قبل توجهه إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، كشف الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي، في حوار مع صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية في عددها الصادر اليوم الأربعاء عن الكثير من كواليس الاجتماعات والاتصالات التي دارت طيلة الأشهر الماضية بشأن الأزمة السورية والقضية الفلسطينية والعلاقات الغربية وإمكانية إيجاد قواسم مشتركة لإنهاء الصراعات والنزاعات التي تهدد المنطقة. وقال العربي إن محطته الأولى ستبدأ في لندن، حيث يلتقي وزير الخارجية ويليام هيغ، ثم يستكمل رحلته إلى نيويورك ليكون اللقاء الأول مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للتشاور حول آفاق أفضل لحل الأزمة السورية والتعاون المشترك. كما تحدث عن إيرانوالأممالمتحدة والإصلاحات المطلوبة ومجلس الأمن والفيتو ومدى تعطيله لحل الكثير من القضايا العربية. وعن أزمة الأسلحة الكيماوية بسوريا قال العربي : أولا ما حدث مؤخرا بين أميركا وروسيا بشأن سوريا هو اتفاق موقع وليس مجرد تفاهمات كما حدث في يوم 7 مايو والتي فسرها كل طرف وفقا لرؤيته، ولهذا فالأمر مختلف اليوم عندما جرى توقيع الاتفاق الذي يجب أن يراقب بدقة لعدة أسباب، منها خبرة تعامل الجامعة العربية مع النظام السوري، وأنا أعترف بأن لديه قدرة كبيرة على إضاعة الوقت والمماطلة والتسويف، حدث هذا عند زيارة مراقبي الجامعة، واليوم النظام السوري يعتبر أنه حقق مكسبا ومنتصرا وموقفه أقوى. لكن مع حالة الزخم التي بات يشهدها هذا الملف أعتقد أن كل الدول تريد الوصول إلى حل لهذا الموضوع، وأن كلا من الولاياتالمتحدة والاتحاد الروسي لديه رغبة في إنهاء الأزمة، خاصة أن الرئيس الأميركي عندما أعلن أنه يعتزم إجراءات عسكرية أدى ذلك إلى صدمة كبيرة لروسيا حول ماذا سيفعل الرئيس الأمير كي. وأضاف: الدول العربية رحبت بالاتفاق وبتنفيذه وألا تختزل الأزمة السورية في موضوع الأسلحة الكيماوية والتي أدت إلى مقتل 1400 مواطن، وطبعا مقتل أي فرد - رجلا أو امرأة أو طفلا – أمر لا يقبله الضمير الإنساني، خاصة استخدام الأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا منذ الحرب العالمية الأولى وليس الثانية، وقد وقع بروتوكول جنيف وقتها، وسوريا طرف فيه منذ عام 1968، وبالتالي يجب ألا تختزل القضية في هذا رغم أهميته، والذي تطالب به الدول العربية منذ فترة هو الملف الأمني الذي أرسلناه لمجلس الأمن منذ تاريخ 22 يناير عام 2012 لاتخاذ ما يلزم ووقف القتال وإيفاد مراقبين والدخول في العملية السياسية والتي تقرر إطارها وهو البيان الختامي لاجتماع جنيف في 30 يونيو عام 2012، والذي يؤدى إلى بدء مرحلة انتقالية أي الانتقال بالوضع الراهن إلى تشكيل حكومة بصلاحيات كاملة للاتفاق بين المعارضة والنظام. والآن ووفق معلوماتي فإن اللقاء الذي جرى بين وزيري خارجية موسكووواشنطن وأعقبه الاتفاق اتفق أيضا على عقد اجتماع بينهما وينضم إليهما الأخضر الإبراهيمي الممثل الشخصي للأمم المتحدة والجامعة العربية في 28 سبتمبر الحالي، في نيويورك، وسيبحث في ثلاث نقاط هي: تمثيل الدول التي تشارك في اجتماع «جنيف 2»، وكيفية تمثيل إيران أو عدم تمثيلها وهي طرف اليوم في المعارك التي تدور هناك وتساند النظام السوري، وهنا أتذكر ما طلبه منا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، من أفكار حول عقد مؤتمر «جنيف 2»، وقلنا من بينها إنه لا بد أن تشارك كل الدول التي تقوم بدور أو لها دور، ولدينا وسيلة نتفادى من خلالها اعتراض بعض الدول على مشاركة إيران، منها أن تشارك على أساس أن تكون المشاركة في سياق أن هذا الاجتماع من اجتماعات الأممالمتحدة. وبالتالي تمثل كل الدول المعنية، وليس فقط الدول العربية، فيمكن دخول الدول الإقليمية، ويمكن اليونان وقبرص وكذلك إيران، وأقصد أن يكون اجتماعا عاما، كل دولة تلقي كلمتها وينتهي الاجتماع ويبدأ العمل بتمثيل الحكومة والمعارضة، والنقطة الثالثة موعد المؤتمر، وسوف أتحدث مع الأمين العام للأمم المتحدة في ذلك. وتابع: من الطبيعي أن يصدر قرار من مجلس الأمن، وإذا عدنا إلى العامين المنصرمين، نرى المطالبة بهذا القرار، وسبق أن صدر قراران عندما ذهبت إلى الأممالمتحدة، وهما رقما 2042 و2043، بخصوص مسائل إنسانية وتأييد مهمة كوفي عنان، ولكن لم يصدر قرار لحل المشكلة، وأعتقد أنه في هذه المرة سوف يصدر القرار بكل المطلوب، لكن هل سيتضمن الإشارة إلى أن أي خرق للاتفاق سيؤدي إلى استخدام القوى العسكرية، أي تحت الفصل السابع؟ لا أعتقد أنه سيكون هناك نص لاستخدام قوة عسكرية، وإنما يستخدم عبارات منها أن عدم الالتزام والتنفيذ سيؤدي إلى نتائج وخيمة. وقال : منذ ثلاثة أشهر كان الهجوم على الجامعة بأنها لم تفعل شيئا للشعب السوري، والتقينا مرة مع عدد من السيدات المضربات عن الطعام وكان معي الأخضر الإبراهيمي، وكان السؤال نفسه: ماذا تفعل الجامعة للشعب السوري؟ وعندما حدث الهجوم الكيماوي وتحدثت واشنطن عن ضربة عسكرية انقلب الوضع وبدأ الهجوم أيضا. كيف يمكن للجامعة العربية أن تسمح للولايات المتحدة بأن تضرب دولة عربية وكأننا نعطي الإذن لواشنطن، وفي الحالتين لم يوضع في الاعتبار أن هناك قواعد في النظام الدولي وهي أن استخدام القوة في موضوعات معينة يخضع لمجلس الأمن فقط وفق قواعد الميثاق، وكل دول العالم تخضع لهذا، ونحن كجامعة عربية جزء من هذا النظام الدولي. الفصل الثامن الذي يطبق على المنظمات الإقليمية مثل الجامعة والاتحاد الأفريقي وغيرهما، ينص بكل وضوح على أنه على هذه المنظمات أن تسعى لتسوية مشاكلها أيا كانت، لكن في مرحلة معينة عندما تنتقل إلى ضرورة استخدام القوة لا يملك هذا الحق إلا مجلس الأمن. لكن وسائل الإعلام تتحدث بطريقة مختلفة، وكأننا لا نريد أن نقوم بالحل. وأضاف :أتفهم موقف المعارضة وهو الوجه الآخر للعملة مما نقوله بألا تختزلوا القضية في الأسلحة الكيماوية، لأن التعامل مع هذا الموضوع صعب وطويل، ويمكن أن تحدث أمور كثيرة، خاصة أنه ربما يكون الجدول الزمني للتعامل مع السلاح الكيماوي سيستمر حتى عام 2014، وهى المدة نفسها التي تنتهي فيها ولاية الأسد. وبالتالي المعارضة تطالب الجامعة العربية والمجتمع الدولي بحل الأزمة من جذورها عن طريق حل سياسي، ومن ثم، أتمنى أن يصدر القرار من مجلس الأمن ويكون واضح المعالم تحت الفصل السابع من الميثاق، وأعتقد أن ذلك سيكون بداية للحل. وقال: نحن رفضنا قول من كان يتحدث عن الانتظار إلى حين إعلان نتائج تقرير المفتشين، لأننا كنا نعلم أنه لن يحدد الجهة التي استخدمت السلاح، لكن التحديد يمكن أن يظهر من خلال طريق آخر في التقرير، ويوضح أن الكيماوي تم استخدامه عن طريق المدافع أو الطائرات أو الصواريخ، ومن يمتلك هذه الأسلحة، ومن ثم تحدد الجهة التي استخدمت السلاح. وعن قضية فلسطين قال العربي : قضية فلسطين لا تستطيع الدول العربية أن تحلها منفردة وهذا يختلف عن سوريا لأنه كان من الممكن أن تسهم التدخلات العربية المبكرة منذ شهر يوليو عام 2011 في حلها، أما الموضوع الفلسطيني فمعروف أن قرارات من مجلس الأمن تصدر وملزمة لكنها لا تنفذ. وعليه شكلنا لجنة مبادرة السلام وكانت برئاسة الشيخ حمد بن جاسم، وفي الفترة الأولى كنا نبحث الذهاب إلى مجلس الأمن أو الجمعية العامة، وأنا كنت من أنصار الذهاب إلى الجمعية العمومية للحصول على المركز الذي حصلوا عليه حاليا والذي بمقتضاه أصبحت فلسطين دولة أمام الأممالمتحدة والمجتمع الدولي. وهذا يعني أن الأراضي التي تحتلها إسرائيل هي أراضي دولة أخرى وليست أراضي متنازعا عليها كما تدعي إسرائيل، لكن على آخر لحظة اختار الرئيس أبو مازن أن يذهب إلى مجلس الأمن وطلب عضوية كاملة وبعدما تحدث اقتنعت بوجهة نظره لأنه بعد كل هذه السنوات وبعد إعلان الدولة في المنفى عام 1988 يجب أن يطلب حقه. وبعد ذلك إذا لم يحصل عليه يستطيع أن يفكر في توجهات أخرى. لكن الهجوم كان على أبو مازن في مجلس الأمن بعد إلقاء كلمته من مختلف دول العالم. وكان شديدا، وكان هذا متوقعا، ومعروف أن الذي يعطى العضوية هو الجمعية العامة وفقا للميثاق ولكن بعد توصية من مجلس الأمن، ولم نحصل على التوصية والمهم بعد الحصول على قرار من الجمعية العامة المجتمع الدولي يعترف بأن فلسطين أصبحت دولة غير كاملة العضوية – عضوا مراقبا. وصدر القرار في اليوم نفسه الذي صدر فيه قرار التقسيم، أما اجتماعات الدول العربية التي بدأت حول مراجعة عملية السلام منذ عام 2011 انتهت إلى أهمية تغيير المسار ولا يمكن الاستمرار في إدارة النزاع، وإنما الرغبة في إنهاء النزاع، وعليه تم اتخاذ قرار واضح وقبلته كل الدول والولاياتالمتحدة ووعدت بالسير معنا في هذا الطريق. وعند زيارة جون كيري في 4 مارس، أعلن أنه يقبل إنهاء النزاع، والأكثر من ذلك ذلك وضعوا جدولا زمنيا مداه تسعة أشهر، ثم جاءت القمة العربية في الدوحة والتي أسندت مهمة زيارة وفد وزاري عربي إلى فيها واشنطن في 29 أبريل (نيسان) الماضي، والتقينا وزير الخارجية جون كيري، وكذلك حضر الاجتماع نائب الرئيس الأميركي واتفق على تولى هذا الموضوع، وعلى أهمية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، ولديهم خطة سوف يشرف عليها جون كيري بنفسه، والأمور الأمنية أسندت إلى الجنرال جولن آلن، وكان يعمل في أفغانستان، واتفقوا مع 12 رئيس مجلس إدارة شركات لإقامة مشاريع ضخمة في الضفة والقطاع لتحسين مستوى المعيشة خلال ثلاث سنوات – لكن هناك مشاكل تقوم بها إسرائيل وهى الاستمرار في بناء المستوطنات وهذا أمر غير مقبول، وهذه الموضوعات أثيرت مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري في اجتماع باريس ووزراء الخارجية العرب المعنيين بلجنة المبادرة، ومعروف أننا عقدنا اجتماعا في عمان ثم باريس واتفق الجانبان على عقد اجتماع آخر في باريس خلال شهر أكتوبر) المقبل.