تجسد رواية "سيرة العريان" -وهي الرواية الخامسة للناقد الروائي عبدالجواد خفاجي التي تصدر عن مجموعة النيل العربية - سيرة الإنسان المصري صاحب الحق الأصيل في الحياة بهذا الوطن، الذي جرده نظام مبارك من هذا الحق، ليتحول الوطن إلى سجن كبير، والمواطن إلى شبح لإنسان كان، يموت بحلمه المؤود في صدره معذباً، محروماً من كل مطالب الحياة البيلوجية والمعنوية والروحية. والعريان هو اسم بطل الرواية الذي بَخِل عليه المجتمع بداية من الاسم، ويلقي بدلالته على الواقع الشحيح الذي يضن على الإنسان بما يستره، والاسم يتفق مع آليات السرد التي تسعي إلى كشف الشخصية بحيث تظل دائما عارية عما يسترها أمام القارئ ، لتنكشف كل جوانبها الثقافية والاجتماعية والنفسية والرؤيوية ليس جرياً وراء الطابع المفضوح للواقع، وليس لتقابل الرواية عرياً بعري، ولكنها تسعي إلى اكتشاف الجوهر الذي كان الواقع أعمى عن إدراكه، فإذا كان المجتمع قد جرد الشخصية من كل ما يسترها فالرواية تكشفها لتكشف عن نقائها وجوهرها، وكأنها تتعاطف معها بشكل ضمني، لنقدمها كنموذج إنساني ثري بالإنسانية والطموح والوعي والأصالة والانتماء في واقع ضنين أعمى بلا إنسانية. جدير بالذكر أن الروائي عبدالجواد خفاجي يفضل البقاء مع كنز مصر الحضاري في جنوب مصر، حيث الهدوء والبراح، الذي يتيح له تأمل الحياة والواقع ومعاقرة النتاج الفكري والأدبي بشكل يتسم بالإخلاص والعشق، ومن ثم نجد حضورا طاغيا للريف في روايته وانحيازاً واضحا لطبقتى المهمشين والمهضومين في هذه الحياة بواقعها الطاغي وطغيانه الرأسمالي الذي يُسلِّع كل شيء.