بدأت الحكومة المصرية تطبيق قانون الحد الأدنى والأقصى للأجور وهو المطلب الذى رفعته ثورة يناير في يومها الأول تحقيقا لمبدأ العدالة الاجتماعية. وبتطبيق القرار تخوف البعض من هجرة الكفاءات من المؤسسات التابعة للدولة وفى مقدمتها قطاعات حساسة مثل القطاع المصرفى والمالى وقطاع البترول، إلا أن خبراء اقتصاد مصريين قللوا من هذه التخوفات ، مؤكدين أن تطبيق الحد الأقصى للأجور لن يؤدي إلي هروب الكفاءات والخبرات النادرة من قطاعات رئيسية مثل البنوك والتأمين والبترول الذى تتقاضي بعض قياداته أجورا أعلي من الحد الأقصى. وتوقع د.محمود عبد الفضيل، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، ألا يؤدي تطبيق الحد الأقصى للأجور لهروب الكفاءات والخبرات النادرة من القطاعات الاقتصادية بالحكومة، إلي القطاع الخاص كما يردد البعض. وأضاف في اتصال هاتفي مع مراسل "الأناضول" للأنباء اليوم الأحد إن الحد الأقصى مطبق في البنوك منذ فترة وهو معقول جدا ، حيث يصل إلي 35 ضعف الحد الأدنى. وكان المرسى حجازي وزير المالية المصري قد أعلن في مؤتمر صحفي نهاية الشهر الماضي عن بدء تطبيق الحد الأدنى للأجر وألزم من يحصلون على الحد الأقصى من موظفي الحكومة والذى يعادل 35 ضعف الحد الأدنى بتقديم إقرار بالمرتب وشيك يعيد فيه ما زاد عن هذا الحد الأقصى الذى وضعته الدولة. ومن المقرر أن يبدأ الموظفون الذين يحصلون على الحد الأقصى للأجور تقديم إقرارات بأجورهم اعتبارا من الثلاثاء المقبل، على خلفية تطبيق الحد الأقصى للأجور على القيادة الإدارية بأجهزة الدولة بأثر رجعي من يناير الماضي. وقالت جيهان عبدالرحمن المفوض بأعمال رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة في تصريحات صحفية اليوم الأحد إن الحد الأقصى يطبق على العاملين المدنيين بالدولة والعاملين بالقطاع العام والهيئات العامة والقومية والخدمية والاقتصادية وذوي الكادرات الخاصة مثل الهيئات القضائية والرقابة الإدارية وهيئة التدريس بالجامعات والشرطة والجهاز المركزي للمحاسبات وقناة السويس والبنك المركزي المصري والبنوك العامة وأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي. أضافت أن الحد الاقصى للأجور، يطبق على الموظف سواء كان يشغل الوظيفة بشكل دائم أو مؤقت أو مستشاراً أو خبيراً أو في وظيفة قيادية. وتضمنت الموازنة الجديدة لمصر لعام 2013 – 2014 زيادة في أجور العاملين بالدولة الى 172 مليار جنيه مقابل 136 مليار في الموازنة الحالية 2012-2013 ، كما تضمنت بندا لتثبيت العمالة المؤقتة في وظائف دائمة مع نقل اعتماداتهم من أبواب الموازنة المختلفة الي الباب الأول علي بند "وظائف دائمة". من جانبه قال الدكتور فؤاد شاكر الخبير المصرفى والأمين العام السابق لاتحاد المصارف العربية: إن " مرتبات رؤساء البنوك الحكومية فى مصر تتخطي المعايير الدولية، حيث شهدت في السنوات الأخيرة قفزات كبيرة". أضاف في اتصال هاتفي مع مراسل " الأناضول" للأنباء اليوم الأحد " تطبيق الحد الأقصى للأجور سيعيد الامور إلي نصابها لتتوافق هذه المرتبات مع المعايير الدولية". وقال إنه لا يتوقع أن يؤدي تطبيق الحد الأقصى إلي هروب الكفاءات من البنوك الحكومية أو شركات التأمين أو قطاع البترول، لوجود استثناء للخبرات والكفاءات النادرة يحدده مجلس الشعب وفقا للدستور . وكان عصام شرف رئيس الوزراء المصرى الأسبق – أول رئيس وزراء بعد نجاح الثورة ورحيل مبارك في 11 فبراير 2011 – قد حدد الحد الأدنى للأجور ب700 جنيه بزيادة تصل إلى 250 جنيها عما كان مقررا في عهد مبارك، وبلغت تكلفة رفع الحد الأدنى في ميزانية الدولة نحو 7.2 مليار جنيه في موازنة العام الماضي. وكان هشام قنديل، رئيس الوزراء المصرى، قد قال في نوفمبر الماضي إن الحد الأقصى للأجور، يطبق علي جميع العاملين بالدولة بمن فيهم رئيس الدولة ورئيس الوزراء والوزراء وهو 35 مثل الحد الأدنى. وقال د.محمد جودة -عضو اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة إن تطبيق الحد الأقصى للأجور بداية حقيقية ومهمة من قبل الدولة لتحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع العاملين بالجهاز الإداري والهيئات التابعة للدولة، وهو هدف من أهداف الثورة المصرية . وأضاف في اتصال هاتفي مع مراسل الأناضول للأنباء اليوم الأحد، أنه حسب تصريحات وزير المالية السابق ممتاز السعيد، فإن تطبيق الحد الأقصى للأجور على الجهاز الإداري للعاملين بالدولة فقط سيوفر نحو 200 مليون جنيه تعادل 28.9 مليون دولار. وقال إن تطبيقه في الهيئات الاقتصادية والبنوك والقطاع العام سيوفر مبلغ أكبر من ذلك . وأضاف جودة لا يوجد حصر حول حجم العائد من تطبيق الحد الأقصى للأجور على الهيئات والمؤسسات التابعة للدولة وفقا لتصريحات وزير المالية السابق. وأوضح إن صعوبة إجراء هذا الحصر تعود، لأن الأجور في هذه المؤسسات كانت تشمل بدلات حضور جلسات ، وسفر، تصرف يدويا . وقال جودة القرار يعطى رسالة قوية للجميع بالداخل والخارج أن مصر تتجه إلى تطبيق العدالة الاجتماعية بين جميع المصريين، وأن هناك ضوابط حاسمة وعدالة تحكم من خلالها الدولة التعامل بين الجميع". وتوقع جودة إن لا يؤدي تطبيق الحد الأقصى لهروب الكفاءات للقطاع الخاص. وعن الاستثناء من تطبيق الحد الأقصى قال جودة: إن الدستور أتاح الاستثناء من تطبيق الحد الأقصى للأجور بموجب قانون يقره مجلس الشعب وهو ما يضمن الحيادية والموضوعية في الاستثناء. وأضاف قائلا هذا الاستثناء سيكون لوظائف وخبرات بعينها؛ حتى تستطيع الدولة الاستفادة من هذه الخبرات وفى القطاعات الحيوية وخوفا من أن تهرب إلى القطاع الخاص في ظل تقدير القطاع الخاص لهم، وهو ما يجعل الدولة تسعى للاستفادة من هذه الخبرات. وقرر أسامه كمال، وزير البترول والثروة المعدنية في فبراير الماضي، تطبيق الحد الأقصى للأجور علي الهيئات والشركات التابعة لقطاع البترول.