من وجهة نظر باحثى الدراسات الإسلامية فى الغرب، لم تنته ثورات الربيع العربى رغم العوائق التى تواجهها فى مصر وتونس، هذا ما يؤكده موقع "يورشيا للتحليلات والأخبار" والمهتم بشئون الشرق الأوسط. وقدم الموقع وجهة النظر تلك بناء على دراسة للباحث فى مجال الدراسات الإسلامية دكتور يورن تيلمان رئيس قسم السياسة والاقتصاد والمجتمع فى الدورة 32 من مؤتمر الدراسات الشرقية الألمانية "Deutscher Orientalistentag, DOT " والذى يعقد فى جامعة مونستر بالتوازى مع الأحداث التى تشهدها المنطقة العربية، ويحضره أكثر من 1000 باحث فى مجال الدراسات الشرقية من مختلف أنحاء العالم. ويقول تيلمان فى الدراسة التى نشرها موقع يورشيا: "هؤلاء الذين يتكلمون عن (الشتاء العربى) الآن، بعد حوالى عامين فقط من بداية الاضطرابات، يخطئون الحكم على موقف بالغ التعقيد". ويقول: "شرارة الثورة مازالت حية فى بلدان الربيع العربى". ووفقا للورقة التى قدمها تيلمان للمؤتمر، فإن عمليات التحول للديموقراطية تأخذ سنوات، ضاربا المثل بألمانياالشرقية التى استغرق الأمر فيها أكثر من عشرين عاما لإعادة توحيد ألمانيا، ولم تنته عمليات التطوير والتنمية بعد. واعتبر تيلمان أن اندلاع العنف فى مصر وتونس رغم أنها انتكاسات، لكنها ليست فشلا فى نهاية المطاف. ويقول تيلمان: "النقطة الحاسمة فى استقرار الأوضاع الآن، هى أن تتولى قوى سياسية مدنية السيطرة على الجيش". وأضافت الدراسة أنه على القوى السياسية الاجتماعية فى مصر البحث عن حلول وسط بعد الصدامات الأخيرة بين الجيش ومؤيدى الرئيس المعزول محمد مرسى، كما يجب أن تستخدم الولاياتالمتحدةالأمريكية مساعداتها العسكرية لتمارس ضغوطا على الجيش المصرى ليلتزم بهذه الخطوط. ويستشف تيلمان من المحادثات بين مسئولة السياسات الخارجية فى الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون والرئيس المعزول محمد مرسى أن الاتحاد الأوروبى يمكنه أن يعرض وساطة محايدة، فيما أشار إلى أن هذه الوساطة يجب أن تقوم على فكرة "أن كل الجماعات سوف تضطر إلى خفض سقف توقعاتها، وإلا فإن حربا أهلية سوف تكون وشيكة فى مصر مما قد يؤدى إلى سلسلة من ردود الفعل فى العالم العربى". ويقول: "مصر على شفا حرب أهلية، وتونس تسير على نفس الخط، بسبب سيطرة إسلاميي حزب النهضة، وميليشيات تشجع على إجبار الناس على قيم أخلاقية بعينها". ويرى تيلمان أن استعادة الروح التى سيطرت على الميادين العربية فى بداية الثورة مشددا على أن الناس لا يجب أن تفقد هذا الزهم فى توحيد الثورة"، يضيف أنه يجب على كل الأطراف أن توضح للناس أن الأسباب الأعمق للثورات كانت البطالة والفقر وانعدام الآفاق، والتى لا يمكن أن تتم فى بين يوم وآخر. ويقول تيلمان :"الناس فى الشرق الأوسط جاهزون لنظام ليبرالي ويريدون المشاركة فى العملية السياسية، وهذا ينطبق أيضا على مؤيدى الدولة القائمة على أساس دينى". ويشير تيلمان إلى الدستور الألمانى الذى يصف الدين مؤكدا حياد الدولة" كمثال يمكن أن يقدم نموذجا لفكرة دمج الإسلام فى دولة ديموقراطية. وأضاف أن عدة أحزاب إسلامية فى مصر تواصلت مع أحزاب مسيحية ألمانية فى عدة محادثات. أوضح تيلمان أن الدين مكون أساسى فى نتاج الثورة، مع ذلك يحذر الغرب من إساءة استخدام والحكم على الدور الإسلامي، مضيفا: "نحن نظهر قليل من الفهم للتعبير عن المعتقدات السياسية بلغة دينية، ونميل إلى تخيل رجل ملتح فى جلباب طويل يعلن دولة ثيوقراطية، بينما الديموقراطية والإسلام ليست أفكار متناقضة فى حد ذاتها". ويشرح تيلمان وجهة نظره مؤكدا أن الإسلام بشكل عام لا يضع أحكاما معيارية للعملية السياسية، حتى لو إدعى بعض المسلمين ذلك. فالإعلان عن أن الإسلام دين الدولة لم يصغ بهذا الشكل إلا فى القرن ال 19. ويذهب الباحث الإسلامي إلى أن الاتحاد الأوروبى لابد أن يكون داعما بشكل أكبر للمنطقة العربية برغم أزمته الاقتصادية والمالية كأن يفتح الاتحاد الأوروبى سوقه لاستيراد الزراعية والفواكة الطازجة على سبيل المثال، وأن يستثمر بعض أمواله فى التعليم والبنية الأساسية وتحفيز السياحة فى هذه المنطقة. كما أوضح أن هذا الدعم سيكون له تأثيرا أكبر على المنطقة العربية، ويقول تيلمان: " لو استطاعت مصر وتونس وليبيا أن تصل إلى طريق النجاح، فسيكون صعبا على الأنظمة الاستبدادية الأخرى التمسك بكراسيهم" بالإضافة إلى ذلك، سوف يحقق هذا النجاح الأمن الإقليمي للحدود الجنوبية لأوروبا. ويشير تيلمان فى نهاية بحثه أن كل دقيقة تضع متغيرات جديدة على العملية السياسية فى الشرق الأوسط، لذا من الصعب أن يتم إعمال المعايير البحثية التقليدية فى الظروف العادية على هذا البحث، مؤكدا على أن المعايير والأحكام التى ضمها البحث تحتاج إلى المراجعة بشكل دائم.