تشهد أسعار اللحوم حالة من عدم التوازن مع قرب عيد الأضحى، فمع ارتفاع مدخلات إنتاج اللحوم بخاصة الأدوية والخدمات البيطرية بنسبة 50% خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وهذه الزيادة تمثل 15% من التكلفة النهائية، فإن سعر كيلو اللحم الحى قائم لدى المربين ب28 جنيهًا، والكيلو المشفى ب34 جنيهًا لدى تجار الجملة، لكن الجزارين يصرون على بيع اللحوم ب70 جنيهًا للكيلو فى المناطق الشعبية و85 جنيهًا فى الأحياء الراقية رغبة منهم فى تحقيق أرباح خيالية خلال هذا الموسم، مما جعل الحكومة تتدخل بشكل عاجل لإيقاف شطحات زيادة الأسعار لدى الجزارين فقامت بطرح 20 ألف رأس حية يتم ذبحها فور وصولها. وأوضح الدكتور يوسف شلبى، رئيس الإدارة العامة للحجر والخدمات البيطرية، أن جشع التجار ورغبتهم فى تحقيق ربحية عالية على حساب المستهلك وراء ارتفاع الأسعار، خاصة وأن الغالبية من الجزارين والمربين والتجار يعتبرون عيد الأضحى موسمًا سنويًا ينتظرونه بعدما ساد الركود معظم أيام العام. وقال: إن أسعار التكلفة النهائية مرتفعة رغم انخفاض القوة الشرائية، مشيرًا إلى أن الانتاج المحلى من اللحوم تدهور إلى أقل من 30% من حجم احتياجات السوق المصرية، حيث يتم تعويض هذه الفجوة من خلال استيراد اللحوم الحية ثم ذبحها فى المجازر بمجرد دخولها وحدات الحجر البيطرى. وأوضح أن حجم الكميات المستوردة من اللحوم الحية وصل إلى 20 ألف رأس ويشهد الأسبوع المقبل عمليات ذبح كبيرة لعدد من العجول المستوردة وتوزيعها على الشوادر والمجمعات الاستهلاكية. وأضاف أن عمليات تسعير اللحوم البلدية أمر صعب فى ظل الظروف الحالية لارتفاع تكلفة التربية مثل الأعلاف والفاكسينات البيطرية ،مشيرًا إلى أن المحاجر تتسلم بشكل مستمر كميات كبيرة من اللحوم الحية ثم ذبحها وتوزيعها على المحافظات. بينما أكد علاء رضوان، رئيس رابطة مستوردى اللحوم والدواجن والأسماك وعضو شعبة الصناعات الغذائية، أن اضطراب المشهد السياسى والأمنى كان لهما نتائج سلبية، انعكست على أسعار هذه المنتجات.. فاللحوم المستوردة انخفضت أسعارها إلى 25 جنيهًا للكيلو الواحد، علاوة على أن ثلاجات حفظ هذه اللحوم مكتظة وتحمل أكثر من 75 ألف طن، رغم أن حجم الاستهلاك لن يزيد هذا العام عن 50 ألف طن. وطالب بتشجيع المستثمرين على إنشاء المجازر حتى ترتبط بها باقى الصناعات القائمة على عمليات الذبح مثل دباغة الجلود وصناعة الفراء واستغلال كل أجزاء الحيوانات التى يذبحونها، خاصة التى يتم استيرادها من السودان وإثيوبيا وهذه الأنواع يباع الكيلو منها بسعر فى متناول الأسر الفقيرة. كما طالب الداخلية بفرض المزيد من الاحتياطات الأمنية فى المناطق ذات الكثافة المرورية لمواجهة عمليات السطو المسلح التى تتعرض لها مخازن ومصانع ومجازر المستوردين والمربين، بل إن عربات نقل هذه البضائع تتعرض لحالات أعمال السطو المسلح المترتب عليها سرقة السيارات وكذا البضائع أو الأموال التى تحملها. وأكد ضرورة قيام البنوك الوطنية بتغطية الاعتمادات المستندية لعمليات استيراد اللحوم بنسبة 100% كما هو الحالة بالنسبة للسلع الاسترتيجية، لأن المستوردين يتحملون ما يقرب من 25% زيادة فى التكلفة بسبب تدبير الاعتمادات المالية من العملة الأجنبية من السوق الموازية مما يجعل أسعار المنتج النهائى للسلعة مرتفعًا. من جانبه أكد الدكتور حسن أيوب، أستاذ الإنتاج الحيوانى والداجنى بزراعة عين شمس، أن أسعار التربية للحيوانات فى مصر أصبحت مرتفعة للغاية بسبب ارتفاع أسعار مكونات الأعلاف خاصة الذرة الصفراء والنخالة، وهذا مرجعه تعدد حلقات الإتجار فى هذه المكونات وعدم توفير المساحات من الأراضى اللازمة لزراعتها بهذه الأعلاف، إضافة إلى ذلك فان أسعار الأدوية يتم استيرادها من الخارج. تابع: وكان من نتيجة هذا الغلاء أن أحجم عدد كبير من المربين عن استيراد الماشية الحية نتيجة الإجراءات الروتينية للإفراج عن هذه الحيوانات وعدم توفير المكان الآمن لتربية هذا الحيوان بسبب تقلب أسعار العلف والأدوية. ويوضح أحمد محمود "مربى وتاجر مواشى" أن تربية الماشية لم يعد عملاً مجديًا بل إنه أصبح تجارة خاسرة يبتعد عنها المربون وفضلوا عمليات الإتجار فى القطيع الجاهز للذبح وذلك بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف ومنها فول الصويا والنخالة. وأشار إلى أن ضعف القوة الشرائية جعلت المربى يخسر فى كل عجل يقوم بتسمينه مبلغ ألفى جنيه مما جعل 40% من المربين يهجرون عمليات تسمين الماشية بسبب ارتفاع أسعار التكلفة والركود الحاد مما يترك بصمات سلبية على تعاملات هؤلاء يفسر سر تدهور الإنتاج المحلى الذى أصبح لا يغطى سوى 15 – 20% من حجم الطلب المحلى. أضاف أن مزرعته تستوعب 200 عجل قام بتربيتهم وبعد تسمينهم خسر 400 ألف جنيه بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف والفاكسينات والأدوية البيطرية، إضافة إلى الركود الحاد فى الأسواق بسبب عزوف معظم المواطنين عن استخدام اللحوم بسبب انخفاض القوة الشرائية. وقال: إنه يفضل بعد هذه الخسائر التى أصابته أن يقوم بدور التاجر الوسيط بين المربى والجزار حتى لا يتعرض لخسائر مرة أخرى.