى السائقين- نقوم بطلب سيارة الإسعاف له، ولو كان الراكب يصطحب أى شنط سفر أو متعلقات شخصية يقوم السائق بتحرير إيصال أمانة على نفسه يدون فيه كل متعلقات الراكب، ويأخذ الشخص المصاب أصل الإيصال، ويحتفظ السائق بصورته ثم يحصل هذا السائق على عنوان ورقم منزل المصرى المصاب ويقوم بتوصيل الأمانات إلى المحطة الدولية للأتوبيسات بالعباسية فى القاهرة التى منها يتم توصيل الأمانات إلى أهل هذا الشخص.