أعرب الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية عن استيائه من الصورة المشوهة والرسائل الضبابية التي تصل للعالم عما يحدث في مصر خلال الأيام القليلة الماضية. جاء ذلك في مقال له نشرته وكالة "رويترز" البريطانية الذي جاء تحت عنوان "ما يحدث في مصر: مظاهرات سلمية أم مؤامرة إرهابية؟" الروايات المتناقضة في الإعلام العالمي حول ما يدور في مصر مضيفا أن الحجج والأدلة التي يطرحها كل طرف تجعل الكثيرين من المتابعين للشأن المصري حول العالم في حيرة من أمرهم، واستطرد مستشار المفتي قائلا "في ظل هذه الحيرة التي تنتاب بعض المتابعين، إلا أن الأمر الواضح الآن أمام الجميع هو حدوث تطور نوعي وخطير في المشهد تمثل في لجوء بعض المتظاهرين من أنصار الرئيس المعزول مرسي إلى العنف المسلح، الأمر الذي ينفي بشكل قاطع عن أي مظاهرات معني السلمية ويحولها إلى جماعات خارجة عن القانون تسعى لتقويض أركان الدولة وتدمير السلم المجتمعي" وهو ما أدى إلى توحد المصريين جميعا ضد "دائرة العنف المقيتة" على حد قوله. وأشار مستشار مفتي الجمهورية في مقاله إلى أن رد فعل المجتمع الدولي وحكمه على الأوضاع في مصر كان في كثير من الأحيان مندفعًا وسابقا لأوانه ومتأثرا بوسائل إعلام مغرضة في ظل عدم وجود كيانات إعلامية تتعاطى مع الأحداث بصورة موضوعية مما أدى بدوره إلى مزيد من تعكير مياه العلاقات بين بعض الدول، وقد يشكل تحديا في طريق وقف أعمال العنف. وأكد مستشار المفتي على ضرورة الوقوف صفا واحدا ضد استغلال الدين لأهداف طائفية وسياسية، مشيرًا إلى خطورة هذا السلوك الذي لن يؤدي إلا لمزيد من الدمار. وأكد د. نجم أن مهما سيأتي على مصر بعد هذه الفترة الحرجة فإن هناك حقيقة واحدة مؤكدة لا بد أن يعلمها الجميع: أنها ستعبر هذه الأزمة بإذن الله مثلما عبرت غيرها فإنجازاتها عبر التاريخ تتحدث عن نفسها، مشيرًا إلى أن مصر أكبر بكثير من شخص أي رئيس، لأنها أمة ثرية لها ثقافتها، وأنها أمة قامت على أيدي أبنائها الذين أخلصوا وتفانوا من أجلها، وفوق كل هذا أهميتها السياسية الحاسمة في المنطقة. ولذا فمن مصلحة جميع الأطراف المعنية في المجتمع الدولي أن تبذل قصارى جهدها للمساعدة في ضمان استقرارها وازدهارها. كما أشاد بالدور الحاسم الذي تقوم به القوات المسلحة في هذه المرحلة، من خلال تأكيدها على احترامها لإرادة الشعب المصري وتلاحمها معه، إضافة إلى تأكيدها على بذل الجهود في تجاوز هذه الصراعات والمضي قدما نحو خارطة الطريق. ووجه د. نجم خطابه إلى جماعة الإخوان بضرورة احترام الإرادة الشعبية لجموع المصريين والتعاطي مع الواقع الجديد والانخراط في العملية السياسية إذا أرادوا المضي قدما لوضع حلول لهذا المأزق. وأشار إلى أن انخراط جماعة الإخوان في أعمال العنف الآن سترسخ من كراهية المصريين للتيار الإسلامي عامة، ومواصلة الاستقطاب ستزيد من انقسام البلاد بشكل خطير. وإختتم مستشار مفتي الجمهورية مقاله في "رويترز" بالتأكيد على أن ما نحتاجه الآن هو حل سياسي شامل، وأن يكون اللجوء إلى الإجراءات الأمنية تصحبها عملية سياسية شاملة، داعيًا الله أن نصل لهذا الحل السياسي قريبًا لأن مصر لن تتحمل مزيدًا من الدماء والدمار.