هناك العديد من مبادرات لمّ الشمل الوطني، إلا أن أبسطها من حيث المضمون وإجراءات التنفيذ، تلك التي طرحتها العديد من القوى الشبابيةالتي تستهدف توظيف الأجواء الرمضانية من أجل جمع الفرقاء السياسيين على موائد رمضان من أجل إزالة الاحتقان السياسي الذي يشهده الشارع المصري حاليًا. والاعتقاد العام لدى تلك القوى أن أجواء الشهر الكريم، ومجرد جلوس أطراف المشهد السياسي على مائدة إفطار أو سحور بشكل متتال كاف بإزالة حالة الاحتقان والوصول لتوافق سياسي يمهد لمصالحة وطنية شاملة، تجعل من إمكانية تمرير المرحلة الانتقالية الثالثة دون مضاعفات تذكر. إذ اتفقت العديد من القوى الثورية، وشباب أكثر من حزب سياسي بالتعاون مع مؤسسة الأزهر الشريف على إطلاق مبادرة "مائدة لمّ الشمل الوطني" خلال شهر رمضان الكريم، وتضم المسلمين والمسيحيين دون استثناء، بالإضافة لجميع القوى السياسية بمختلف مشاربها. ومائدة جمعة اليوم هي أولى تلك الموائد المتوقع لها الاستمرار طوال أيام جمع الشهر الكريم، برغم الاستجابة المحدودة للجمعة الأولى للشهر الكريم، فإن هؤلاء أكدوا أنهم لن يتراجعوا عن مساعي لمّ شمل القوى السياسية، بعد الأزمة الراهنة التي تكاد تعصف بمصر. وحسب الاتفاق سوف تقام مائدة لمّ الشمل الوطني بميدان التحرير، وستكون الاستجابة اليوم والحضور باعثًا على تنفيذ فكرة مسئولي المبادرة بإقامة أطول مائدة إفطار رمضانية ما بين ميدان التحرير وقصر الاتحادية، للمّ شمل جميع المصريين بعد حالة الانقسام والاستقطاب السياسي التي تشهدها مصر بالوقت الراهن، تحت شعار "كلنا مصريون ونحن شعب واحد". وقد أبدى عدد من شباب الثورة قدرًا عاليًا من الآمال والتفاؤل بأن تحقق هذه الموائد الرمضانية، النجاح الذي أخفق فيه السياسيون ومبادراتهم في لمّ الشمل بين القوى بشقيها المدني والإسلامي لإعلاء مصلحه الوطن. وقد لفت مسئولو تلك المبادرة أن العديد من الشخصيات السياسية المؤثرة بالمشهد السياسي، استجابت لتلك الدعوة والمشاركة في تلك المبادرة والحضور فيها أبرزها رئيس حزب المؤتمر عمرو موسى، ومؤسس التيار الشعبي المصري حمدين صباحي، ورئيس حزب الوفد السيد البدوي، وبالإضافة للعديد من المشايخ الكبار من أمثال الشيخ محمد حسين يعقوب، ومحمد حسان، ويتبني تلك المبادرة من القوى الثورية والشبابية: حركة تمرد وتكتل القوى الثورية واتحاد شباب الثورة والجبهة الحرة للتغيير السلمي، وحركة 6 إبريل. ومن جانبها قالت سارة كمال عضو اللجنة المركزية لحملة تمرد، إن أعضاءها كانوا من أولى المؤيدين لإطلاق مبادرة "مائدة لمّ الشمل الوطني"، وتأمل الحركة من تلك المبادرة تكوين أطول مائدة رمضانية بالتاريخ تبدأ من التحرير، وتصل إلى الاتحادية مرورًا بشوارع رئيسة مثل رمسيس وصلاح سالم يجتمع عليها المصريون، كل جمعة من الشهر الكريم، والغاية منها أن مجرد جلوس الفرقاء السياسيين على مائدة رمضانية كفيل بإزالة حالة رفض الآخر وإمكانية القبول بالجلوس معًا لمناقشة الأزمة من أبعادها المختلفة للوصول لتوافق وطني، يمثل بداية جديدة للثورة المصرية. فيما قال هيثم الخطيب المتحدث الإعلامي باسم اتحاد شباب الثورة: إنه يتوقع أن يستجيب البعض لهذه المبادرة من قوى التيار الإسلامي، لكون أجواء الشهر الكريم باعثة عن التوافق الإنساني، وإرساء أجواء من الود والحب والتفاهم والإيجابية بين الجميع. وأضاف، لابد أن يدرك الإخوان المسلمين أن مصر وطن للجميع، وسفينة يركبها المصريون جميعًا، مؤكدًا أيضًا أن الجميع أبدى استعداده للمشاركة والحوار السياسي بضوابط للوصول بهذا الحوار لحالة من النجاح السياسي، الذي يفيد مصر واستقرارها، قبل كل شيء. وأشار إلى أن هذا الجو من الود والحب هو ما تحتاج إليه مصر الآن، أكثر من أي شيء آخر. فيما اعتبر طارق الخولي المتحدث باسم حزب 6 أبريل، المبادرة دعوة إنسانية للمصالحة الوطنية قائلًا " لقد حان وقت البناء والتنمية أن يطوى الجميع صفحة العنف السياسي والخلاف وما خلفتها من دماء سالت على أرض الوطن. وناشد الشعب المصري أن يتكاتف ويشارك في المبادرة كخطوة نحو استقرار الأوضاع الداخلية. وأضاف أن القوى السياسية التي تتصدر المشهد الآن، ليس في نيتها اعتماد سياسة الإقصاء في التعامل مع الآخرين. كما أوضح: أننا نتمنى نجاح هذه المبادرة في لمّ شمل المصريين، ونريد من جميع القوى والأحزاب السياسية أن تُعلي من قيمة الوطن ومصلحته على المصالح الحزبية والفئوية، مطالبًا الجميع بعدم البحث عن أهداف الأحزاب أو القوى السياسية المختلفة بل تكاتف جهود الجميع من أجل مصلحة مصر أولاً. كما رحب أيضًا خالد المصري المتحدث باسم حركة شباب 6 إبريل الجبهة الديمقراطية بمبادرة مائدة لمّ الشمل الوطني، بهدف توصيل رسالة إلى العالم الخارجي أن الشعب المصري واحد، ولن يتم تفريقه أبدًا، وأنه على الرغم من اختلافنا في وجهات النظر، وفى رؤية مسار المشهد السياسي، إلا أننا سنظل يدًا واحدة ضد كل من يحاول أن يفرق بيننا. وأضاف أن حركه 6 أبريل ستقوم بالمشاركة بهذه المبادرة، وستقوم أيضًا بالتنظيم لموائد الإفطار اليومية طوال شهر رمضان كريم، ليس بالقاهرة فحسب، وإنما أيضًا داخل العديد من المحافظات، التي شهدت اشتباكات دموية وعنفًا سياسيًا خلال الأيام السابقة مثل محافظات: الإسكندرية والمحلة والمنصورة وغيرها. موضحًا أنه من المتوقع أن يستجيب بعض شباب الإخوان في تلك المبادرة إذا أعطيت لهم الطمأنينة السياسية، حتى يسهل دمجهم بالعمل السياسي من جديد. ومن جانبه قال محمد عطية عضو المكتب السياسي لتكتل القوى الثورية أن جميع المبادرات التي أطلقتها القوى الثورية استهدفت بالأساس محاولة لكسب شباب الإخوان المسلمين إليها، وقال أيضًا: من المفترض أن يقوموا بسحب الثقة من محمد بديع مرشد الإخوان، وإعلاء مصلحة الوطن، ولابد من عودتهم إلى الحياة السياسية من جديد، لكونهم شاركوا بقوة في ثورة 25 يناير، ولابد أن يكون لهم موقف مؤيد معنا؛ لتصحيح مسار تلك الثورة وتحقيق أهدافها. وتوقع عطية، إمكان أن ينشق عدد من شباب جماعة الإخوان المسلمين خلال الفترة المقبلة والاستجابة لهذه المبادرة الوطنية، إلا أن ما يؤخرهم حاليًا حسب رؤيته، أنهم أخذوا عهودًا على أنفسهم ومجبرين أن يتماشوا مع قيادة الجماعة؛ لأنهم ينتموا إليها عضويًا. كما طالب عطية أن يقوم شيخ الأزهر بشكل شخصي بتبني تلك المبادرة شكلاً وموضوعًا، وأن يقوم بدوره الديني الفعلي، ولا يكون مجرد مشارك ضمن مجموعة القوى السياسية، بل فعال فيها.