قال دبلوماسيون، إن مصر اقرتبت من التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن قرض بقيمة 4.8 مليار دولار لمساعدتها في أزمتها الاقتصادية، لكن مازالت هناك خلافات بشأن الشروط. وقد يسهم برنامج الصندوق في استقرار اقتصاد مصر خلال عملية التحول الديمقراطي الصعبة إثر الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، وهو ما يفتح الباب أمام مساعدات واستثمارات تصل إلى 15 مليار دولار، من شأنها تحسين مناخ الاستثمار في البلاد. غير أن دبلوماسيين وساسة يقولون إن الرئيس المصري، محمد مرسي، لم يقر بعد شروطا من بينها زيادات ضريبية وخفض الدعم مما كان سببا في وقف تنفيذ اتفاق سابق مع الصندوق في ديسمبر بعد أسبوعين من الموافقة عليه من حيث المبدأ. وقال عبد الله بدران، من حزب النور السلفي، عقب اجتماع مع وفد صندوق النقد الدولي، إن بعثة الصندوق أوضحت أنها مازالت تنتظر أن تطرح الحكومة خريطة طريق لإصلاح النظام الاقتصادي، وأن حوارها مستمر مع الحكومة للتعرف على هذه الخريطة. وشهد الاقتصاد تدهورا كبيرا وتضررت السياحة والاستثمار جراء القلاقل السياسية في أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان والتي يعيش أكثر من 40% من سكانها البالغ عددهم 84 مليون نسمة على أقل من دولارين يوميا. وزاد العجز المتوقع في الموازنة لنحو 11% في السنة المالية المنتهية، في يونيو، وتقلص احتياطي النقد الأجنبي الذي لم يعد يكفي لتغطية واردات ثلاثة أشهر، في حين تعاني البلاد من نقص الوقود. ويجري وفد الصندوق محادثات في القاهرة، منذ الرابع من أبريل، بشأن برنامج اقتصادي معدل يشمل إصلاحا تدريجيا لدعم الوقود الذي يلتهم 21% من الميزانية أو نحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي وفرض ضريبة مبيعات على عدد أقل من السلع مما جرى الاتفاق عليه في فترة سابقة. وصرح كل من وزير المالية ومحافظ البنك المركزي لوسائل إعلام محلية بأن المحادثات تسير على نحو طيب. ويقول الدبلوماسيون إنها ستختتم بشكل أو بآخر قبل عودة بعثة صندوق النقد الدولي إلى واشنطن يوم الثلاثاء. وقال دبلوماسي اطلع على ما دار في المفاوضات: "ننتظر إيضاحات من الرئاسة". وأحجم متحدث باسم الرئيس عن قول ما إذا كان مرسي قد أعطى الضوء الأخضر لإبرام اتفاق. ويقول دبلوماسيون إن جماعة الإخوان المسلمين تخشى من أخذ إجراءات مرفوضة شعبيا مثل زيادة الضرائب وأسعار الوقود قبل الانتخابات البرلمانية التي ينتظر أن تجرى في أكتوبر المقبل. غير أن حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للجماعة التي ينتمي لها رئيس البلاد، يعمل على إقرار مجلس الشورى ضرائب جديدة ترتبط على ما يبدو باتفاق الصندوق. ويتهم ساسة معارضون الحكومة بمحاولة فرضها دون طرحها على طاولة الحوار. وأثناء وجود بعثة الصندوق في القاهرة حصلت مصر على مساعدات غير مشروطة على ما يبدو من قطر وليبيا بلغت خمسة مليارات دولار تعينها على اجتياز الأشهر القليلة المقبلة. لكن أشرف العربي وزير التخطيط حذر المصريين الأسبوع الماضي من أن الحكومة ستضطر لإجراءات ترشيدية أكبر إذا لم يتم التوصل لاتفاق مع الصندوق. وتخشى الحكومة من حدوث اضطرابات نتيجة انقطاع الكهرباء خلال فصل الصيف الحار فضلا عن نقص الوقود والمواد الغذائية. وعقدت بعثة الصندوق، برئاسة اندرياس موير، اجتماعات مع مسئولين حكوميين وساسة معارضين في الأيام الماضية من أجل حشد تأييد واسع لتنفيذ إصلاحات الصندوق. وقال ساسة شاركوا في الاجتماعات إن ثمة قبولا واسعا للحاجة لقرض الصندوق لكن الاستعداد أقل لتقبل حتى الشروط الميسرة نسبيا المرتبطة به. وقال حمدين صباحي، زعيم التيار الشعبي، إن حركته ستؤيد أي قرض غير مشروط يدعم الاقتصاد المصري وطالب بعدم تحميل الفقراء والمزارعين والعمال والطبقة المتوسطة أي أعباء إضافية ورفض أن يملي الصندوق على الحكومة كيفية إنفاق الأموال. وقال صباحي، الذي احتل المركز الثالث في الانتخابات الرئاسية التي جرت العام الماضي في صفحته على موقع فيسبوك، إن التيار الشعبي لن يوافق على أي قرض يتضمن شروطا تشمل رفع الدعم على السلع الأساسية. وقال الدبلوماسيون إن الصندوق خفف الشروط مقارنة ببرامج إصلاح أخرى ويرجع ذلك جزئيا إلى حرص الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي أكبر مساهمي الصندوق على دعم مصر. وقال دبلوماسي بارز: "ثمة إحساس بأن مصر أهم من أن تنهار، المشكلة أن مصر تعلم ذلك وتعتقد أنه يمكنها استغلال الأمر لتفادي فرض شروط". وتظهر دراسات البنك الدولي وصندوق النقد أن المصريين الأثرياء هم الأكثر استفادة من دعم الوقود وليس الفقراء. وقالت كارولين فروند كبيرة اقتصاديي البنك الدولي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا :"توضح التقديرات أن 20% من الطبقة الأكثر ثراء في مصر تحصل على أكثر من نصف المبالغ التي تنفق على دعم الوقود". وربما يفسر ذلك صعوبة إصلاح الدعم إذ تحرص مجموعات المصالح القوية على حماية مكتسباتها.