بينما ارتفعت لافتة كبيرة مكتوب عليها شعار "الحريات الإعلامية في موريتانيا"، فإن الصف الأول من الحاضرين كان يجلس به في صرامة عدد من الضباط والرتب العسكرية في الجيش والشرطة الموريتانيين. وفيما يكافح الصحفيون المصريون لإلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر، فإن موريتانيا البلد العربي الفقير في غرب إفريقيا، يحتفل بمرور عام على إلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر. وقد استضاف قصر المؤتمرات في العاصمة نواكشوط المؤتمر الثاني لنقابة الصحفيين الموريتانيين، تحت شعار: "الحريات الإعلامية في موريتانيا"، بحضور سياسيين وإعلاميين محليين وعدد من ممثلي الصحافة العربية والأجنبية. في كلمته أمام المؤتمر قال محمد يحيي، وزير الاتصال مع البرلمان، إن التنمية الحقيقية هي التي ترتكز على تعزيز الحريات الصحفية، متفاخرا بأن موريتانيا في صدارة الدول العربية الحريصة على تعزيز حرية الصحافة وفقا لمنظمة مراسلون بلا حدود. وأشار في هذا الصدد لإصدار قانون الدعم العمومي للصحافة الخاصة، وإلى إلغاء الحبس في قضايا النشر. أما الدكتور الحسين ولد مدو نقيب الصحفيين الموريتانيين فقد قال إنه حرص خلال توليه موقعه على رفع القيمة المهنية في مواجهة الاستقطاب السياسي، مؤكدا أن جهود نقابته ساهمت في تكوين لوبي يضم نوابا من البرلمان أغلبية ومعارضة لدعم حريات الصحفيين في موريتانيا، وهو ما ساهم في إلغاء عقوبة الحبس في جرائم النشر منذ عام. وأضاف ولد مدو، الذي ساهم في تأسيس النقابة سنة 2009، أن حرية الصحافة في موريتانيا خطت للأمام خطوات كثيرة. وأكد ولد مدو أنه لم يرشح نفسه مجددا لموقع النقيب في الانتخابات المقررة غدا الثلاثاء تاركا الفرصة للتنوع وأنه تم تنفيذ 42 دورة تدريبية للصحفيين الموريتانيين منذ نشأتها وحتى الآن. وقد ألقى هشام يونس، الأمين العام المساعد لنقابة الصحفيين المصريين، كلمة الوفود العربية، قائلا إن الصحفيين في العالم العربي في حالة بحث عن بوصلة الحريات في وقت يضيق فيه صدر الأنظمة عن تحمل الصحافة وما تكشفه من فساد متجذر في مجتمعاتنا. مؤكدا أن المؤتمر سيكون بداية تعاون مع النقابة الموريتانية، منتقدا في الوقت نفسه عدم تعاطي اتحاد الصحفيين العرب مع النقابة الموريتانية ومتجاهلا أنها عضو في الاتحاد الدولي للصحفيين. وقد أثار يونس جدلا في المؤتمر عندما لفت نظر الحاضرين لوجود ممثلين عن الجيش والشرطة الموريتانيين في الصف الأول من القاعة الكبرى بقصر المؤتمرات، متسائلا عن ملاءمة الحديث عن الحريات تحت سمع وبصر العسكريين والأمن متسائلا إن كانوا مع حرية التعبير وفق تعبيره. وقد علق عدد من المتحدثين على ملاحظة يونس التي أعجب بها الصحفيون الأجانب بينما تحفظ عليها عدد من الصحفيين الموريتانيين شارحين أن العسكريين هم من المكاتب الإعلامية في الجيش والدرك (الشرطة) وأنهم متعاونون مع الصحفيين في موريتانيا. وفي كلمته قال جابرييل باجلو، الممثل الإقليمي للاتحاد الدولي للصحفيين في إفريقيا، إنه راض عن الاستقلالية التي تتمتع بها نقابة الصحفيين الموريتانيين، وإن مكتب إفريقيا الموجود في داكار عاصمة السنغال يقوم بعدة نشاطات ويشارك فيها صحفيون موريتانيون، لكنه أكد أن مشاركتهم تبقى أقل مما يجب. ولفت باجلو أن موريتانيا رابطة وصل مهمة بين غرب وشمال إفريقيا وأن الصحافة الموريتانية شاركت بفاعلية في انتخابات الاتحاد الدولي وترك الكاتب الموريتاني محمد ولد السالم داه والصحفية راكي سي انطباعا رائعا كممثلين لبلادهما. إبراهيم خليل الله، نقيب الصحفيين السنغاليين، قال إن الحرية لايمكن ممارستها دون اهتمام بتكوين الصحفي وتدريبه، لأن من يساهمون في تشكيل الرأي العام لابد أن يتمتعوا بالحرية وبالمسئولية والاستقلالية، ويجب أن يتم ذلك مع مراعاة القوانين وحقوق الإنسان. وأضاف خليل الله: نحن في قرية كونية ومستعدون في نقابة الصحفيين السنغاليين لخلق روابط مع جميع نقابات الصحفيين لمكافحة كل من يريد أن يسيطر على الصحفيين ويعوق عملهم.