في سابقة غير معهودة، ورغم عدائهم للولايات المتحدة، أجمع أعضاء قوى التيار الإسلامي على إدانة تفجيرات بوسطن، مؤكدين رفضهم لنهج القتل والتخريب كوسيلة للتعبير عن الرأي أو المعارضة السياسية، ودعوتهم لضرورة انتهاج سبل الحوار في حل المشاكل والخلافات السياسية أيا كان مبعثها. والسؤال هنا: هل أتى هذا الموقف كتعبير عن تطور طبيعي في سلوك وعقيدة قوى هذا التيار بعدما انخرط في العمل السياسي والديمقراطية، أم أنه استباق لمحاولة البعض داخل مصر تحديدًا إلصاق التهمة بإسلاميين من أجل دفع إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لتغيير موقفها من بقاء الإسلاميين في بلدان الربيع العربي وفي مقدمتهم مصر، كجزء من الحرب التي تشن على التيار الديني بشكل عام؟ من جانبه، أدان جلال مرة أمين حزب النور تفجيرات بوسطن، واعتبرها عنفا غير مبرر تحت أية حجة أو ذريعة سياسية. وفي الوقت نفسه، طالب المرة جميع القوى السياسية والإعلامية المصرية بعدم المزايدة على ما حدث في بوسطن، ومقارنته بما يحدث في مصر لأن بعض الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي المصري والتي تتزعم ما سماها الثورة المضادة لا تتعامل مع الأحداث الجارية في مصر كما تعاملت الحكومة الأمريكية والقوى السياسية الفاعلة بالمشهد السياسي الأمريكي، مشيرًا إلى أن البعض في مصر يروج لسياسة القتل والتخريب والفوضى بحجة التعبير عن الرأي، ثم بعد ذلك يدعون ادعاءات كلها كذب ومراوغة عن رفض هذا العنف. وطالب جلال مرة القوى السياسية بأن تتحد وتتحاور قبل أن يهجم على مصر طيور الظلام بزعامة المخربين الذين دمروا مصر في كل المجالات علي مدار الثلاثين عاما الماضية ولم يبقوا مجالا واحداً بدون تخريب. وأشار إلى أنه مهما ظهر هؤلاء المخربون في ثوب القوة لإيهام الشعب بمدى قوتهم وأن بأيديهم النهضة، فلن يستطيعوا إعادة عجلة الثورة إلى الوراء لأن الشعب المصري استرد قوته وعافيته وإرادته، ولن يرحمهم إن آجلا أو عاجلا. وتساءل أمين حزب النور: أين كانت تلك القوة خلال ال30 سنة الماضية، ولماذا لم تساهم في النهوض بالبلاد؟ مشيرا إلى أن هذه القوة كانت تستغل في تخريب وتجريف الوطن لحساب أعداء مصر. كما أدان التفجيرات رئيس حزب الوسط أبو العلا ماضي، واعتبر هذا الفعل عملاً إجراميًا، ووصف استخدام العنف والتفجيرات للتعبير عن مواقف سياسية بكونه ينتهك قدسية الحياة البشرية وطالب بضرورة عدم تعريض حياة المدنيين الأبرياء للخطر. وقدم الحزب تعازيه لأسر الضحايا والمصابين وللشعب الأمريكي كله. واعتبر عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، التفجيرات بمثابة عمل إجرامي، وقال عبر حسابه الشخصي على فيسبوك: إنه يأتي في سياق إعادة إنتاج حالة قديمة لن تعود ولن تنتج آثارها السلبية على الإسلام والمسلمين، مشيرا إلى تعاطفه مع أسر الضحايا والجرحى والشعب الأمريكي، وهو ما يدفعهم لقراءة هذا الحدث الخطير. إلا أنه استبق أي اتهامات للإسلاميين بوضع الأحداث في سياق موجة أكبر للعنف تجتاح العالم، من خلال تأكيده على أن بداية الأحداث تعود قبل ثلاثة أشهر حينما أرسلت فرنسا جنودها إلى مالي في حرب ضد تنظيمات قيل إنها تنتمي للقاعدة، وتوالت التفجيرات في سوريا بطريقة مريبة انحرفت عن مسار الثورة السورية العظيمة، وبدأت معها حملات التشويه، ثم عادت التفجيرات العنيفة لتطل بوجهها القبيح من جديد بالعراق مستهدفة حراكا سلميا يهدف إلى تصحيح واجب. رغم أن الهدوء النسبي عاد إلى الصومال، إلا أن التفجيرات العنيفة هزت العاصمة مقديشو من جديد، لتهتز ثقة الصوماليين برئيسهم وحكومتهم الجديدة، ويتعثر الاتفاق التاريخي بين أردوغان وزعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، والذي ينهى أشرس صراع إقليمي. وتساءل العريان: من الذي يزعجه التحولات الديمقراطية رغم صعوبة الانتقال من الاستبداد والفساد والفقر والكراهية والتعصب إلى الحرية والعدل والتسامح والتنمية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية؟ ومن هؤلاء الذين غرسوا الإسلاموفوبيا عبر الأبحاث والصحافة والإعلام؟ ومن الذي يمول العنف؟ واختتم: ستمضى مسيرة الشعوب العربية، وستنتصر إرادة الحق والعدل والكرامة، وستنتصر سوريا لتكتمل حلقات التحول الديمقراطي. ومن جانبه أدان أيضًا حزب الحرية والعدالة بكل قوة التفجيرات التي ارتكبت في ولاية بوسطن، وقدمه خالص التعازي للشعب الأمريكي ولأسر الضحايا، وتمنى الشفاء العاجل للمصابين. وقال الحزب في بيان له، إن الشريعة الإسلامية التي يتخذها حزب الحرية والعدالة مرجعا له ترفض رفضًا باتًا الاعتداء على المدنيين، ولا تقبل بأي حال من الأحوال ترويع الآمنين، بغض النظر عن دينهم أو لونهم أو جنسهم. وأوضح أن اعتداءات بوسطن الآثمة تؤكد ضرورة تكاتف المجتمع الدولي لتحقيق العدالة والحياة الكريمة لجميع الشعوب والمجتمعات؛ لضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم. وسار على نفس الدرب، طارق الملط من حزب الوسط الذي وصف تفجيرات بوسطن بكونها عملا دنيئا وإجراميا وفيه خسة وندالة، فقتل وترويع المدنيين الآمنين لا مبرر له، وصف كلمة أوباما بكونها كانت رائعة، ولم يستبق الأحداث ويلقي بالاتهامات على المسلمين والعرب. كما استنكر هشام النجار، عضو اللجنة الإعلامية لحزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، محاولات توجيه البعض تهمة انفجار بوسطن إلى التنظيم الجهادي، مطالبًا بإجراء التحقيقات والبحث والتحري والوصول إلى الجناة الحقيقيين قبل القذف بالتهم والتسرع في الاتهامات. وطالب بعدم استغلال أمريكا لهذا الحادث لإشعال الكراهية ضد المسلمين داخل أمريكا، مضيفًا أنه من ضروري على الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تحسن علاقاتها مع العالم الإسلامي وإقامة العدل بين الدول وإعادة الحقوق وإعلاء الكرامة الإنسانية للشعوب جميعها، منتقدًا ما قام به الرئيس الأمريكي أوباما فى زيارته الأخيرة لإسرائيل وخطابه الخطير هناك يدل دلالة واضحة على أن أمريكا لا تتعلم، وتعطى مساحة ومتنفسًا للفوضى ومبررًا للإرهاب. وأوضح النجار أنه مهما كانت الجهة التي تقف وراء هذه التفجيرات فهي مدانة، فقتل المدنيين عشوائيًا محرم، والاعتداء على الآمنين جريمة.