قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إن نموذج المرأة في مصر القديمة لا يزال مصدر إلهام تتعلم منه سيدات العصر الحاضر. وأشارت، في تقرير بثته على موقعها الإلكتروني اليوم الخميس، إلى ما كانت تتمتع به المرأة بمصر القديمة من النفوذ وتقرير المصير بما لم يتمتع به غيرها في شعوب العالم القديم، بل وحتى في العديد من الأماكن اليوم. وأشارت إلى حقيقة يجهلها كثيرون وهي أن سكان مصر في العصور القديمة كان معظمهم من الرجال، أو على الأقل هذا ما تظهره المخطوطات الفرعونية التي يقتصر معظمها على نخبة من ذكور الملوك والكهنة والكتبة، فيما تظهر فيها المرأة كأقلية. وأعادت الصحيفة إلى الأذهان اكتشاف الإيطاليين بمدينة الأقصر عام 1906 لمقبرة سليمة لم تتعرض للنهب تعود إلى القرن ال 14 قبل الميلاد تضم جثتي زوجين محنطتين بالإضافة إلى مئات من متعلقاتهما الشخصية، مشيرة إلى أن عنوان المخطوطة الرسمية للمقبرة يقول (مقبرة المهندس المعماري "خا" بجبانة طيبة) مما يجعل المرء يظن أن المقبرة لا تحتوي إلا على جثة الزوج فقط، دون أي ذكر لاسم الزوجة "ميريت". وقالت إن البعض قد يظن أن الطريقة التي عومل بها اسم "ميريت" -بحيث لم يكد يكون مرئيا- تدل على مكانة المرأة بالمجتمع المصري القديم كما هو الحال في العصر الحاضر، ولكننا ولا شك بصدد الحديث عن حقبة زمنية طويلة، ففي الألفية الخامسة قبل الميلاد كانت مقابر النساء أكثر اتساعا من مقابر الرجال وأكثر اشتمالا على مختلف أنواع الأدوات، وبحلول الألفية الثالثة قبل الميلاد، كانت مقابر ملكات مصر الأوليات تعادل في اتساعها مقابر الفراعنة من الملوك الذكور. وأشارت الصحيفة إلى ما كشف عنه العديد من الأبحاث عن الملكة حتشبسوت -التي امتدت فترة حكمها زهاء 20 عامًا- من لجوئها إلى التنكر في زي رجل للاستيلاء على الحكم من الوريث الشرعي، مضيفة أن حتشبسوت بحسب هذه الرواية تشذ عن سابقاتها من الملكات مثل ميرنيث وخنتكاوس وغيرهما وكذلك عن لاحقاتها من الملكات مثل نفرتيتي وتاوسرت، بالإضافة إلى ملكات الأسرة البطلمية ومن بينهن كليوباترا العظيمة التي نظرت إليها رعيتها كما لو كانت ملكًا ذكرًا، كما استطاعت لفترة وجيزة من الزمن محو التسلسل الهرمي للحكم القائم على أساس النوع. وقالت "الجارديان" إنه مما لا شك فيه إن المصريين القدماء مختلفون عن بقية شعوب العالم القديم، مستشهدة بقول المؤرخ اليوناني هيرودوت "إن المصريين فيما اختاروا لأنفسهم من سلوكيات وعادات قد خالفوا مألوف ممارسات بقية الشعوب الإنسانية". وأشارت الصحيفة في الختام إلى مشاركة المرأة المصرية القديمة للرجل في كافة مجالات الحياة العامة كالزراعة وصناعة الخبز وفي البيع والشراء بل وحتى في توجيه وقيادة سفن البضائع، هذا إلى جانب اضطلاعها بأدوار الأنثى الطبيعية كالزوجة والأم.