في محيط أهرامات الجيزة ينتظر باعة التذكارات بترقب في الظل بعض السياح القلائل الذين يجولون في المنطقة السياحية التي كانت بالعادة تعج بالزوار. فالثورة التي اطاحت بنظام حسني مبارك في 2011 سددت ضربة قاسية لقطاع السياحة في البلاد الذي لطالما شكل عمادا رئيسيا لاقتصادها. ومنذ يونيو تدهورت الاوضاع من سيء إلى اسوأ بعد انطلاق تظاهرات حاشدة ضد الرئيس محمد مرسي. في 3 يوليو عزل الجيش المصري الرئيس الإسلامي ما أثار أعمال عنف دامية إضافية ومواجهة بين المعسكرين ما زالت مستمرة إلى اليوم. وفي محيط الأهرامات غابت الحافلات التي كانت تملأ الشوارع المتاخمة. وصرح جميل حسن الذي يملك متجرا لبيع مخطوطات على ورق البردى في المنطقة منذ 20 عاما "ندعو الله أن يعيد تلك الأيام المزدهرة لاننا جميعا نعتمد على السياحة فحسب". الان متجره خال، لا يدخله يوميا إلا عدد قليل من السياح ليتفقدوا المئات من صور الالهة والفراعنة المصريين المعلقة على الجدران. واضاف "لاعادة السياحة نحتاج إلى الاستقرار والامن" معتبرا أن "على الاطراف ان يهدأوا ويدعوا الرئيس يدير البلاد كما يراه مناسبا"، في اشارة الى السلطات المؤقتة الجديدة في البلاد. في الشارع بدا محمود عطية الذي يؤجر حصانا لاجراء جولات في المنطقة متشائما بشأن سير الاعمال. وقال شاكيا "لم يأتنا سياح من الخارج منذ فترة. منذ 30 يونيو حتى الان لم نر احدا". لكن عزل مرسي اسعد عطية الذي يعتبر على غرار الكثير من الباعة ان حكومة مرسي كانت مضرة لقطاع السياحة المصري الذي كان يسهم سابقا بنسبة 10% من اجمالي الناتج الداخلي. لكن بعض السياح ما زال مصرا على المجيء. واجتاز سائحان يحملان حقيبتي ظهر البوابة باتجاه الاهرامات، وتلاهما حشد من الباعة المتحمسين ليعرضوا عليهما التذكارات وجولات على ظهر الحصان. فتحذيرات وزارة الخارجية الاميركية من السفر الى مصر والاخبار السيئة على شاشات التلفزيون لم تثن رايان غاري واشلي ويستكوت من ولاية كولورادو الاميركية عن الحضور. وقال احدهما "طالما يسافر المرء بحذر ويتخذ قرارته بذكاء، يبدو الناس اكثر لطفا مما يصورهم الاعلام". لكن الواقع أن السياح باتوا نادرين. فقد قل عددهم في أسواق خان الخليلي في القاهرة التي كانت تكتظ شوارعها بالحافلات التي تنقل سياحا يملأون متاجر التذكارات ويساومون على الاسعار ويستمتعون بالاجواء ويرتاحون في المقاهي حيث يحتسون كوبا من الشاي بالنعناع أو يدخنون النارجيلة. ومع حلول الظلام تمتلئ المنطقة بمصريين يتنزهون بعد الافطار لكن الاجانب غابوا عنها. حسام مناف البالغ 41 عاما هو استاذ جامعي في النهار لكنه يدير ليلا متجرا صغيرا اسسه والده في خان الخليلي لبيع التذكارات. وسط مئات القطع من الاهرامات الرخامية والزجاجيات ومخطوطات ورق البردى اكد مناف ان سائحا او اثنين فحسب زاروا متجره يوميا منذ 30 يونيو. كما شدد على ضرورة بذل وزارة السياحة المزيد من اجل الترويج لمصر في الخارج. وتساءل "اين الافلام التي تصور مزايا مصر في الخارج؟" مشيرا الى ان الدول الاخرى قامت بالترويج لنفسها بطريقة افضل بكثير. وتابع "عندما تنظر حولك ترى انهم يبرزون مواقع مهمة عند تصوير دعايات مصورة" معربا عن تعجبه من اصرار وزارة السياحة على اعتماد صور نمطية بائدة حول البلاد. وقال "ان السياحة في مصر لا تقتصر على الاهرامات". واقر وزير السياحة هشام زعزوع لفرانس برس بان القطاع يعاني اكثر من المتوقع نظرا الى تضرره في اوج الموسم. وصرح "في النصف الأول من يوليو 2013 استقبلت مصر 387 الف سائح، مقارنة ب515 الفا في الفترة نفسها من العام الفائت". في 2010، اي العام السابق للثورة وفد الى مصر 14,7 ملايين زائر في رقم قياسي. وهذا الرقم تراجع بنسبة الثلث ليبلغ حوالى 10 ملايين في 2011 ثم ارتفع الى 11,5 ملايين عام 2012. واوضح زعزوع أنه ينوي بدء حملة ترويج جديدة في الخارج مضيفا ان اقناع الدول بالغاء تحذيراتها من السفر إلى مصر هو هدفه الرئيسي. وصرح "في هذه المرحلة من تطور السياحة في العالم لن يسافر اي سائح الى الخارج بلا تأمين على سفره". وتؤدي التحذيرات الصادرة عن السفارات ووزارات الخارجية الى زيادة صعوبة الحصول على تأمين السفر اللازم لزيارة مصر. واضاف زعزوع انه بدأ يحاور السفراء الأوروبيين لرفع حظر السفر في مناطق معينة على غرار منتجعات البحر الاحمر المصرية. واوضح "هناك وجهات غير القاهرة والاسكندرية بعيدة عن الاحداث الساخنة" مشيرا الى انه يطمح الى جذب 13 مليون سائح إلى مصر هذا العام. وصرح "اعتقد انه على المدى المتوسط والبعيد سنشهد عودة واسعة النطاق" للسياح.