يظن بعض المتشددين، أن الإسلام لا يهتم بالآثار وحضارات الأمم السابقة، بل يعتقدون أن الآثار القديمة في نظر الإسلام ما هي إلا أصنام، وجب هدمها وتدميرها حسب عقولهم الضيقة، وهم في ذلك واهمون. موضوعات مقترحة «وابورات المطاعنة».. كيف جلب الخديو إسماعيل مياه النيل إلى وادي الجن؟| صور «من كليلة ودمنة إلى عقلة الأصبع».. حكاية الأدب الجغرافي للأطفال بين الماضي والحاضر| صور جرائم المجتمع قبل 90 عاما.. تعرف على أغرب القضايا من أرشيف الصحافة المصرية| صور علماء الشريعة والدين الإسلامي قدموا كتابات مهمة ودافعوا عن الآثار المصرية، بل رفضوا أن تمتد يد الفساد للأهرامات وأبو الهول، وهذا ما تكشف عنه «بوابة الأهرام» في تقريرها التالي، التي تنشر صورًا فوتوغرافية لموطن الشيخ الذي دافع عن الآثار. الباحث التاريخي عمر محمد الشريف أكد ل «بوابة الأهرام» أن أهم علماء الدين ومن صنف في أسرارها عالم من الأدارسة، بل كان من أوائل العلماء الذين اهتموا بآثار مصر القديمة، وله العديد من المؤلفات منها، "أنوار علوي الأجرام في الكشف عن أسرار الأهرام"، والذي ألفه بين عامي 623ه و 628ه في عصر الملك الكامل الأيوبي، وقد وُلد في صعيد مصر بقرية فاو، والتي تضم الكثير من المقامات والآثار في زماننا منها مقام الشيخ الفاوى الذي كان قريبا للإدريسي والذي قدم للقرية من قرية فاو بشط العرب بالعراق واستوطنها منذ القدم . والإدريسي، هو الحافظ المحدث الإمام الشريف أبو جعفر جمال الدين محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحيم بن عمر بن سليمان بن الحسن بن محمد بن إدريس أبي المعالي بن يحيى المعتلي الحمودي الإدريسي الفاوي، المولود في فاو بالصعيد في يوم الجمعة 27 رمضان سنة 568ه، والمنوفي في يوم الاثنين 22 صفر سنة644ه بالقاهرة المُعزية، بحسب ما ورد عن المؤرخ المقريزي، وقيل سنة 649ه، وقد وُلد في قرية فاو بدشنا التي تتبع الآن محافظة قنا بصعيد مصر ويوضح عمر محمد الشريف أن الكتاب من أهم الكتب العلمية عن تاريخ الأهرام، وقد جمع فيه ما تفرق من أخبار الأهرام في كتبه التي صنفها مثل كتاب "الجوهرة التيمية في أخبار مصر القديمة"، وكتاب "مطلع الطالع العيد في أخبار الصعيد" وكتاب "الأدوار والفترات، وقد أراد أن يجعل كل ذلك في كتاب منفرد يرجع في أخبارها إليه وتعتمد النقلة لإثباتها في النقل عليه، فكان الكتاب في 7 فصول ناقش فيها: الطريق إلى الأهرام، وسبب بناء الأهرام، ومتى تم بناؤها، والوظائف المرتبطة ببنائها، والذين زاروا الأهرام، وقد أعاد المعهد الألماني للأبحاث طبع الكتاب بتحقيق ألريش هارمان عام 1991م". و يذكر الفاوى في بداية كتابه: "الحمد لله الذي جعل ما أبقاه من مشيد الأعلام ، وشواخص المعالم والآثار ، صحفا نواطق وإن كانت صوامت بالعبر لأولي الاعتبار"، ويقول أيضاً: "وأذكر فيما أذكر من أخبار الزمان، وحديث حوادث الحدثان، أنتي اجتزت مع أبي - رحمه الله - ببربا الأقصر البحرية، متوجهين نحو شامة وطامة من النواحي القبلية (الضفة الغربية للأقصر)، ويد التخريب لم تأت بعد من تلك الربا على ما أبقته الليالي والأيام من رسومها، ولم تمح ألواح جدرانها خطوط رقومها وهي من أكبر البرابي ساحة وأوسعها، وأعلاها جدرانا وأرفعها، فما راعني بها غير أموال حجارها تحت معاول الحجارين، وقد كادت صورها المهولة لهول ما نزل بها تبدي لنا الحنين والأنين. فقال : "انظر يا بني لما بنته الفراعنة، كيف تهده الصناعنه. ولا آسي ولا آسف إلا على فساد ما ينقله المستبصرون عنها ويعتبره المعتبرون منها، ولو كان لي من الأمر شيء ، ما مكنت هؤلاء الجهلة من خرابها، وأي حكمة تذهب من الأرض بذهابها ! . . ولقد وطئت خيل الصحابة رضي الله عنهم - هذه الأرض، وجالت في هذه البلاد، ورأت أعين القوم هذه الأبنية، وما امتدت أيديهم لها بالفساد، بل تركوها عبرة لمعتبر مستبصر وتذكرة لخبير مستخير". ويستشهد الإدريسي بحادثة لجده الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه، لما خرج إلى صفين حيث مر ببقايا المدائن وإيوان كسرى، فتمثل رجل من أصحابه بأبيات من الشعر يستهزأ بالآثار فنهاه الأمام على رضي الله عنه وأرضاه. ويوضح عمر محمد الشريف إنه اعتبر الإمام علي بن أبي طالب وأصحابه أنفسهم ورثة لهذا التراث، ولم يهدموه، هكذا كان إدراك الإدريسي وجده الإمام علي لقيمة الآثار الباقية من القرون الخالية، وهذا ما نطلق عليه الوعي الحضاري في القرن الواحد والعشرين ويروي الإدريسي في كتابه قصة عالمًا مغربيًّا غضب من تلميذ نابغ عنده كان قد ذهب للحج، ولم يقم بزيارة أهرام مصر ووبخه وطرده من مجلسه قائلاً: "أخسس بهمة لطالب علم وحكمة لا يثير من عزمه لرؤية مثلها ساكنًا، ولا يهيج من تشوقه وتشوفه إلى معاينة ما يمكنه معاينته من عجب كامن"، يقول التلميذ: "فرحلت على الفور إلى مصر لا لغرض أرمي إليه عن قوس المرام، سوى رؤية الأهرام".