قال مسؤولو معارضة وشهود إن طلبة اشتبكوا مع الشرطة في مدينتين بشمال السودان في احتجاج نادر الحدوث على ارتفاع الأسعار في أكبر الدول الأفريقية مساحة، حيث يجري الجنوب المنتج للنفط استفتاء على الانفصال. ونظم طلبة احتجاجات في جامعتي الخرطوم والجزيرة في قلب المنطقة الزراعية بالشمال أمس الأربعاء بسبب خفض مقترح في الدعم الحكومي لمنتجات البترول والسكر وهما سلعتان استراتيجيتان في السودان. ويجيء ذلك في وقت بالغ الحساسية من الناحية السياسية لحكومة الرئيس عمر حسن البشير الذي قد يفقد سيطرته على الجنوب بعد الاستفتاء والذي يجري في إطار معاهدة عام 2005 لإنهاء الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب. كما ارتفعت أسعار مواد أخرى نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية لمواد الغذاء وانخفاض في قيمة العملة المحلية. وفي جامعة الخرطوم قال طالب إن الشرطة ضربت عشرات الطلبة الذين تظاهروا احتجاجا على ارتفاع الأسعار، وأصيب خمسة بجروح طفيفة، وألقي القبض على عدد غير محدد. وقال الفاضل علي وهو طالب يدرس الصحافة "قوات الأمن كانت موجودة بالفعل هناك ولها وجود قوي جدا جدا.. إنهم يخشون أن يؤدي ذلك إلى ثورة". وقالت شذى عثمان عمر من الحزب الديمقراطي الوحدودي المعارض في الجزيرة إن عدة أشخاص أصيبوا خلال اشتباكات بين الشرطة والطلبة المحتجين في الشوارع. وأضافت أن الشرطة ضربتهم بالعصي وألقت القبض على ثلاث طالبات. ولم يتسن على الفور الاتصال بمتحدث باسم الشرطة للتعقيب على هذه الأنباء. وتشهد الجزائر وتونس اشتباكات شديدة بين الشرطة والمتظاهرين الذين يحتجون على صعوبات اقتصادية والتي ترقبها عن كثب دول أخرى في شمال افريقيا وفي أنحاء الوطن العربي والتي من الممكن أن تؤدي لاضطرابات اجتماعية. وتتعرض الحكومة في الخرطوم لضغوط هائلة بسبب الاستفتاء. ونشر السودان نحو 17 ألفا و500 فرد من الشرطة لتأمين عملية التصويت في الشمال حتى على الرغم من أن عددا محدودا من أبناء الجنوب يدلون بأصواتهم هناك. وقال السياسي المعارض ياسر عرمان إن الأمر لا يتعلق بالاستفتاء لأنه ليس هناك استفتاء في الشمال تقريبا بل إن هذه الإجراءات تهدف إلى حماية الحكومة من الاحتجاجات الاجتماعية بعد ارتفاع الأسعار. وأضاف أن الشمال يشعر بأن الحكومة خانت كل أحلامه في ميلاد مجتمع جديد ووجود مسار مختلف كان من الممكن أن يحافظ على وحدة السودان. ومنعت الشرطة تعبير المواطنين عن حزنهم بعد عدة مظاهرات ضد الاستفتاء ومنعت أيضا مسؤولي المعارضة من اجراء مقابلات تلفزيونية على الهواء. ومن ناحية أخرى أرسلت جماعة لم تكن معروفة قبل ذلك في ولاية سنار بوسط البلاد بيانا لصحيفة محلية تقول فيه إنها أحرقت خمسة آلاف فدان من قصب السكر احتجاجا على السياسات "الفاسدة" للحكومة المركزية. وقالت الجبهة الثورية لأبناء الإقليم الأوسط إنها تمثل المزارعين الشبان في البيان الذي اطلعت عليه رويترز لكن لم يتسن التحقق من هوية هذه الجماعة. وذكرت شركة السكر السودانية المملوكة للدولة أن حريقا شب في حقولها في سنار لكنها قالت إنها لم تفقد سوى 200 فدان وإن المحصول كان قد تم جنيه بالفعل. وقال بكري محجوب المدير العام للشركة لرويترز إن هذا الكلام مبالغ فيه وإن المنطقة المحروقة صغيرة. وأضاف أن أشخاصا هم حاليا رهن احتجاز الشرطة هم الذين أقدموا على هذا الفعل. وستسعى الخرطوم لتعزيز سلطتها بمجرد انفصال الجنوب. وانسحبت من محادثات سلام لحسم التمرد القائم منذ ثماني سنوات تقريبا في منطقة دارفور غربا. وتصاعد القتال مع المتمردين. وامتدت تلك الاشتباكات إلى ولاية كردفان المجاورة وترغب الخرطوم في إخماد أي شكل من أشكال المعارضة إلى حين انتهاء الاستفتاء وعملية الانفصال المعقدة في الجنوب. وتوجد شكاوى مشتركة بين المتمردين في كافة المناطق السودانية وهي أن الحكومات المتعاقبة في الخرطوم لم تتمكن من تطوير مناطقهم أو نشر التعليم والثروة.