ما مستقبل جماعة الإخوان بعد اعتقال مرشدها العام محمد بديع، وتعيين محمود عزت، أشرس قياداتها من التيار القطبي مرشدًا عامًا موقتًا؟ إلى أين ستتجه في ضوء احتمالات حلها، هل ستتفكك وتنهار ثم تزول من الساحة المصرية، كما يرى البعض، أم ينجح عزت في لمّ شملها تحت الأرض، وعندئذ.. هل ستتبنى وحلفاؤها استراتيجية العنف الشامل، أم تعود إلى العمل الدعوي والاجتماعي؟ كانت هذه الأسئلة التى طرحتها جريدة الحياة اللندنية في تقرير نشرته اليوم على موقعها الإلكتروني . وقالت الصحيفة إنه فيما يتعلق بالسؤال الأول هناك احتمالان: الأول يتوقع مراقبون أن الإخوان ستتفكك، ثم تنهار نهائيًا إذا تم حلها وحظرها وحل حزب «الحرية والعدالة»، ذراعها السياسي، فهناك عوامل عدة ستؤدي إلى هذه النتيجة، منها أن الأجواء السياسية والرأي العام حاليًا مناهض لوجود «الإخوان»، وخاصة بعد ممارساتهم السلبية في حكم مصر. والمؤشر الثاني هو بدء تفكك الإخوان، خاصة في ضوء انشقاق قيادات مؤثرة في الجماعة، منهم محمد حبيب وثروت الخرباوي ومختار نوح وكمال الهلباوي وعبد المنعم أبو الفتوح وأنصارهم، بالإضافة إلى انشقاق مجموعة كبيرة من الشباب عقب ثورة 25 يناير، مشكلين ما يسمى «التيار الرئيسي»، فضلاً عن انشقاق مجموعة أخرى تحت مسمى «إخوان بلا عنف»، وهؤلاء يتبنون حاليًا الدعوة لإعادة النظر في الجماعة. كما أنه بعد القبض على الكثير من قيادات «الإخوان» على خلفية اتهامات عدة، أهمها التحريض على العنف، من المتوقع انهيار البنيان التنظيمي للجماعة وتفككها. الاحتمال الثاني أن ينجح محمود عزت، المرشد المؤقت الموصوف بالرجل الحديدي، في الحفاظ على التنظيم رغم كل هذه الظروف السلبية، وحتى في حال حُلَّت الجماعة والحزب، بسبب وجود دعم دولي لها، إضافة إلى دعم الجماعات والتيارات الإسلامية الأخرى في مصر والدول العربية والإسلامية، فضلاً عن دعم التنظيم الدولي للإخوان الموجود في 80 دولة حول العالم، والذي يمتلك قدرات تنظيمية ومالية وعلاقات دولية واسعة ومتعددة الأطراف وقادرة على حمايته من التفكك، وخير دليل على ذلك ما يقوم به هذا التنظيم حاليًا في الغرب، واجتماعاته الأخيرة في تركيا، كما أن لهذا التنظيم الذي عاش لمدة 84 سنة تجارب متعددة في مواجهة الأزمات التي تعرض لها مرارًا على مدى تاريخه في مصر. ومن ثم هناك استحالة في استئصال جماعة الإخوان من المشهد السياسي المصري، ومن المتوقع أن تتحالف الجماعات والتيارات الإسلامية في مصر وخارجها لدعم الإخوان للبقاء حتى في حال حلها، للحفاظ على الجماعة من الانهيار. وهذا يطرح التساؤل الثاني.. حول إمكان اتجاه الجماعة إلى العنف. وحول هذا الأمر هناك احتمالان: الأول لجوء أعضاء «الإخوان» إلى العنف في حال صدور قرار بحل الجماعة وحزبها، إذ سيمثل نهاية حقيقية للجماعة من المشهد السياسي، وتاريخ الجماعة خير دليل على ذلك، خصوصًا في ضوء الدعم الخارجي الذي تتلقاه في مواجهة السلطة الحاكمة، وفي ضوء سيطرة الاتجاه القطبي على الجماعة حاليًا بعد تولي محمود عزت أحد أهم أقطاب هذا الفكر التكفيري دفة الجماعة، وبخاصة أن الجيل الحالي من قيادات «الإخوان» العليا والوسيطة ينتمي إلى هذا الفكر. كما أن الجماعة تعتبر أن عقيدة الجيش والشرطة في مصر غير سليمة، لأنها تقوم على الدفاع عن الوطن وليس عن الإسلام، لذا تبنى «الإخوان» خلال المرحلة الماضية فكرة هدم هاتين المؤسستين وإحلال كيانين بديلين مكانهما يلبيان ما تعتبره الحركة «العقيدة السليمة». الاحتمال الثاني هو عدم لجوء «الإخوان» إلى العنف في حال حل الجماعة فقط وعدم حل حزب «الحرية والعدالة»، والعمل في الوقت نفسه على بقاء الجماعة تنظيمًا دعويًا سريًا. ولن يؤثر حل الجماعة وحزبها على العملية الديموقراطية في مصر، باعتبارها لا ترتبط بنشر الفوضى والعنف والإرهاب الذي يمارسه «الإخوان»، بل سيؤدي ذلك إلى انشقاق عدد من أفراد الجماعة ولجوئهم إلى العنف، إلى جانب انخراط آخرين في العملية السياسية عبر المشاركة في الانتخابات البرلمانية والاندماج في أحزاب قائمة.