نبيلة مكرم تروي قصة رؤيتها للسيدة العذراء أثناء توجهها لحضور محاكمة ابنها (فيديو)    أوكرانيا.. تأهب في كييف بعد هجوم روسي بطائرات مسيرة وصواريخ    حريق محدود بورشة رخام في جهينة دون إصابات    في لحظة عائلية دافئة.. محمد رمضان يُطفئ شموع عيد ميلاده مع أولاده (فيديو)    استشهاد 75 بغزة منذ فجر الجمعة جراء القصف الإسرائيلي    هزة أرضية بقوة 3 ريختر تضرب جزيرة كريت في اليونان    اليونيسف: إنشاء كيانات جديدة لإغاثة غزة إهدار للموارد والوقت    «مش شبه الأهلي».. رئيس وادي دجلة يكشف رأيه في إمام عاشور    تعاون شبابي عربي لتعزيز الديمقراطية برعاية "المصري الديمقراطي"    بعد تدخل المحافظ، "ترانس جاس" تكشف حقيقة تسرب الغاز بكفر الشيخ    نجاح مركز طب وجراحة العيون بكفر الشيخ في إجراء جراحة دقيقة لزراعة طبقية قرنية    رابط نتيجة الصف الأول الثانوي الأزهري الترم الثاني 2025.. رابط مباشر وخطوات الاستعلام    رابط نتيجة الصف الأول الابتدائي بالقاهرة 2025 وخطوات الاستعلام عبر بوابة التعليم الأساسي    حملات أمنية لردع الخارجين عن القانون في العبور| صور    ضبط 2.5 طن أعلاف مخلوطة بالقمح المحلي في التل الكبير بالإسماعيلية    اليوم.. نظر دعوى الفنانة انتصار لزيادة نفقة أبنائها    اليوم| أولى جلسات محاكمة «القنصل» أكبر مزور شهادات جامعية و16 آخرين    أسماء المقبولين بمسابقة 30 ألف معلم.. تعليم الشرقية تعلن النتائج    نشرة التوك شو| الاتحاد الأوروبي يدعم مصر ماليا بسبب اللاجئين.. والضرائب تفتح "صفحة جديدة" مع الممولين    خبيرة أسرية: البيت بلا حب يشبه "بيت مظلم" بلا روح    الفيلم الفلسطينى كان ياما كان فى غزة يفوز بجائزة أفضل ممثل بمهرجان كان    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    حرب شائعات.. المستشار الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي معلومات مغلوطة بشأن تصدير المانجو    حلمي طولان: تراجعنا عن تعيين البدري مدربًا للمنتخب لهذا السبب    الضرائب: أي موظف يستطيع معرفة مفردات المرتب بالرقم القومي عبر المنظومة الإلكترونية    النسخة الأفضل مِنكَ    واشنطن ترفع العقوبات عن موانئ اللاذقية وطرطوس والبنوك السورية    اليوم.. منتدى القاهرة ل«التغير المناخى» يحتفل بمرور 100 عام على فعالياته بين مصر وألمانيا    استشارية أسرية: الحب مجرد تفاعل هرموني لا يصمد أمام ضغوط الحياة    تعرف على نتائج المصريين فى اليوم الثانى لبطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    أسماء المقبولين في مسابقة 30 ألف معلم الدفعة الثالثة بالشرقية (مستند)    سعر الذهب اليوم السبت 24 مايو محليا وعالميا بعد الارتفاع.. بكام عيار 21 الآن؟    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 24 مايو 2025    وزير الزراعة: صادرات مصر الزراعية إلى السعودية تتجاوز 12% من إجمالي صادراتها للعالم    ترامب والشرق الأوسط.. خطط مخفية أم وعود حقيقية؟!    الأرصاد الجوية: طقس الغد شديد الحرارة نهارا والعظمى بالقاهرة 37 درجة    مصر تعيد 71 مواطنا مصريًا من ليبيا    وفاة 3 شباب إثر حادث سير أليم بكفر الشيخ    وول ستريت تهبط بعد تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبى    بالأسماء.. «تعليم الإسكندرية» تعلن قائمة المقبولين بمسابقة ال30 ألف معلم    ننشر أسماء المقبولين في وظيفة «معلم مساعد» بالمنوفية| صور    إسقاط كومو لا يكفي.. إنتر ميلان يخسر لقب الدوري الإيطالي بفارق نقطة    "الظروف القهرية يعلم بها القاصي والداني".. بيراميدز يوضح تفاصيل شكواه للمحكمة الرياضية بشأن انسحاب الأهلي أمام الزمالك    عمرو أديب: الناس بتقول فيه حاجة مهمة هتحصل في البلد اليومين الجايين (فيديو)    بعد وفاة زوجها.. كارول سماحة لابنتها: هكون ليكي الأمان والسند والحضن لآخر لحظة من عمري    "الثقافة" تصدر "قراءات في النقد الأدبي" للدكتور جابر عصفور    يوريشتش يستقر على تشكيل بيراميدز أمام صن داونز.. يجهز القوة الضاربة    صلاح سليمان: مباراة بتروجت مهمة للزمالك لاستعادة الانتصارات قبل نهائى الكأس    نابولي يهزم كالياري بهدفين ويحصد لقب الدوري الإيطالي    نصائح لتجنب الارتجاع المريئي، و7 أطعمة تساعد على تخفيف أعراضه    ارتفاع حالات الحصبة في الولايات المتحدة وسط مخاوف من انتشار واسع    أخبار × 24 ساعة.. حصاد 3.1 مليون فدان قمح وتوريد أكثر من 3.2 مليون طن    وفقا للحسابات الفلكية.. موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2025    ما حكم الكلام فى الهاتف المحمول أثناء الطواف؟.. شوقى علام يجيب    انطلاق امتحانات العام الجامعي 2024–2025 بجامعة قناة السويس    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    خطيب المسجد النبوى يوجه رسالة مؤثرة لحجاج بيت الله    بحضور انتصار السيسي، "القومي لذوي الهمم" ينظم احتفالية "معًا نقدر"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النقوش الهيروغليفية تتجلى في المنشآت الإسلامية بقاهرة المعز
نشر في نقطة ضوء يوم 21 - 01 - 2019

تشكل دراسة الباحثة المتخصصة في دراسة الآثار الإسلامية وتاريخ العمارة المصرية د. رضوى زكي، "العناصِرُ المعْماريةَّ الفِرْعَوْنِيةَّ المسْتَخْدَمَة في آثار القاهِرَة الإسلاميةَّ" الصادرة عن مؤسسة بتانة الثقافية للنشر، المحاولة الأولى لإصدار دراسة عربية وافية عن العناصِرُ المعْماريةَّ الفِرْعَوْنِيةَّ المسْتَخْدَمَة في آثار القاهِرَة الإسلاميةَّ من منظور "العمارة الإسلامية". تلك العناصر المعمارية التي كانت يومًا جزءًا من الآثار المصرية القديمة، ثم استمرت تؤدي دورًا وظيفيًّا فاعلاً في العديد من العمائر الإسلامية، وكأنها شاهد صامت على تعدد وتعاقب الحضارات والأديان على أرض مصر.
ترى د. رضوى زكي أنه بدخول المسلمين لأرض مصر عام 21ه/642 وانفتاحهم على حضارتها القديمة، ومع الرغبة التي ثارت في نفوسهم للتعرف على علوم الأقدمين ومعارفهم بوجه عام، كان أمرًا مألوفًا أن يدفع ذلك نحو اتجاهين متوازيين ومتلازمين، بل في الحقيقة اتجاه واحد ذو وجهين؛ وهو التفاعل مع التراث المصري القديم الذي وجده العرب والمسلمون نصب أعينهم في مصر، سواءٌ أكان هذا التراث معماريًّا، مثل آثار مصر القديمة كالأهرامات والمعابد والتُحّف والعناصر المعمارية، أم التراث الكتابيّ المدون والمنقوش على تلك الآثار، ويتمثل في الكتابة المصرية القديمة.
وقد شغل هذا التراث أذهان المسلمين ودفعهم إلى التفكير فيه، بجانب التفكّر في مصير الأمم السابقة وآثارهم، والاعتبار من فناء من شيّد عظيم البنيان، كما حث على ذلك القرآن الكريم "أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ".
وتوضح "لما كانت الحضارة المصرية القديمة حضارة عظيمة، ذات تراث معماري هائل، فقلما وُجد أثر - ثابت أو منقول - دون أن يحمل نقشًا كتابيًّا، وبالأخص بالخط الهيروغليفي؛ فكان ذلك أبرز الأسباب التي أثارت دهشة العرب المسلمين على مدار قرون طويلة، وأوجدت شغفًا شديدًا بالآثار المصرية القديمة، ودفعت بعض العقول إلى إيجاد تفسيرات سحرية وأسطورية؛ نتيجة عدم القدرة على فهم تلك الكتابات ذات الأشكال التصويرية، ومن ثم كان أحد الأسباب الأساسية لإعادة استخدام بعض الآثار المصرية المنقولة في المنشآت الإسلامية، مع الاحتفاظ بنقوشها الكتابية الهيروغليفية وعدم المساس بها، وهو ما يتضح على صفحات هذا الكتاب".
وتؤكد رضوى زكي أن مصر القديمة وحضارتها وتراثها الأثري احتلت مكانة بارزة في نفوس العرب في العصور الوسطى، وتشهد بذلك الصفحات والمخطوطات التي أفردها الرحّالة والمؤرخون والجغرافيون في مؤلفاتهم للحديث عن مصر، ومحاسنها وتراثها وعجائبها الذي احتلت فيه مصر القديمة وحضارتها النصيب الوافر. كما نستدل باستخدام المسلمين للعناصر المعمارية الفرعونية في منشآتهم الإسلامية على اختلاف أنواعها ووظائفها إلى وجود صلة ورابط بين تراث مصر القديمة وحاضر مصر الإسلامية.
وتشير إلى أن المتأمل في الحركة العلمية والثقافية في مصر الإسلامية يجد في خضم الإنتاج الفكري الغزير في العصور الوسطى، وبالأخص نهاية العصر الأيوبي وخلال العصر المملوكي، بعض أئمة الإسلام البارزين أمثال الإمام شيخ الإسلام الحافظ جلال الدين السيوطي (ت. 911ه/ 1505) صنّف مؤلفًا مفردًا يختص بذكر أهرام مصر، وهو مخطوط «تُحفة الكرام بخبر الأهرام»، وقد سبقه في ذلك المؤرخ والمحدّث المصري الشريف أبو جعفر الإدريسي (ت. 649ه/1251) في كتابه الفريد من نوعه، الذي اختصه لدراسة كل ما يتعلق بالأهرام وأسماه "أنوار علويّ الأجرام في الكشف عن أسرار الأهرام". وهو ما يعكس وجود وعي مجتمعيّ، لا يشمل حماية تلك الآثار القديمة، ومحاولة الوقوف بوجه من يدعو إلى تخريبها أو العبث بها وحسب؛ بل دراسة تلك الآثار دراسة متعمقة، متأنية وواعية، وعيًا نابعًا من تقبل علماء المسلمين لتراث مصر القديمة؛ أي تقبل الآخر المختلف في الدين والعقيدة وهو ما لا نجده اليوم في راهننا المعاصر.
وتلفت زكي إلى أن الدراسات العديدة التي عالجت العلاقة بين حضارة مصر القديمة وتراثها الأثري في فترة العصور الوسطى لم تستطع التحقق من مدى الاهتمام الصادق بشؤون مصر القديمة عند المسلمين في العصر الوسيط، بين رفض فئة من المتعصبين للتراث الأثري المصري القديم ونبذه، وفئة أخرى تنظر للآثار المصرية باعتبارها غنيمة يسيرة وبوابة للثراء والتكّسب السريع، وفئة ثالثة سادت أفكارها الشعبية في الاعتقاد بالقوى السحرية المرتبطة بالآثار القديمة ونقوشها المطلسمة.
والأجدر إشارةً تسليط الضوء على بعض عقلاء علماء المسلمين ممن أدركوا أهمية وجود الآثار المصرية، وسعوا لتسجيل مواقفهم الرافضة لبعض الأفعال المشينة التي شاهدوها بأعينهم مثل عبداللطيف البغدادي، وأبو جعفر الإدريسي الذي نستشهد ببعض سطور مؤلفه أنوار علويّ الأجرام الذي دونه بنهاية العصر الأيوبي حين ذكر بأسى ما رآه من تخريب بربا الأقصر قائلا: "انظر يا بنيّ لما بنته الفراعنة، كيف تهده الصفاعنة. وما آسى ولا آسف إلا على فساد ما ينقله المستبصرون عنها ويعتبر به المعتبرون منها، ولو كان لي من الأمر شيء، ما مكنت هؤلاء الجهلة من خرابها. وأيّ حكمة تذهب من الأرض بذهابها! ولقد وطئت خيل الصحابة رضى الله عنهم – لما توجهوا إلى غزو النوبة بعد فتح مصر - هذه الأرض وجالت في هذه البلاد، ورأت أعين القوم هذه الأبنية، وما امتدّت أيديهم إليها بالفساد، بل تركوها عبرةّ لمعتبرٍ مستبصر، وتذكرة لخبيرٍ مستخبر".
يقع الكتاب في 234 صفحة من القطع المتوسط، ويشتمل على مقدمة تتناول العناصر المعمارية الفرعونية المستخدمة في آثار القاهرة الإسلامية، وثلاثة فصول. ويأخذ الكتاب القارئ في رحلة عبر مسارات محددة للزيارة، بالاستعانة بمجموعة من الخرائط لتتبع الآثار الإسلامية التي دخل في بنائها عناصر معمارية فرعونية، مع تحديد مواقع تلك الآثار عليها؛ ليتمكن القارئ بواسطة هذا الكتاب من تفقّد تلك الآثار الإسلامية بسهولة، مستعينًا بالخرائط المرفقة، وبمصاحبة الصور الفوتوغرافية القديمة والحديثة، لاقتفاء أثر العناصر المعمارية الفرعونية الباقية بالمنشآت الإسلامية بمدينة القاهرة، هذه المدينة العريقة والعتيقة بتاريخها وتراثها الأثري المصري القديم والإسلامي؛ حيث تقع مدينة القاهرة بتراثها المعماري الإسلامي البارز بين الأنقاض الأثرية لمدينتي منف وعين شمس القديمتين.
وتتميز تلك الدراسة بالاعتماد بصورة أساسية على اللوحات، سواء أكانت صورًا فوتوغرافية للآثار محل الدراسة، أم لوحات من عصور مضت تضمنت إشارة إلى ما وصفه الرحّالة أو المستشرقين، مرسومة بريشة بعض الرحّالة أو المستشرقين أو علماء الحملة الفرنسية، تعكس ما وقعت عليه أعينهم خلال فترات تاريخية مختلفة من تاريخ مصر العربية، ليكون من اليسير على القارئ الربط بين ما جاء مصورًا وما جاء مدونًا في هذا الكتاب، والتي يتضح من خلالها وجود العناصر المعمارية الفرعونية في عمائر القاهرة الإسلامية، ومواضعها وأشكالها؛ فالصورة أبلغ وسيلة تنطوي من خلالها رسالة تصويرية مفادها أن تلك العناصر المعمارية الفرعونية كانت جزءًا من الآثار الإسلامية بمدينة القاهرة، تتمتع بخصوصيتها وأهميتها طالما بقيت تلك الآثار قائمة.
وبذلك يقدم هذا الكتاب للقارئ والباحث مظهرًا مهمًّا للاتصال بين مصر القديمة ومصر الإسلامية، لم يقتصر على ما جاء من روايات وأساطير في المصادر التاريخية والجغرافية والأدبية؛ بل بات ممثلاً في ممارسة ما زالت آثارها باقية إلى اليوم، شاهدةً على محاولات المسلمين للتعرف على آثار الحضارة المصرية القديمة وعمارتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.