عدَّلت جامعة الدول العربية مبادرتها للسلام في الشرق الأوسط، التي كانت أطلقتها في 2002 بحيث أجازت فيها رسميا مبدأ تبادل أراض بين إسرائيل والفلسطينيين، وذلك برعاية أمريكية، في ما اعتبر مرونة رحبت بها أمس الثلاثاء الأطراف المعنية. ورحب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بالتغيير الذي أدخلته الجامعة العربية الاثنين على مبادرتها للسلام في الشرق الاوسط، مشيدا في لقاء مع الصحافيين بهذه "الخطوة الكبيرة جدا إلى الإمام". وأوضح الوزير الأمريكي أنه "بخلاف المقترح الأصلي الذي لم يشر إلا إلى خطوط 1967 فقط لا غير، قالت (الدول العربية) أمس إنها مستعدة للقبول بحدود 1967 مع تعديلات تترجم اتفاقا ثنائيا على تبادل أراض". وتابع "اعتقد أن هذا أمر مهم"، وذلك بعد مباحثات مع نظيره الأسباني خوسيه مانويل غارسيا مارغالو. بيد أن كيري الذي يعمل منذ توليه مهامه قبل ثلاثة أشهر على محاولة إحياء عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، حذر مجددا من أنه "لا يزال أمامنا الكثير، مما يجب القيام به والكثير من العقبات التي يتعين تجاوزها". أما كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات فراى في بيان "أن هذا ليس بالأمر الجديد" وأنه يعكس "الموقف الفلسطيني الرسمي". وذكر عريقات بأنه "في مقابل قبول إسرائيل بشكل لا لبس فيه حل الدولتين على أساس حدود 1967، فإن دولة فلسطين كدولة مستقلة يمكنها التفكير في إطار اتفاق على تعديلات طفيفة على حدودها مساوية في المساحة والنوعية في المنطقة الجغرافية ذاتها ولا تمس بالمصالح الفلسطينية". ورحبت إسرائيل أمس الثلاثاء بالموقف الجديد للدول العربية. وقالت وزيرة العدل الاسرائيلية تسيبي ليفني وهي المسؤولة عن ملف المفاوضات مع الفلسطينيين "هذه خطوة مهمة بالتأكيد وأرحب بها". وأضافت ليفني "لنتحدث عن ذلك -- نحن مستعدون للتغييرات وهو أمر سيسمح للفلسطينيين كما آمل، بدخول غرفة (المفاوضات) وتقديم التنازلات اللازمة". ورأت ليفني ان هذا "يعطي ايضا رسالة إلى المواطنين الإسرائيليين: لم نعد وحدنا. نتحدث مع الفلسطينيين وهناك مجموعة من الدول العربية تقول: توصلوا إلى اتفاق مع الفلسطينيين وسنصنع السلام معكم وسنطبع معكم". وفي بيان لاحق قال مسؤول إسرائيلي كبير "إن اسرائيل تلقت بارتياح التشجيع الذي قدمته الجامعة العربية ووزير الخارجية (الأمريكي) للعملية السياسية"، مضيفا أن "الجانبين سيكون بإمكانهما تقديم مواقفهما حين تبدأ المفاوضات"، رافضا ضمنا طلب الفلسطينيين وضع مرجعية للتفاوض خصوصا حدود 1967. وكانت المفاوضات السابقة حول الحدود تطرقت الى تبادل أراض ما يتيح لإسرائيل الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية الأكثر كثافة سكانية. وكان كيري اجتمع يوم الاثنين الماضي مع وفد اللجنة الوزارية لمبادرة السلام العربية برئاسة رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي. وقال الوزير الأمريكي للصحفيين إثر اللقاء "أكدت على الدور البالغ الأهمية للجامعة العربية في تحقيق السلام في الشرق الاوسط، ولا سيما عبر التأكيد مجددا على مبادرة السلام العربية" التي أطلقتها الرياض واعتمدتها القمة العربية ببيروت في 2002. من جهته قال رئيس الوزراء القطري أن "السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين هو خيار استراتيجي للدول العربية"، مشددا على وجوب ان يستند إلى "حل الدولتين على أساس خطوط الرابع من يونيو 1967" قبل احتلال اسرائيل للضفة الغربية بما فيها القدسالشرقية. وأكد رئيس الوزراء القطري دعمه لمقترحات الرئيس باراك اوباما حول "تبادل متماثل ومحدود للاراضي يتفق عليه" بين الاسرائيليين والفلسطينيين، ويعكس الواقع على الارض. وتقترح مبادرة السلام العربية على اسرائيل اقامة علاقات مع كافة البلدان العربية مقابل انسحابها من الأراضي الفلسطينية منذ يونيو 1967 وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية، بالاضافة إلى حل "عادل ومتفق عليه" لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس القرار 194 للجمعية العامة للأمم المتحدة. وبحسب النص الأساسي للمبادرة فهو لا يتضمن أي إشارة إلى مبدأ تبادل الأراضي. وكانت إسرائيل اعترفت "بالجوانب الايجابية" للمبادرة ولكنها لم تقبلها، وذلك جزئيا بسبب تضمنها حق العودة للاجئين الفلسطينيين. وكان كيري وصف في 9 من إبريل الماضي خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل والأراضي الفلسطينية مبادرة السلام العربية بانها "مساهمة هامة في الحوار"، موضحا ان المبادرة قد لا تكون ملائمة كاساس للمفاوضات "في صيغتها الحالية". وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس دعا في رسالة وجهها الى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في أبريل 2012 لاستئناف مفاوضات السلام على اساس حدود ما قبل 1967 مع "تبادل طفيف للاراضي بالقيمة والمثل"، بالاضافة إلى تجميد كامل للاستيطان في الضفة الغربيةالمحتلة. وفي وثائق تعود إلى مايو 2010، أكد الجانب الفلسطيني أنه يعتبر حدود 1967 أساس المفاوضات، ولكنه أشار إلى "الاستعداد للنظر في تعديلات طفيفة على الحدود على أساس تبادل للاراضي بنسبة واحد إلى واحد بنفس القيمة والمثل وفي نفس المنطقة الجغرافية".