حذر كبار علماء الدين الإسلامي في روسيا زعماء البلاد أمس الجمعة من احتمال اندلاع اضطرابات في المجتمعات الإسلامية في روسيا ومناطق أخرى إذا لم يتم إلغاء قرار قضائي بحظر ترجمة تفسيرية للقرآن الكريم. وقضت محكمة يوم الثلاثاء في مدينة نوفوروسيسك بجنوب روسيا بحظر النص المترجم الذي يقرأه المسلمون على نطاق واسع بموجب قانون روسي مناهض للتطرف تقول جماعات حقوقية إن السلطات المحلية أساءت استغلاله، انطلاقًا من التحيز ضد جماعات لا تحظى بموافقة الكنيسة الأرثوذكسية الروسية. وقالت جماعات حقوقية إن هذا القرار الذي سيسري في كل أنحاء روسيا إذا لم يتم إلغاؤه في الاستئناف يكاد يعادل حظر القرآن. وأبدى مجلس مفتي روسيا قلقه في رسالة مفتوحة اليوم الجمعة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي دعا مرارًا للوحدة بين الديانات الكبرى وحذر من أن التوتر العرقي يمكن أن يمزق روسيا. وقال روشان عباسوف نائب رئيس المجلس الذي له علاقات وثيقة بالكرملين لرويترز إن "مسلمي روسيا يشعرون بسخط كبير على مثل هذا القرار المشين". وحذر عباسوف من أنه في حالة تطبيق هذا الحكم "ستقع اضطرابات.. ليس في روسيا فحسب وإنما في كل أنحاء العالم وإننا نتكلم عن تدمير القرآن". وشبه المجلس الموقف في رسالة لبوتين بالعنف الذي وقع في الشرق الأوسط وأفغانستان بسبب تصرفات القس الإمريكي تيري جونز الذي هدد بحرق القرآن في 11 سبتمبر عام 2010. وقال: "من الضروي مناقشة كيف تم استقبال تدمير الكتب ولاسيما الكتب المقدسة في روسيا في الماضي". "إننا نتذكر كيف أثار حرق مجرد بضع نسخ من القرآن الكريم من قبل قس أمريكي مجنون احتجاجًا قويًا ليس فقط من جانب مسلمي روسيا ولكن من مجتمعنا بأكمله تضامنًا مع الغضب العاصف والمستمر لمسلمي العالم وكل الأشخاص ذوي النية الطيبة". وقال محام يمثل معد الترجمة المير كولييف عالم اللاهوت الأذربيجاني إنه سيطعن في الحكم الذي يدعو إلى حظر النص المترجم و"تدمير" نسخه. وقال المحامي مراد موساييف الذي يوجد أمامه شهر للطعن في الحكم لرويترز "إنها حماقة محضة. بعض المدعين المحليين بعثوا بهذه المادة لمحكمة محلية وقرروا معًا حظر كتاب مقدس. "فمن ناحية توجد حرية عقيدة في روسيا ومن ناحية أخرى فإنهم يحظرون نصوصًا دينية أساسية". ويقول خبراء إن ترجمة كولييف التي يزيد عمرها على عشر سنوات عمل أكاديمي يحظى باحترام وهي إحدى أربع ترجمات للقرآن للغة الروسية. وقال أحمد يارليكابوف وهو خبير في الإسلام في أكاديمية العلوم الروسية "هذه خطوة بعيدة عن حظر القرآن.. هذه ترجمة ذات نوعية جيدة جدًا. وحظر ترجمة كولييف عمل غير مهني تمامًا فأنت يمكنك حظر الكتاب المقدس بنفس السهولة لأنه يتضمن فقرات تتحدث عن إراقة الدماء". ويؤيد بوتين الكنيسة الأرثوذكسية الروسية بوصفها بوصلة معنوية ولكنه يدعو أيضًا لهوية روسية متعددة الثقافات وشدد على ضرورة تجنب نشوب صراع ديني في بلد تقدر فيه نسبة الأقلية المسلمة بنحو 15 في المائة من عدد السكان. وتحارب الحكومة تمردًا إسلاميًا مستمرًا في شمال القوقاز تفاقم بسبب حروب انفصالية في الشيشان وأدى التوتر بين المنحدرين من أصل روسي والأقليات المسلمة إلى تفجر أعمال عنف في شتى أنحاء البلاد. ومنذ إجازة قانون مكافحة التطرف في روسيا في 2002 بهدف الحد من التهديدات المحتملة من قبل المتشددين وضع أكثر من ألفي كتاب ضمن قائمة سوداء نشرت على موقع وزارة العدل على الإنترنت.