عانى الشباب بعد 25 يناير من ظاهرة أقرب للجحود السياسي، وتمثلت في إنكار الوجود سواء التنظيمي أو السياسي، وفشلت معه كافة الدواعي لتمكين هؤلاء داخل آليات العمل السياسي، بعدما شغلوا العمل الاجتماعي وسيطروا عليه، رغم الوعود الكثيرة التي حصلوا عليها طوال تلك الفترة. لمواجهة هذا الاستبعاد الذي يعود جزء منه للشباب أنفسهم، قررت العديد من القوى الثورية والشبابية التحرك بشكل منفرد من أجل تأسيس مفوضية للشباب منوط بها العمل على تمكين الشباب داخل المشهد السياسي، الذي سيطر عليه الشيوخ وكبار السن. والغاية من تلك المفوضية العمل على سرعة دمج الشباب بالإضافة للمشهد السياسي من خلال آلياته التنظيمية، في التخصصات المختلفة بالدولة من خلال برامج لبناء قدراتهم وتمكينهم في المجالس البرلمانية والمحليات وإعداد الكوادر المؤهلة للمناصب السياسية لكي تتوفر لديهم الخبرة والكفاءة المطلوبة للمشاركة في إدارة الدولة. ويرى هؤلاء أن الثورة سرقت مرتين منهم بشكل إرادي: الأولى من المجلس العسكري الذي تعمد تهميش الشباب، والثانية من جماعة الإخوان بسبب سياسات الاستحواذ واستبعاد الآخرين، وهي على وشك سرقتها مرة ثالثة كما يؤكدون، ما لم يتحرك هؤلاء الشباب بشكل مستقل وتنظيم أنفسهم تحت مظلة ترعى مطالبهم وتسعى لتسهيل عملية التمكين السياسي والإداري لهم. وقد انبثقت تلك المفوضية بعد اجتماع شارك فيه العديد من القوى الشباب والحركات الثورية، وحضره الدكتور مصطفى حجازي المستشار السياسي لرئيس الجمهورية، ومنها شباب حزب الدستور واتحاد شباب الثورة وشباب حزب التجمع وحزب الوفد، وشباب الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وحزب الجبهة الديمقراطية. من جانبه، قال عمرو درويش عضو لجنة تعديل الدستور، أحد هؤلاء الشباب الذي شاركوا في إطلاق تلك المفوضية لبوابة الأهرام: إن مفوضية الشباب ستكون مستقلة تمامًا عن القوى الحزبية أو الحكومة، لافتًا إلى أن المقصود من إنشائها التواصل المستمر مع مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء وإضفاء الصفة القانونية والجماعية للمطالب التي يطرحها الشباب. لذا فهي أقرب إلى جماعة الضغط السياسي Lobby منها إلى كيان حزبي. كما أوضح أنهم شعروا خلال حواراتهم مع مؤسسة الرئاسة بأن لديها الرغبة في تكوين كيان قوى يمثل الشباب المصري، وأنها أبدت اهتمامها بإنشاء تلك المفوضية للشباب لإطفاء طابع مؤسسي ونظامي على آليات دمج الشباب داخل العملية السياسية. وقال أيضًا إن تلك المفوضية أتت بفضل جهود وتشجيع من الدكتور مصطفى حجازي، الذي اجتمع مع شباب القوى الثورية وشباب الأحزاب بحضور عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبي، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، لوضع التصور النهائي لتأسيس وعمل تلك المفوضية، التي تسمح لهم بالمشاركة السياسية على مختلف انتماءاتهم السياسية دون الاعتماد على فكرة المحاصة الحزبية. فيما أوضح شهاب وجيه، المتحدث الرسمي باسم حزب المصريين الأحرار، أن محاور عمل تلك المفوضية تتركز على مناقشة قضايا تمكين الشباب من الانخراط والفاعلية داخل المشهد المصري، بحسب مضامين خارطة الطريق، إضافة إلى استكشاف فرص تمكين الشباب، وإزالة التحديات التي تعترض هذا التمكين. كما قال علاء عصام عضو اتحاد الشباب بحزب التجمع، أن مشروع إنشاء المجلس الوطني للشباب ومشروع إنشاء مفوضية عليا للشباب يستهدف فتح مجالات أوسع للحوار حول جدوى ومدى استفادة الشباب من كلٍ من هذين المشروعين واختيار أي منهم بشكل واع. وألمح أنه تم تشكيل لجنة دائمة من رئاسة الجمهورية للتواصل مع الشباب في تلك القضية. فيما أشار أحمد عناني أمين الشباب بالحزب المصري الديمقراطي إلى أن الشباب تقدموا بمجموعة من الأوراق تضمنت تشكيل الهيكل التنظيمي والمشروعات القومية التي يمكن أن تقوم بها مفوضية الشباب. وأكد الدكتور كريم سالم عضو الهيئة العليا لحزب الحركة الوطنية المصرية أن مفوضية الشباب تسعى إلى تمكين الشباب ودمجهم في التخصصات المختلفة بالدولة من خلال برامج لبناء قدراتهم؛ لكي تتوفر لديهم الخبرة والكفاءة المطلوبة للمشاركة في إدارة الدولة. وأشار سالم إلى أنه تم الاتفاق على فتح حوار دائم مع الشباب والتأكيد على دمج جميع فئات الشباب بالمفوضية ومراعاة تنوع الشباب من حيث الفئة العمرية والانتماءات الجغرافية والمهنية. كما قالت أميرة العادلي، عضوة المكتب التنفيذي لشباب جبهة الإنقاذ الوطني للبوابة: سوف يتم توسيع دائرة المشاركة الشبابية في إدارة ومشاريع المفوضية، بحيث يشارك ممثلون عن الشباب في مختلف طوائف المجتمع للاتفاق على شكل لدمج الشباب داخل الدولة والسياسة.